شنت الأجهزة الأمنية التركية حملة واسعة ضد “اللاجئين غير القانونيين” في المحافظات الكبرى وعلى رأسها إسطنبول، بالتزامن مع تصاعد حملات سياسية وشعبية واسعة معادية للاجئين، في حين تفجرت حرب كلامية بين وزير الداخلية سليمان صويلو وزعيم حزب سياسي متطرف معروف بمعاداته للاجئين، تخللتها شتائم وتهديدات غير مسبوقة.
وفي بيانات مختلفة، أعلنت مديرية الأمن في إسطنبول وولاية المدينة ودائرة الهجرة عن حملات أمنية مختلفة تكثفت بشكل كبير جداً خلال أيام عيد الفطر في المناطق السياحية لتوقيف اللاجئين الذين دخلوا الأراضي التركية بشكل غير قانوني ولا يمتلكون وثيقة إقامة أو لجوء رسمية.
ونشرت جهات رسمية وإعلامية مقاطع فيديو تظهر توقيف مئات اللاجئين غير القانونيين أثناء حملات أمنية تركزت في ميدان تقسيم وشارع الاستقلال والمناطق الساحلية والسياحية التي تزاحم إليها اللاجئون لقضاء أيام عيد الفطر، حيث تم توقيف كل أجنبي لا يحمل إذن إقامة أو وثيقة لجوء، وجرى تجميعهم في نقاط مختلفة قبل أن يتم تقييد أيديهم ونقلهم في باصات إلى مراكز شرطية ومنها إلى مراكز تابعة لدائرة الهجرة.
وعقب نقل الموقوفين إلى “مراكز الإعادة” التابعة لدائرة الهجرة، تبدأ إجراءات ترحيل من أمكن ترحيلهم إلى بلادهم، حيث يجري بدرجة أساسية إعادة اللاجئين الأفغان والباكستانيين والذين يشكلون أغلبية الموقوفين إلى بلادهم جواً، فيما تضاربت الأنباء حول وجود عمليات ترحيل جديدة للاجئين سوريين إلى مناطق سيطرة المعارضة شمالي سوريا.
وتصاعدت في الأيام الأخيرة الحملات السياسية والشعبية المناهضة للاجئين في تركيا، حيث اتهمت الحكومة “جهات منظمة” بالعمل على إثارة الشارع التركي ضد اللاجئين ومحاولة جر البلاد إلى الفوضى، وأعلنت بيانات مختلفة لوزارة الداخلية ومديرية الأمن ملاحقة أشخاص اتهمتهم بنشر معلومات مضللة وكاذبة بهدف إثارة الشارع التركي، وأوقفت أصحاب حسابات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، كما أوقفت منتج فيلم “الاحتلال” الذي نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، ومبني على رواية “احتلال اللاجئين للأراضي التركية وتحول الأتراك إلى أقلية في البلاد”.
وخلال الأيام الماضية، نُشرت عشرات مقاطع الفيديو على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي تظهر تصرفات للاجئين من جنسيات مختلفة أبرزها أفغانستان وباكستان وسوريا ينتشرون بكثافة في شوارع إسطنبول ووسائل المواصلات العامة، وبعضهم يقوم بتصرفات اعتبرت “غير مقبولة” وتجاوزات من قبيل “تصوير الفتيات في الشوارع” و”الإساءة للشعب التركي” في مقاطع فيديو نشرت على تيك توك، الأمر الذي أثار حالة من الغضب العارم ومطالبات بإعادة اللاجئين إلى بلادهم في أسرع وقت ممكن.
وتصدّر الحملات المناهضة للاجئين السياسي المتطرف أوميت أوزداغ، زعيم “حزب النصر” المشكل حديثاً، والذي يسعى لتشكيل حركة سياسية منافسة في الانتخابات المقبلة من خلال برنامج مبني على معاداة اللاجئين، وهو ما دفع سياسيين أتراكاً لاتهامه بإثارة الفتنة الداخلية، فيما تقدمت وزارة الداخلية التركية بدعوى رسمية بحقه في القضاء بتهمة إثارة العداء والكراهية للاجئين ومحاولة جر البلاد إلى اقتتال داخلي.
وفي برنامج تلفزيوني، الخميس، هاجم وزير الداخلية التركي سليمان صويلو أوزداغ بعبارات حادة جداً، واصفاً إياه بـ”العنصري وغير الإنساني”، وقال عنه بعد أن رفض التعقيب على تصريحاته أو سماعها مهدداً بترك البرنامج لو جرى عرضها: “لا أعتبره رجلا، ولا أعتبره إنسانا، ولا حتى حيوانا، هو أحقر من ذلك”، معتبراً أنه “ابن عمليات سياسية” يجري توجيهه من قبل جهات خارجية.
هذه التصريحات الحادة، أثارت بدورها غضب أوزداغ الذي خرج بمؤتمر صحافي مع قيادات حزبه مهاجماً وزير الداخلية. وبعد أن وجّه انتقادات حادة له، توعد أوزداغ بالذهاب لمقابلة صويلو في مقر الوزارة الرئيسي في أنقرة، متحدياً إياه بالخروج لمواجهته أمام الكاميرات. والجمعة، توجه أوزداغ بالفعل إلى مقر وزارة الداخلية مهدداً صويلو بأنه “سيجري اعتقاله ومحاكمته عقب انتهاء مهمته كوزير”.
وقبل أيام، أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن حكومته تستعد للعمل على مشروع جديد يتيح “العودة الطوعية” لمليون لاجئ سوري من تركيا إلى شمالي سويا، في خطوة جاءت مع تعاظم الضغوط الداخلية على الحكومة حول ملف اللاجئين قبيل موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية “المصيرية” المقررة يونيو/ حزيران من العام المقبل.
المصدر: “القدس العربي”