خلال الأيام الأخيرة، تمكنت القوات الروسية من السيطرة على قرى ومدن جديدة في شرق أوكرانيا، لكنها مكاسب تعتبر بطيئة للغاية، في ظل القوة النارية الكبيرة التي تمتلكها والتي تتجاهل أرواح المدنيين، بحسب صحيفة “إيكونوميست” البريطانية.
ورغم المكاسب العسكرية الروسية، فقد أثبتت القوات الأوكرانية أنها فاعلة وأن الجندي الأوكراني يتغلب على نظيره الروسي إذا كان في مواجهة مباشرة معه، بحسب تحليل “إيكونوميست”.
يعزو التحليل، التفوق الأوكراني إلى مبدأ تعتنقه وتسميه الجيوش الغربية “قيادة المهام” أو “المهام الموكلة”، مما يساعد كييف على صد القوات الروسية المتفوقة عدديا.
يوضح تايلر زاغورسكي، من مشاة البحرية الأميركية، في حديثه للمجلة، أن “المهام الموكلة” أسلوب في الإدارة العسكرية، يعطي المزيد من التفويض و”السلطات” للجنود العاديين، بحيث يعلن القادة عن أهداف المهمة ومخططها والمعلومات المتاحة، ويفوضون مسؤولية تنفيذها إلى صغار الضباط، مما يسمح لهم بممارسة حدسهم وحكمتهم في التعامل مع الأمر الواقع مستخدمين مهاراتهم التي تدربوا عليها.
يشير زاغورسكي إلى أن هذا الأسلوب يؤدي إلى تسريع عملية اتخاذ القرار ويسمح للقوات بالرد بمرونة، وحتى لمفاجأة الأعداء الذين قد يتوقعون منهم الالتزام بإجراءات تعودوا عليها في الكتب العسكرية التقليدية.
ويقول إنه “يمكن للقوات التي تنفذ مبدأ “قيادة المهام” أن تكون مبدعة، وتغير التكتيكات وتغتنم الفرص التي تظهر. تشمل أسسها الثقافية الثقة والفردية والابتكار وروح المبادرة، وهي صفات غالبا ما ترتبط بالديمقراطية الليبرالية.
وتشير أحدث التقديرات الصادرة عن أجهزة المخابرات الأميركية والبريطانية، عن أن خسائر القوات الروسية منذ بداية غزو أوكرانيا في فبراير الماضي، تقترب من 15 ألف قتيل، وربما ثلاثة أضعاف ذلك فيما يخص الجرحى.
وتصنف روسيا الوفيات العسكرية على أنها من أسرار الدولة، حتى في أوقات السلم، ولم تحدث أرقام الخسائر الرسمية بشكل متكرر خلال الحرب، وقالت في 25 مارس الماضي إن 1351 جنديا فقط قتلوا.
وقالت حكومة كييف في يونيو الماضي إن ما بين 100 و 200 جندي أوكراني يقتلون يوميا.
وتقول مجلة إيكونوميست” إن التدريب الغربي للأوكرانيين ساهم في غرس أسلوب “قيادة المهام” في جيش كان يشبه تكتيكه نظيره الروسي.
وظهر استخدام الجيش الأوكراني لهذا التكتيك في المعارك المبكرة حول كييف. فبينما احتشدت الكثير من القوات العسكرية الروسية، تم تقسيم الجنود الأوكرانيين في كثير من الأحيان إلى مجموعات صغيرة نصبت كمائن رشيقة للمعدات الروسية، باستخدام أسلحة خفيفة مضادة للدبابات ومضادة للطائرات قدمها الغرب.
واضطرت روسيا إلى الانسحاب من المناطق حول العاصمة بعد خسائر كبيرة في قواتها ومعداتها، وإعادة تجميع صفوفها حول منطقة دونباس في الشرق.
في المقابل، فإن الأنظمة الاستبدادية، مثل الروسية، تسحق المبادرة الشخصية وغالبا ما تكون غير راغبة في منح القوات فسحة لتنفيذ قيادة المهمة، كما يميل الطغاة إلى تفضيل الولاء على الكفاءة، ويؤدي تقييد القادة إلى إضعاف الإبداع.
وعلى سبيل المثال، فإن جيش التحرير الشعبي الصيني، التابع للحزب الشيوعي الحاكم، يعزز أسلوب “السيطرة والقيادة”، بحسب ستيفن ويبر من مؤسسة “راند” البحثية الأميركية.
لكن بعض الأنظمة غير الديمقراطية تبنت أسلوب “المهام الموكلة”، مثل النظام النازي، الذي اعتمد فلسفة مشابهة تسمى “تكتيكات المهمة” يعتمد على استخدام الهجمات السريعة والمركزة مع القوات المتنقلة للتقدم بسرعة وإخراج العدو من حالة التوازن، وهو تكتيك استخدمته ألمانيا بنجاح كبير في السنوات الأولى من الحرب العالمية الثانية.
لكن هذا الأسلوب ليس ناجحا في كل الأحوال، حيث فشلت الولايات المتحدة في فيتنام وجبهات أخرى، بحسب المجلة، “مما يوضح أن “قيادة المهام” ليس كافيا وحده لكسب الحروب” في ظل عوامل أخرى مثل القوة النيرانية والسيطرة على السماوات وغيرها.
المصدر: الحرة. نت