أنهت الهيئة المصغّرة للجنة الدستورية السورية، الثلاثاء 31 أيار/ مايو، اجتماعات اليوم الثاني على التوالي من الدورة الثامنة، وتم خلال جلستي الاجتماعات بين الوفود الثلاثة مناقشة مبدأ “الحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيزها” المُقدّم من قبل وفد النظام، والصياغات الدستورية المقترحة.
وخلال جلسات اليوم الثاني التي ترأسها السيد هادي البحرة، الرئيس المشترك للجنة الدستورية، تم تقديم أكثر من مداخلة تصب في اتجاه انتقاد الورقة وتفاصيلها وقصورها، وسجّل وفد هيئة التفاوض عدة تحفظات على الورقة التي قدّمها وفد مرشحي النظام، ومنها عدم التطرق إلى التزام مؤسسات الدولة والجيش بحقوق الإنسان، وإغفال حياد الجيش والقوات المسلحة في الحياة السياسية، وعدم التطرق إلى تنظيم هيكلية الجيش.
وقال طارق الكردي، عضو لجنة صياغة الدستور “المداخلات التي تقدّم بها وفد هيئة التفاوض انتقدت الورقة المُقدّمة، وأثارت حفيظة وفد النظام، وأكّدت على أن الدستور يجب أن يضبط عمل مؤسسات سورية المستقبل في كل القطاعات بما فيها الجيش والأمن، وعلى أهمية إصلاح وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة بما فيها الجيش والأجهزة الأمنية، وضبط عملها دستورياً، وربطها بحقوق الإنسان كي لا تتكرر المأساة التي عاشتها سورية خلال الأحد عشر عاماً الماضية.
وإضاف الكردي “لا ننسى أيضاً أن الالتزام بحقوق الإنسان، هو أمر مرتبط بالعدالة الانتقالية أيضاً، ويجب أن تكون مكفولة بعد قوننة أجهزة الدولة بما فيها الجيش والأمن، ودسترتها، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات فيها. نحن نعمل على دستور يرى النور بعد إنجاز الحل السياسي وفق القرار 2254 (2015)، وتطبيق العدالة الانتقالية، إننا نعمل على دستور لسورية المستقبل”.
وأكّد وفد هيئة التفاوض السورية في الهيئة المصغّرة في اللجنة الدستورية في إحدى مداخلاته أن التّصدّي التّام لإرث الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان “يستدعي اعتماد استراتيجيّة مُتعدّدة الأوجه تشمل تدخّلات على مستوى المؤسسات والقانون والمجتمع المدني والجماعة والفرد على حدّ سواء. ولا تصلح هذه الاستراتيجيّة من دون إصلاح مؤسسات الدولة بهدف تحسين أدائها وتعزيز شرعيتها فالسّعي إلى تحقيق الإنصاف والمُحاسبة والوقاية أمر على قدر عالٍ من الأهميّة”.
وأضاف “غالباً ما تتخذ المؤسسات العامّة – مثل الشرطة والقوى العسكرية والقضاء – أدوات للقمع وارتكاب الانتهاكات المُمنهجة لحقوق الإنسان في المُجتمعات الّتي تشهد نزاعاً أو تخضع لحكم استبدادي. وحين التوصل إلى اتفاق سياسي يؤمِّن الانتقال إلى السّلام والحكم الديمقراطي، يُصبح إصلاح تلكَ المؤسسات أمراً ضرورياً. ولكن التجربة المُمتدّة على سنوات طوال بيّنت أنّ التركيزَ المحصور على المُؤسسات المعنيّة مُباشرة بالاعتداءات الجسديّة لا يكفي ولا يُجدي نفعاً. لذا، تقتضي الحاجة إصلاح أجهزة الدّولة كلّها ووضع آلياتٍ ملائمة لمُراقبتها، وذلك من أجلِ ضمانِ استقلاليّتها المهنيّة. ويتطلّب هذا الأمر إعادة النّظر في جزء كبير من إطار العمل القانوني الموضوع حيّز التنفيذ، وعلى رأسه الدستور الجديد بالإضافة إلى ما سبق ذكره، فإن إصلاح العدالة والمؤسسات الأمنية تُكمله التغييرات الجذريّة الّتي يجبُ إحداثها في المؤسسات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافيّة، في حالِ عزَمَ المجتمع على التّصدّي للانتهاكات المُرتكبة، بما فيها تلكَ الاقتصاديّة والاجتماعيّة، تصدّياً تامّاً”.
وشدّد وفد هيئة التفاوض السورية على أن إصلاح المؤسسات “هو عملية تتم بموجبها إعادة النّظر في مؤسسات الدولة وإعادة هيكلتها حتّى تحترم حقوق الإنسان وتحافظ على سيادة القانون وتخضع لمحاسبة المواطنين”.
وأكّد على “ترابط إصلاح المؤسسات مع العدالة الانتقالية، بل يعتبر إصلاح المؤسسات إحدى عملياتِ العدالة الانتقالية، وهذا يقود إلى الاعتراف بالضحايا كمواطنين وأصحاب حقوق، وإلى بناء الثقة بين المواطنين كافة ومؤسّساتهم العامة. والإصلاح هذا، إذا كانَ مُتقناً ومُنفّذاً على نحوٍ شفّافٍ وشاملٍ للجميع، يُصبحُ جابراً للضرر أيضاً. لذا، يُمكن للتدابير المُساعدة على دفع إصلاح المؤسسات قدماً أن تتضمّن حملات التثقيف العامّة حول حقوق المواطنين وحريّة الحصول على المعلومات، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات المُجدية للضّحايا وممثلي المجتمع المدني في شأن المبادرات القانونيّة”.
ويتضمن جدول أعمال الدورة الثامنة لاجتماعات اللجنة الدستورية في اليوم الثالث/ الأربعاء مناقشة مبدأ “سمو الدستور وموقع الاتفاقيات الدولية” الذي يُقدّمه وفد هيئة التفاوض السورية.
ووفق القواعد الإجرائية يطرح كل طرف يومياً مبدأً من المبادئ الدستورية المُتّفق على عناوينها، وتقوم الأطراف الأخرى باقتراح صياغات وتوصيات وتعديلات حول كل مبدأ.
المصدر: موقع اللجنة الدستورية