منذ قيام الطائرات الأميركية باستهداف مواقع للميليشيات الإيرانية في منطقة عياش غرب محافظة دير الزور السورية، الشهر الماضي، تتضارب الأنباء حول انعكاس هذه الضربات التي أعقبتها مناوشات صاروخية بين الجانبين، على الوجود الإيراني في المنطقة الشرقية من سوريا. فقد انتشرت معلومات حول اتخاذ قيادة “الحرس الثوري” الإيراني قراراً يقضي بتجميد أنشطة الميليشيات في المنطقة تجنباً لمزيد من الضربات الأميركية، غير أن تقريراً صدر حديثاً كشف عن شروع “الحرس الثوري” بإنشاء قاعدة عسكرية جديدة في منطقة مزار عين عليّ في بادية القورية بالقرب من مدينة الميادين.
ووصفت القاعدة التي تعمل الميليشيات الإيرانية على إنشائها في بادية القورية أنها ستكون ثاني أكبر تجمّع للقوات المحسوبة على إيران في الشرق السوري بعد قاعدة الإمام عليّ التي أُنشئت قبل أعوام في بادية البوكمال.
وتعتبر منطقة مزار عليّ من المناطق التي وضعت هيئة المزارات الدينية المدعومة إيرانياً يديها عليها منذ عام 2017، وسارعت في كانون الثاني (يناير) من عام 2018 إلى إنهاء العمل ببناء مزار ديني على نبع ماء مستغلّة وقوعه في مسار معركة صفين التاريخية.
ويتواجد مزار عين عليّ في محيط مدينة القورية، الذي يحظى بحماية خاصة من قبل “حرس السيدة زينب” وهي ميليشيا أفغانية، وتم بناء فندق قرب المزار لاستثماره أيضاً.
وبعد استعانتها بالضباط والمهندسين الذين شاركوا في إنشاء قاعدة الإمام عليّ، شرعت إيران عبر أدواتها في المنطقة ببناء قاعدة عسكرية في منطقة مزار عليّ، حيث وصل 30 ضابطاً برتب واختصاصات مختلفة قادمين من دمشق عبر مطار دير الزور العسكري إلى القورية بهدف دراسة بنية المنطقة ووضع مخططات هندسية للقاعدة الجديدة، وفق تقرير نشره موقع “عين الفرات” الذي يتابع أخبار الميليشيات الإيرانية في المنطقة الشرقية من سوريا.
واستقدم “الحرس الثوري” الإيراني آليات حفر ثقيلة من مدينتي البوكمال والميادين إلى محيط مزار عين عليّ وسط حراسة أمنية مشددة، وبدأت بأعمال حفر جنوب المزار تبدأ من الساعة السادسة صباحاً حتى الساعة الحادية عشرة قبل الظهر بمعدل 5 ساعات يومياً بالاعتماد على عناصر من جنسيات أجنبية ومن الساحل السوري لديهم خبرات بالعمل على الآليات الثقيلة.
وليست الغاية من عمليات الحفر إنشاء مستودعات ضخمة تحت الأرض للصواريخ والأسلحة النوعية القادمة من الأراضي العراقية، بل تسعى قوات “الحرس الثوري” أيضاً لربط مستودعات الذخيرة الثقيلة ومستودعات صواريخ “رعد” الإيرانية الموجودة في محيط مزار عين عليّ، بسلسلة أنفاق أرضية، بعد وصول دفعات وشحنات أسلحة بشكل دوري إلى المنطقة إما عبر برادات الخضار والفواكه أو ضمن حافلات الزوار الشيعة القادمين بقصد الزيارة، وفق ما كشف التقرير السابق.
وقد سبقت أعمال الحفريات إجراءات مشددة اتخذتها ميليشيات إيران في بادية القورية، من تعزيزٍ لحواجزها ونقاطها العسكرية المنتشرة في المنطقة، ومصادر الهواتف المحمولة واستبدال عناصرها المحليين من أبناء المنطقة بعناصر آخرين أكثر ولاءً استقدمتهم ميليشيات إيران مؤخراً بالتعاون مع ميليشيا “حزب الله اللبناني”، ونشر منظومة رادار، إلى جانب الاستيلاء على منازل ومحال تجارية وإخفاء آليات عسكرية ضمنها.
كذلك قامت الميليشيات بإنشاء مربع أمني كبير في محيط المزار يضم عشرات المقرات المزودة بأسلحة ثقيلة وصواريخ أرض – أرض بإشراف المدعو الحاج حسين قائد ميليشيا “الحرس الثوري” في الميادين.
كذلك رصدت “عين الفرات” نشر ميليشيات إيران دبابات ومضادات أرضية وكتيبة مدفعية ميدانية وهاون حول المستودعات في محيط مزار عين عليّ، لتأمين الحماية اللازمة من أي هجمات قد تتعرض لها المستودعات.
وكان وفد عسكري إيراني قد زار منطقة مزار عليّ قادماً من العراق في أواخر شهر أيار (مايو) الماضي. وضم الوفد في حينه 4 سيارات عراقية مدنية، ومعها 3 سيارات تابعة لميليشيا “الحرس الثوري” الإيراني، وجاءت زيارة الوفد برعاية فصيل ميليشيا “الحشد الشعبي” العراقي.
وفي أعقاب الغارات الأميركية ضد مواقع إيرانية في منطقة عياش، أفاد “المرصد السوري” أن “قيادة الميليشيات الموالية لإيران” أوعزت لتشكيلاتها العسكرية بوقف النشاطات العسكرية بشكل كامل والالتزام بالتواجد داخل المقرات، وفرض عقوبة في حال المخالفة الفردية، من طريق الشرطة العسكرية.
وأشار “المرصد السوري”، في 31 آب (أغسطس) الفائت، إلى أن قيادياً عسكرياً في “حزب الله” اللبناني زار مدينة الميادين بريف دير الزور، واجتمع القيادي المعروف بحاج سجاد مع قادة القوات الموالية لإيران، وأمرهم بتشكيل خلايا في منطقة شرق الفرات تعمل لصالح الميليشيات الإيرانية، من أجل شن هجمات على القواعد الأميركية واستخدام طائرات “درون” انتحارية من مسافات قريبة من القواعد المراد استهدافها لضمان عدم رصدها من قبل الدفاعات الأرضية.
المصدر: النهار العربي