عدنان أحمد
على الرغم من خروج الأشخاص الذين كانت تطالب بهم من المدينة، واصلت قوات النظام السوري التصعيد ضد مدينة طفس في ريف درعا الغربي، جنوبي سورية، وقصفت صباح أمس الأربعاء الأحياء الجنوبية من المدينة، ما تسبب في إصابة عدد من المدنيين، وبدء حركة نزوح للأهالي خارجها.
وقال المتحدث باسم “تجمع أحرار حوران” أيمن أبو محمود، لـ”العربي الجديد”، إن قوات النظام استهدفت تلك المناطق بمختلف أنواع الأسلحة، المتوسطة والثقيلة، كما فتحت نيران رشاشاتها الثقيلة من مواقعها في مبنى الري في محيط المنطقة، وسط تبادل إطلاق نار بالرشاشات المتوسطة مع مسلحين محليين في المنطقة، في محاولة كما يبدو من جانبها للتقدم نحو المدينة. وأوضح أن القصف أصاب إحدى المنشآت الصناعية في محيط المدينة، ما تسبب بوقوع إصابات بين المدنيين.
تصعيد بالرغم من مغادرة مطلوبين لطفس
ويأتي هذا التصعيد من جانب قوات النظام برغم مغادرة مطلوبين مدينة طفس قبل يومين، حيث قضى الاتفاق مع وجهاء المدينة بانسحاب تلك القوات من محيط البلدة، والسماح بعودة الحياة الطبيعية إليها، مقابل خروج المطلوبين.
كما قضى الاتفاق بأن تسمح حواجز النظام للمزارعين بالوصول إلى مزارعهم في محيط المدينة بعد منعهم لأيام. وسمحت تلك القوات لهم صباح أمس الأربعاء بالفعل بالمرور إلى مزارعهم، لكن عناصرها أطلقوا النار نحوهم بهدف ترهيبهم، دون ورود معلومات عن وقوع خسائر بشرية.
ورأى أبو محمود أن تصعيد النظام ضد طفس هو عملية استفزازية للأهالي، وربما تريد تلك القوات تثبيت حواجز في محيط المدينة، لكنه استبعد أن تقوم باجتياحها في الوقت الحاضر.
وتزامن القصف مع حركة نزوح كبيرة للأهالي باتجاه القرى والبلدات المجاورة، خشية اجتياح المدينة من جانب قوات النظام وقيامها بعمليات انتقامية منهم.
وكان الأشخاص الستة المطلوبون من جانب قوات النظام بحجة تورطهم بمهاجمة عناصرها وضباطها، وانتماء بعضهم إلى تنظيم “داعش”، قد غادروا المنطقة إلى جهة مجهولة، بهدف نزع الذرائع من قوات النظام وتجنباً للتصعيد.
تحرك بتأثير إيراني لإخضاع طفس
وحول أسباب هذا التصعيد ضد طفس، رأى الناشط حبيب كسابرة، المنحدر من درعا، أن المدينة تعتبر “من أبرز القلاع الثورية في حوران، ولطالما كانت مأوى للثوار في الريف الغربي، إضافة إلى كونها السلة الغذائية لحوران، وتشتهر بالمزارع والبساتين الوفيرة”.
وأضاف أن قوات النظام، وبتأثير من إيران، تسعى إلى إخضاع المدينة، برغم الوعود التي قدمها أمين فرع حزب “البعث” في المحافظة قبل يومين لوفد من المزارعين من أبناء طفس بأن يتم سحب التعزيزات العسكرية الأخيرة من محيط المدينة، ليستفيق الأهالي، أمس الأربعاء، على القصف العنيف الذي استهدف منازل المدنيين وأوقع إصابات بينهم.
واعتبر كسابرة، في حديثه مع “العربي الجديد”، أن هذا التصعيد يأتي في سياق “السطوة الإيرانية، وتوسيع النفوذ الإيراني في الجنوب السوري، لتحويله إلى منطلق لتصدير المخدرات والإرهاب، بهدف إغراق دول الخليج بالحبوب المخدرة، وجعل الحدود الشمالية للأردن، المتاخمة لمحافظة درعا، منطقة اشتباك مستمر مع المليشيات الإيرانية”.
وحول الدور الروسي في الجنوب السوري، رأى كسابرة أن لإيران الدور الأبرز اليوم في المنطقة، بينما دور روسيا يواصل التقلص بعد الحرب في أوكرانيا.
تحركات لقوات النظام باتجاه طفس
وكانت المدينة شهدت في الأيام الأخيرة تصعيداً من جانب قوات النظام تسبب أيضاً بحركة نزوح للأهالي، بعد وصول تعزيزات من الفرقة 15 في قوات النظام إلى محيط المدينة، وتثبيت نقطة عسكرية جديدة جنوب مدينة طفس.
وأكد “تجمع أحرار حوران”، في بيان أخيراً، أن “قوات تابعة للفرقة 15، مدعومة بمليشيات اللواء 313 الإيرانية، تقدمت في الأيام الأخيرة على طريق درعا – طفس، وثبتت نقطة عسكرية جديدة جنوبي المدينة، وذلك تزامناً مع وصول تعزيزات عسكرية، شملت دبابات وآليات ثقيلة، إلى عدة نقاط عسكرية، أبرزها على طريق درعا – طفس ومنطقة الري على طريق اليادودة – المزيريب نحو سد بلدة اليادودة، ومنطقة المفطرة بين اليادودة وحي الضاحية”.
وكانت “الفرقة الرابعة” التابعة للنظام، والمتهمة بالتنسيق الوثيق مع إيران، أجبرت على الانسحاب من مناطق سيطرتها في ريف درعا الغربي قبل نحو عام، بفعل الهجمات العديدة التي تعرضت لها حواجزها في المنطقة، إضافة إلى اعتراضات إسرائيلية وأردنية على وجودها.
وبدأت “الفرقة 15” التي ليس لها علاقات علنية مع إيران ومليشياتها، ولم يسبق أن شكلت مليشيات داخل صفوفها كما فعلت “الفرقة الرابعة”، الانتشار، في يوليو/تموز الماضي، في ريف درعا الغربي، ومحاولة السيطرة على بعض المواقع الخارجة عن سيطرة النظام، وفي مقدمتها طفس. وتضم المدينة أكثر من 50 ألف نسمة، ويقصدها السكان والتجار من مختلف مناطق الريف الغربي لأغراض تجارية وعائلية.
توتر في عموم درعا
وتتزامن التطورات في طفس مع توترات مشابهة في العديد من مناطق الجنوب السوري، حيث اندلعت، فجر الثلاثاء الماضي، اشتباكات بالأسلحة الرشاشة في المزارع الشرقية لمدينة درعا بين شبان المنطقة وقوات النظام، إثر محاولة الأخيرة التقدم باتجاه المزارع وتثبيت نقاط فيها.
كما قتل قبل يومين أبو سالم العراقي، أحد أمراء تنظيم “داعش” في الجنوب السوري، بعد وقوعه في كمين لمقاتلين محليين في بلدة عدوان بريف درعا الغربي، حيث قام بتفجير نفسه بحزام ناسف، ليُقتل مع أحد المقاتلين المحليين السابقين في “الجيش الحر” بالإضافة إلى شخص، بينما أصيب ثلاثة آخرون.
المصدر: العربي الجديد