أحمد مظهر سعدو
تستمر النكبات وتتابع ومعها تتواصل عمليات التعدي على المسجد الأقصى المبارك، في ذكرى نكبة فلسطين، يوم خرجت بريطانيا من جغرافيا احتلتها هي أرض فلسطين لتسلمها إلى عصابات صهيونية، في 15 أيار/ مايو 1948. ويبدو أن الاستسهال في التعديات على المسجد الأقصى اليوم يأتي بعد قمة النقب المشؤومة التي حاولت عبرها إسرائيل أن تحشد بعض النظم العربية، في محاولة منها للتأكيد عل أن العرب بنظمهم الرسمية قد تجاوزوا مسألة احتلال فلسطين، وأنهم قد قبلوا بالأمر الواقع، وهم لن يتفوهوا بكلمة واحدة، حتى لو حدثت أية اعتداءات جديدة على المسجد الأقصى، أو قطاع غزة أو أي مكان آخر من فلسطين الطاهرة.
لاضير أن الأوضاع العربية والإسلامية التي آلت إليها أوضاع المنطقة عبر التخلي عن فلسطين وعن كل قضايا العرب والمسلمين في سورية ولبنان والعراق واليمن، أفسح المجال واسعًا لعصابات الهاغاناه ومن أتى بعدها، للانفراد بالشعب الفلسطيني، والاعتداء على مقدسات المسلمين، دون أي موقف عربي واضح من هذه التعديات والانتهاكات.
لكن الشعب الفلسطيني البطل وحده وبمعونة بعض الدول القليلة جدًا ممن مازال يدرك الخطر الصهيوني على المسلمين كافة، يواجه قوى البغي الإسرائيلي بصدره العاري، ويعتصم على أرض الرباط أرض فلسطين ليدافع بلحمه ودمه عن كل الذي تبقى من الأقصى، وقبة الصخرة، وكل فلسطين المغتصبة. وهذه مسألة أكدها الشعب الفلسطيني عبر التاريخ وساهم مع إخوانه شعوب الأمة الذين مازالوا يعتبرون القضية الفلسطينية قضيتهم المركزية، هؤلاء فقط من يدركون الخطر الحقيقي الذي يوازي هذه الأيام الخطر الإيراني الذي يطال أرض سورية، والعديد من بلدان المنطقة، رغم كل ادعاءات إيران بالزود عن الأقصى وهي كاذبة في ذلك بكل تأكيد، بل تخدم مشاريعها الفارسية الطائفية من أجل الهيمنة على دول المنطقة العربية برمتها، فيما لو استطاعت إلى ذلك سبيلًا.
في يوم النكبة نعود بالذاكرة إلى الوراء ونحاول الإمساك بأساسات الأخطاء الكبرى التي أدت إلى ما أدت إليه من ضعف ووهن، وواقع ساهم في خسران فلسطين كل فلسطين، ومن ثم فإن العودة الحقيقية لابد لها من وعي وإدراك ماهية الأبعاد التي أوصلتنا إلى هذا الواقع المر، من هنا كان لابد من الولوج في أتون معطيات جديدة واضحة، تتمكن من بناء الذات، وعدم الركون إلى وعود الدول الكبرى ذات الطابع الاستعماري الاستغلالي كالولايات المتحدة الأميركية أو مايشبهها من دول تدعي التحضر لكنها تبيع فلسطين لغير مالكيها، وتتاجر بشعب فلسطين والشعوب العربية والإسلامية وتبيعها على قارعة الطريق.
في ذكرى النكبة/ نكبة فلسطين نتذكر واقع النكبة الكبرى السورية التي تتشابه في كثير منها مع تلك النكبة الكبرى في لفلسطين، وخاصة في مسألة التخلي عن دعم الشعب السوري وقبله الفلسطيني، والالتفات إلى مصالح إقليمية ودولية تتخطى كل شيء من أجل مصالح براغماتية أنوية، يُضحى بالشعبين السوري والفلسطيني على مذبح الحرية ويترك نهبًا للغادي والصادي دون إنسانية ودونما عقلانية وأخلاق.
بعد أربع وسبعين عامًا نجدد العهد والوعد من أجل فلسطين وسورية، وكل القضايا العادلة، ونؤكد أنه لايضيع حق وارءه مطالب، وسيأتي اليوم لامحالة الذي تعود فيه فلسطين إلى أهلها، كما ستعود سورية إلى شعبها، شاء من شاء وأبى من أبى، الحق هو من سينتصر في النهاية وجولات الحق هي التي ستكون في نهايات وملاذات كل مسألة، فمابالك إن كان الله جل في علاه مع قضية الشعب الفلسطيني المقهور وقضية الشعب السوري المكلوم والمهحر. سيعود أهل فلسطين وسيعود أهل سورية إلى مدنهم وقراهم، وسينتهي إلى مزابل التاريخ كل الذين ظلموا ونهبوا وقهروا وسلبوا ولايمكن بأتي حال من الأحوال أن يبقى الشعب الفلسطيني مشردًا ولا الشعب السوري، بل ستكون القضيتين منتصرتين بإذن الله، وهمة وإرادة الشعوب العربية والإسلامية عاجلًا أو آجلاً وعوا ذلك أو لم يعوه، أدركوا ذلك أم لم يدركوه، وستبقى مجزرة دير ياسسين وكفر قاسم وكل مجازر فلسطين، لطخة عار في جبين عصابات الهاغاناه ومن سكت عنها، كما ستبقى مجزرة حي التضامن في سورية والكثير سواها مما فعلته عصابات الأسد بحق السوريين، وصمة عار لن تمحى في جبين الفاشيست الأسدي، ومن يدعمه من فرس وروس. يرون ذلك بعيدًا ونراه قريبًا إن شاء الله. وليس ذلك على الله بعزيز.
المصدر: إشراق