أبدت روسيا معارضتها لتمديد آلية إيصال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا، في محاولة من موسكو للضغط على المجتمع الدولي لدعم مشاريع إعادة الإعمار المبكر في البلاد التي تعرقلها أميركا، في حين دعت عدة دول غربية إلى توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري وتكثيفها دون تأجيل.
جاء ذلك خلال جلسة مجلس الأمن الدولي المنعقدة اليوم الجمعة بمقر الأمم المتحدة في نيويورك؛ لمناقشة الأوضاع الإنسانية في سوريا.
ابتزاز روسي في ملف المساعدات الإنسانية
وقال نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة دميتري بوليانسكي: “من المرجح أن نسمع اليوم كثيرا من التصريحات عن أهمية هذه الآلية بالنسبة للاجئين السوريين وضرورة تمديدها أو حتى توسيعها، وتعلمون أن موقفنا بهذا الشأن يختلف ولا يمكننا تجاهل الحقيقة المتمثلة في أن هذه الآلية، في حال تسمية الأمور بمسمياتها، تنتهك سيادة سوريا ووحدة أراضيها”، وفقاً لموقع “روسيا اليوم”.
وأشار بوليانسكي إلى أن روسيا سمحت غير مرة بإقناعها بالموافقة على تمديد هذه الآلية إلى حين بدء إيصال المساعدات على نطاق كامل عبر خطوط التماس داخل سوريا، لافتا إلى إصدار مجلس الأمن بهذا الصدد قراره رقم 2585 الذي ينص خصوصا على دعم مشاريع إعادة الإعمار المبكر في البلاد.
ولفت بوليانسكي إلى أن الوضع على الأرض لم يتغير، على الرغم من محاولة أعضاء آخرين في مجلس الأمن إقناع روسيا بوجود نزعات إيجابية هناك، مشددا على أن موسكو “لا ترى جهودا منتظمة” في هذا السبيل.
وأضاف أن مشاريع إعادة الإعمار المبكر في سوريا لا تتلقى الاستجابة المناسبة من قبل المانحين، مشيراً إلى أن أكبر مشكلة في هذه المسألة تكمن في وضع هؤلاء المانحين شروطاً سياسية مسبقة، ما يتناقض مع مبادئ الأمم المتحدة.
وقارن بوليانسكي زملاءه في اجتماع اليوم المؤيدين لتمديد الآلية بـ”والدي طفل كسول ومتهاون مهدد بخطر الطرد من مدرسة وهما يتوسلون بغية إبقائه هناك لسنة دراسية أخرى”، محذراً من أن هذه المساعي لا تفضي عادة إلى نتائج إيجابية، بحسب وصفه.
80 في المئة من السوريين بحاجة إلى المساعدات
من جانبه، دعا السفير جيمس كاريوكي، نائب مندوب بريطانيا لدى الأمم المتحدة، إلى توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا، مؤكداً أن عدد المحتاجين في تصاعد ففي عام 2014، بلغ عدد المحتاجين أكثر من 10 ملايين شخص أما الآن، فإن نحو 14.6 مليون سوري بحاجة إلى مساعدة إنسانية أي أكثر من 80 في المئة من السكان.
وأوضح أن الشعب السوري بحاجة إلى مزيد من الدعم من المجتمع الدولي، نتيجة لأزمة الغذاء العالمية المتزايدة، والآثار المستمرة لوباء كورونا، إضافة العنف المتزايد في البلاد.
المساعدات الإنسانية أكثر أهمية من أي وقت مضى
وأكد السفير نيكولاس دي ريفيير، مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة، أن تمديد تفويض آلية إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا أصبح أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى.
وبين أن المدنيين يستمرون في دفع ثمن الحرب في سوريا ولم الاحتياجات الإنسانية ارتفعت بشكل كبير هذا العام.
قلق بالغ إزاء الأوضاع الإنسانية في سوريا
ومن جهتها، أعربت أيرلندا والنروج في بيان مشترك عن القلق البالغ إزاء الوضع الإنساني المتدهور لنحو 15 مليون سوري.
وذكر البيان أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية أدى إلى انتشار انعدام الأمن الغذائي وتفاقمه في سوريا، داعياً إلى توسعة المساعدة الإنسانية للمحافظة على حياة الناس.
ورحب البيان بالتعهدات الكبيرة التي قطعت في مؤتمر بروكسل فهي تظهر التزام المانحين المستمر بدعم الشعب السوري.
سوريا من أخطر الأماكن على الأطفال
ووفقاً للبيان، فإن سوريا من أخطر الأماكن التي ينشأ فيها الأطفال، حيث يعيش الأطفال وعائلاتهم في مناطق كثيرة في خوف من الموت والعنف والاعتداء الجنسي. وتتعرض النساء والفتيات بشكل خاص إلى انتهاكات خطيرة، مما يؤكد الحاجة إلى زيادة في تقديم الاستجابة الإنسانية.
وتابع البيان: “نحن قلقون للغاية من أن العنف والتهجير القسري قد أدى إلى محدودية الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية، وكان لهما آثار نفسية واجتماعية وخيمة على الأطفال. يجب على أطراف النزاع الكف فوراً عن الانتهاكات والانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال”.
تجديد آلية إدخال المساعدات
ويقترب موعد تصويت مجلس الأمن الدولي على تجديد آليات إدخال المساعدات الإنسانية الدولية إلى شمال غربي سوريا عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، وهو ما استدعى تحركاً غربياً مبكراً للبحث عن بدائل في حال عرقلة روسيا لهذه الآلية التي تنتهي في 10 تموز المقبل.
وزار وفد من الاتحاد الأوروبي يوم الإثنين الفائت معبر باب الهوى الحدودي بين سورية وتركيا، وذلك بعد لقائه عدداً من الشخصيات التركية، وسط الحديث عن مساعٍ غربية من أجل تجديد آلية دخول المساعدات عبر الحدود إلى السوريين في الشمال.
ويوم أمس الخميس، ناقش وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش توسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا.
ويتعيّن على مجلس الأمن التصويت مجدداً على تجديد هذه الآلية والمعمول بها منذ عام 2014، وهو ما يشكل فرصة للطرفين الروسي والصيني لاستخدام حق النقض لتعطيل هذه الآلية. وتريد موسكو أن يكون دخول المساعدات تحت إشراف حكومة النظام السوري، وتطالب بأن تنظم الأخيرة عملية عبور الدعم والإغاثة من أراض يسيطر عليها النظام.
المصدر: موقع تلفزيون سوريا