مصطفى محمد
يبدو من توقيت افتتاح ميليشيا “لواء القدس” الفلسطينية التابعة لميليشيا أسد مكتباً لها في موسكو، أن الخطوة متعلقة بإرسال مرتزقة إلى أوكرانيا لمساندة القوات الروسية في معارك قاسية شرق البلاد.
فبعد تأكيد مصادر متطابقة أن روسيا أرسلت المئات من المرتزقة السوريين من مناطق ميليشيا أسد إلى أوكرانيا، أكدت “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” افتتاح ميليشيا “لواء القدس” المدعومة روسياً، مكتباً في العاصمة الروسية.
ونشرت المجموعة صوراً لمتزعّم اللواء “محمد السعيد” وهو في مكتبه الجديد بموسكو خلال وجوده في روسيا أيار الماضي، وأضافت نقلاً عن مراقبين أن “الخطوة تأتي في سياق التعاون بين لواء القدس وموسكو في ملفات أمنية وعسكرية داخل سوريا وخارجها، وفي سياق أجندات لا تصبّ في مصلحة الشعبين الفلسطيني والسوري”
وأشار منسّق “تجمّع مصير” المحامي الفلسطيني السوري، أيمن أبو هاشم، إلى تزامن افتتاح المكتب في موسكو، مع تسريب معلومات عن وجود اتفاق بين الروس والسعيد يقضي بإرسال مقاتلين من الميليشيا إلى جبهات القتال في أوكرانيا، مقابل راتب شهري يبلغ ١٥٠٠ دولار للمرتزق الواحد.
وقال لـ”أورينت نت”: “يبدو أن افتتاح هذا المكتب، يأتي في سياق التنسيق العسكري لتنفيذ ذلك الاتفاق، والبدء بالإجراءات الضرورية لنقل مرتزقة اللواء من سوريا إلى أوكرانيا عبر الأراضي الروسية، وتوزيع مناطق انتشارهم على جبهات القتال في إقليم دونباس، حيث المعارك المتواصلة”.
ولا تستبعد مصادر “أورينت نت” أن تكون مهمة المكتب هي الإشراف على تدريب المرتزقة السوريين في روسيا.
وبالعموم، تدلّ الخطوة على بدء ميليشيا “لواء القدس” بإرسال المرتزقة نحو أوكرانيا، على غرار ما فعلت ميليشيا “الدفاع الوطني” في السقيلبية بريف حماة، وغيرها من الميليشيات المرتبطة بأسد، في وقت سابق.
إشارة إلى انخراط الميليشيا بأوكرانيا
لكن، بسام الأحمد، المدير التنفيذي لمنظمة “سوريون من أجل العدالة والحقيقة”، وهي المنظمة المراقبة عن كثب لتحركات المرتزقة السوريين، أكد لـ”أورينت نت”، أنه للآن لم يتم رصد معلومات تثبت تورط هذه الميليشيا في أوكرانيا.
وأشار إلى أن منظّمته رصدت إرسال روسيا مقاتلين نحو أوكرانيا، من مناطق سورية مختلفة، منها ريف حماة وحمص وتدمر وجنوب سوريا.
لكن افتتاح المكتب في هذا التوقيت، وفق الأحمد، “يُعطي إشارة قويّة على بدء اللواء إرسال المقاتلين نحو أوكرانيا”، من دون أن يستبعد أن يكون الغرض من المكتب التنسيق بين الروس والمجموعات المرتبطة بالنظام وروسيا.
بندقية مأجورة
بدوره، يؤكد عضو “مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا” الكاتب ماهر الشاويش، أن هذه الميليشيا لا تمتّ للقدس وفلسطين بصلة من حيث الأهداف والغايات، مشدداً على عدم وجود صلة بين ميليشيا “لواء القدس” والحركة الوطنية الفلسطينية.
وقال لـ”أورينت نت”: “لم تتأسّس هذه الميليشيا بغية تحرير فلسطين أو العودة إليها بوصف العودة والتحرير من أهم أهداف الحركة الوطنية الفلسطينية، ولم تخض معركة واحدة من أجل القدس منذ تأسيسها في العام ٢٠١٣ بدعم وتنسيق من أجهزة أمن نظام الأسد، وتلقّيها الدعم في مراحل لاحقة من إيران وروسيا”.
وأكد الشاويش، أن الميليشيا تشكّل حالة أمنية عسكرية تدور في فلك هذه الجهات الثلاث (أسد، إيران، روسيا)، وتتحرك وفق تعليماتها، مضيفاً: “من هنا يمكننا القول إن السياق الذي جاءت فيه الخطوة هو خدمة الأجندة الروسية، وربما التوقيت مرتبط بالحرب الأوكرانية الروسية، وإعادة التموضع الروسي في سوريا، وما يتضمّنه ذلك من تحريك للقوات الروسية والموالية لها في سوريا والمنطقة ككل”.
وحسب الشاويش، فإن ما ينفي صلة ميليشيا “لواء القدس” بفلسطين، هو تدنّي نسبة المقاتلين الفلسطينيين فيها، حيث لا تتجاوز نسبتهم 10 في المئة، وغالبيتهم من الفاسدين، لافتاً إلى الحملات التي شنّها نظام أسد على عدد من قياداتها بتُهم تتعلق بتجارة المخدرات والدعارة.
وباختصار، يقول الشاويش، “نحن أمام بندقية مأجورة باسم فلسطيني بمضامين لا علاقة لها بفلسطين، وإلا فما هو مبرّر افتتاح مكتب لها في بلد يبعد آلاف الكيلومترات عن فلسطين؟، إلا إذا كانت هذه الميليشيا وكيلاً للطرف الروسي ومرتزقاً عنده”.
وتُولي روسيا ميليشيا “لواء القدس” أهمية خاصة منذ العام 2016، وتحديداً بعد دورها في سيطرة ميليشيا أسد على أحياء حلب الشرقية في أواخر العام 2016، واستخدامها لاحقاً في معارك البادية، واليوم تريد روسيا توظيفها في معاركها بأوكرانيا.
المصدر: أورينت نت