شادي السعد اليوم ما فارق تفكيري حتى وأنا بالشغل. قابلت شادي اول مرة بسنة ٢٠٠٢. بأول اسبوع الي بثانوية اليرموك. هاي الثانوية اللي كانت تعتبر مرتع الزعران مقارنة بباقي ثانويات دمشق وبنفس الوقت خرجت عدد ما لا يستهان فيه من المثقفين والمتعلمين. كان اللقاء بالأسبوع الاول وكان همي الاساسي بهاد الاسبوع هو افتعال مشكلة مع أيٍ كان، وبأسرع وقت ممكن لأنها طريقة المخيم المجربة لكسب الاحترام في هيك مواقف. وشاءت الصدفة انو يكون شادي هو هاد الشخص اللي رح يعطيني درسين عطريقتو، وطريقة المخيم الخاصة، هيك الامور بتمشي بهاي الثانوية اللي قضيت فيها من دون مبالغة أجمل ايام حياتي، وقابلت فيها اصدقاء العمر. شادي كان أكبر مني بسنة يعني يتفوق علي بالأقدمية والسيط (بمعنى الشهرة). القصة بديت وانا نازل عالدرج لحالي ع مهل مشان ارجع عالبيت وصدف بهاد التوقيت يكون شادي هو وشباب الصف تبعو نازلين كمان. كانو نازلين بسرعة كتير واصواتن معبي المدرسة. وعن قصد او بدون دق كتف شادي بكتفي فحسيت انها الفرصة المناسبة لافتعال المشكلة، و صحت فيه انا وقلت “هش”. هون بلشت الملاسنة اللي انتهت ضمنيا بنتيجة هلا برا المدرسة منحل الخلاف. وبهاد اليوم كان الدرس الاول واللي بقول: اياك تتخانق مع حدا بالثانوية لما يكون هو مع شباب الصف تبعو وانت لحالك. لأنو حسب القانون الغير مكتوب بس ساري المفعول اي اعتداء على اي شخص بالصف يعتبر اعتداء على الصف بالكامل لانو السمعة وحدة. يعني باختصار اكلت قتلة حشك ولبك بس بكل الاحوال بشهد فيها لشادي بشجاعتو.
الدرس التاني كان تاني يوم. باليوم التاني شادي عرف انو امي كانت الموجهة المسؤولة عن اغلب صفوف الادبي، وحس بالخجل من اللي عملو فطلع لعندا مشان يعتذر ويلاقي حل للموضوع. ست الحبايب واللي بتعرف منيح مين مربي، كان جوابها اني انا بقدر امون عليك بس المشكلة اني ما بقدر امون ع ابني، اللي اغلب الظن يكون عم يدور عليك مشان تتخانقو من جديد، فانتو حلو الموضوع بالطريقة اللي بتشوفوها مناسبة.
وبالفعل حدس ست الحبايب كان مزبوط. انا كنت بالباحة بالجاهزية القصوى، مع علي محمد صديقي اللي من جماعة لا تراجع لا استسلام، وعم ندور ع شادي وشب تاني من بيت البهلول لانو هني الوحيدين اللي علقو ببالي من اللي شاركو بالقتلة.
حصل اللقاء وبلشت الخناقة وهون كان الدرس التاني واللي بقول: اياك تتخانق بالفرصة مع شب معروف ع مستوى المدرسة متل شادي، وانت لسه موقعك ك صف عاشر بقاع الهرم. لانو حتى الجبان رح يآجر فيك وهيك بكون عم يمسح جوخ للزعران بقتلتك. وهون اكلت القتلة التانية
متل هاي المواقف كانت تنحل بطريقتين : الاولى انو تاني يوم انا وهوي نجيب فزعات؛ يعني كل الناس اللي منعرفا وتعلق مشكلة لا يحمد عقباها بعد الدوام ونصير بعد هديك اللحظة حسب المصطلح المخيمجي اخصام. ان انا كمشتو بحارتي بياكل قتلة وانو هو كمشني كذلك الامر. او بيدخل بعض الزعران الخارجيين اللي بقدرو يمونو عالطرفين وبحلو الخلاف وبخلو اكتر المتورطين بالخلاف يبوسو شوارب بعض. يعني فيكو تقولو هدنة مؤقتة .ممكن تودي لصداقة او لمشكلة اكبر. الحمد لله انتهى الخلاف عالطريقة التانية. ومن بعد هالقصة صارت علاقتي بشادي علاقة اصدقاء انداد، بهداك المجتمع الغريب العجيب اللي يسمى ثانوية اليرموك للشباب. صار والتقينا كتير بحكم اصدقاءنا المشتركين ومن خلال هاللقاءات في ٣ شغلات ما ممكن انساهن فيه : طيبة قلبو وابتسامتو الحلوة واللدغة اللي بكلامو.
شادي استشهد مبارح وهو عم يدافع عن المخيم واسال الله رب العالمين أن يتقبلوا من الشهداء. بتخيل الموضوع بالنسبة لشادي ما كان بفرق كتير عن ايام الثانوية. شادي اعتبر الاعتداء ع مخيم اليرموك اعتداء عليه شخصيا، اعتداء عليه وعمدرستو وصفو وذكرياتو، وهو وبكل بساطة مو من النوع اللي بينسحب. هاي البساطة والشجاعة واليقين اللي فضل فيها رب العالمين بعض الناس عن غيرن بهالمواقف الكبيرة والصعبة.
شادي السعد وبكل بساطة الشهادة بتلبقلك.