لقد اكتشف أنه نصف بشر بعد أن كان يظن نفسه بشرا بالكامل لم يستغرب فالآلهة في الأساطير القديمة كانت أنصاف آلهة وأنصاف بشر .. لكن ماهو النصف المكمل له بحث في الكتب والمراجع سأل غوغل وإخوان غوغل .. سأل أمه وزوجته حتى المرآة سألها فلم يفده أحد.. هو متأكد من أن نصفا آخر يكونه .. هذا السوط المتأرجح في يده ليل نهار على أجساد الشباب الغضة وتلك الأصابع التي تتقن إطفاء أعقاب السجائر بأجساد النساء بدون رأفة أو رحمة وتلك الكأس التي يبول فيها ثم يجبر الشبان المكومين أمامه على شربها وهو يقهقه ثم عودته لبيته في آخر الدوام واحتضانه لأطفاله وخوفه عليهم من سياط نسمات الربيع في الليل وهم نائمين وبكائه عند مرض طفله وتوسده أمامه في المشفى ذات يوم .. كل ذلك يؤكد له أنه نصف بشر ونصف ماذا ؟؟؟ .. لايدري !!؟ سينفجر رأسه إن لم يصل لحقيقة نصفه الثاني .. خمسة أعوام والثورة مندلعة نيرانها ونار سوطه الملتهب على أجساد الشبان الباحثين عن الحرية لم ينطفىء ..سأل نفسه مرارا وهو يهوي عليهم بألسنة الجحيم أليس هو مثلهم يحمل ذات الطبيعة البشرية ؟؟ إذا هل يعذب الشبيه شبيهه ؟!!! .. تأمل وجوههم طويلا فإذا بالصدمة تقتله هم ليسوا مثله ثمة ما هو مختلف في ملامحهم أحسه ولم يستطع إدراكه فازدادت حيرته أكثر وازداد حنقه وغضبه عليهم أكثر إذا هم لا يشبهونه .. فكر بأبيه والسلالة التي ينتمي إليها والجبل التي انحدرت منه منذ عقود سلالتهم.. هل يمكن أن يكون أصلهم قردة كما سمع في صغره؟؟ لم يعد يذكر ممن سمع هذا الكلام ولكنه متأكد أنه سمعه في صغره ولكن القرد كائن مسالم ولا يحقد على أحد .. من أين له إذا هذا التناقض في تكوينه ذروة الحقد مع ذروة الحب التي لا تتجلى سوى مع أطفاله.. البارحة كان يمارس طقسه اليومي في التعذيب ولكن هذه المرة كان التعذيب من نصيب طفل لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره .. استفزته طفولة هذا الطفل فانهال عليه بكل ما يملك من خبرة وفنون في التعذيب يمارسها معه .. قلع أظافره.. سلخ جلده بالتدريج ثم قطع له ما ظن أنه سبب الرجولة المبكرة التي يغتر بها هذا الطفل فيصمد بسببها أمامه.. شتم أمه وأخوته .. والطفل يبكي ويئن .. يبكي ويصيح .. يبكي ويصرخ أنت وحش .. أنت وحش ..أنت.. مستحيل .. لست بشرا مثلنا أنت بالتأكيد وحش .. فجأة تسمر في مكانه بدأت يده ترتجف والسوط يرتجف معها ومخالب تخرج من كفه التي غطى شعر كثيف كل ما فيها امتد لكامل ذراعه .. لجسده الذي نبت منه فجأة ذنب طويل يشبه ذلك السوط الذي في يده .. رأسه الذي جحظت عيناه ونتقت منه أذنان كبيرتان يغطيهما ذات الشعر الكثيف الذي غطاه بالكامل ..أنيابه التي برزت فجأة من فمه الذي كان يزبد بالشتائم والوعيد منذ دقائق.. أقدامه التي تحولت لحوافر.. نظر لنفسه أدرك فجأة نصفه الذي كان مغيبا عنه هو وحش إذا .. بدأ بالزئير والعواء والنباح كل الزنازين المجاورة سمعت نباحه وارتجت جدرانها خوفا وهو يكرر بين كل نباح ونباح .. أنا وحش نعم أنا وحش .. وينهال بمخالبه وأنيابه على الطفل ينهش لحمه ويشرب دمه ثم ينبح ويعوي كوحش. أخيرا عرف من هو.
محمد عصام علوش رُوي أنَّ هذه العبارة وردت أوَّلَ ما وردت على لسان الشَّاعر أبي الفتح محمد بن محمود بن...
Read more