د-زكريا ملاحفجي
كتبت من قبل فقلت: إنّ هذا الشعب مظلوم بنخبه، وماتزال قناعتي تزداد، وليت تلك القناعة تبددت وكنت مخطئاً، فمزيد من التخبط والضياع وسوء إدارة شؤوننا الداخلية والخارجية.
لنرى حالة تسر العدو ولا تسعد الصديق، وتترسخ حالة التكلس بشكل عام في التفكير والأداء ونكرر نفس الأخطاء ونفس الأشخاص، ومن ثم فسوف تعطي نفس المنتج فهذه قواعد فيزيائية بديهية، بل حتى سياسية. ويتكرر معها بالطرف الموازي نفس نوع النقد وبنفس الأسلوب ونفس الوجوه حيث ندغدغ مشاعر العامة، ولا أحد يجرؤ أن يغير التفكير أو يغير العمل، فقد اكتفى من نضاله بهذا الحال، ولا أعتقد لا هذا ولا ذاك من التفكير وطريقة العمل سيقدم شيئاً عملياً مفيداً للسوريين بهذه الحال على الأقل.
ولو سمحنا لأنفسنا بالحلم لحظة بسقوط مفاجئ للنظام المجرم، فماذا لدى الشيوخ والعجائز في الهمة والإرادة من استراتيجيات عمل وقدرة حقيقية على انتقال وبناء “حكم رشيد”، تلك الكلمة التي يسمعها السوريون في خطابات النخبة بشكل مستمر ولم يجربوها أو يعرفوا معناها العملي في التجربة التي أتيحت لهم، وكما المثل العربي السائد (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه)، نحن نسمع عناوين جميلة ونرى شيئاً آخر تماماً، فما نراه يسر العدو ولا يسر الصديق، وهذا الحال الذي نعيشه لن يخلق فضاءً مختلفاً عن الواقع الذي نعيش فهو يجسّد بحق ذاك العقل المشتت، إذ مهما كان الجسم قوياً فسيضعفه العقل المشتت، وهذا واقعنا باختصار فالقوة الشعبية الهادرة الصابرة لم يستطع ذلك العقل استثمارها استثماراً أمثلًا، ومالم نخرج بتفكير جريء وخطوات عملية جادة مما نحن فيه سيبقى الحال كما هو، وسيبقى اللطم والنقد من واقعنا على أريكة مستريحة أو منبر إعلامي بسيط.
لغاية اليوم لم تُوجد القيادة نفسها على الجغرافيا السورية التي ينبغي أن تنظمها وتخلق حوكمتها وتديرها من عمق الجغرافيا وليس من مكان آخر.
نحن أمام واقع ومحطة زمنية تحتاج تفكير مختلف وإرادة مختلفة التي ستؤدي لعمل مختلف ومنتج مختلف، لاسيما أننا أمام متغيرات دولية من تقارب حلفاء الشعب السوري، وكذلك من حشد المجامع الدولي ضد أهم من وقف أمام تطلعات هذا الشعب وهم الروس الذين بدأوا يغرقون في أوكرانيا، وكذلك بتمدد النظام وعودته لبعض المنظمات الدولية والتي ينبغي نخوض معركة قانونية لسحب شرعيته الدولية.
وهنا ينبغي أن يرن جرس الإنذار للعقول النبيهة الحذرة، ليس لتشكو ما يجري،
بل تفعل الذي ينبغي فعله والذي ينبغي فعله الكثير الكثير.
التباطؤ والوقوف في زمن متسارع الأحداث هو تراجع للوراء. ونحن أحوج ما نكون لقيادة نخبوية فاعلة تُلهم الناس وتعمل من خلالهم ومن أجلهم، وتصلح البنية الداخلية التي تتآكل ببطء ويعتريها التكلس.
يعتريني سؤال بريء لماذا الأسد لم يغادر سورية رغم التهديد طيلة السنوات ونحن نريد إدارة سورية من خارجها بعيداً عنها. إدارة شؤون السوريين ينبغي تكون بينهم ومن خلالهم ومن أجلهم.
المصدر: اشراق