طوال العقد الماضي، كان “العدو التركي” مصطلحاً دائم الحضور في الإعلام الرسمي السوري في إشارة إلى موقف أنقرة من نظام بشار الأسد بعد الثورة الشعبية في البلاد العام 2011. ومع بوادر انفتاح بين الجانبين، ظهر في الأسابيع القليلة الماضية، بما في ذلك لقاء جرى بين رئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان مع رئيس جهاز الأمن القومي السوري علي مملوك في دمشق، لم تظهر وسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية في سوريا أي ردّ فعل يُذكر.
وفيما قالت قالت صحيفة “صباح” التركية أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لن يلتقي برئيس النظام السوري بشار الأسد في المدى المنظور، قدم السفير السوري السابق في أنقرة نضال قبلان على ما يبدو شروط النظام من أجل التقارب العلني، فقال في تصريحات صحافية أن “إيقاف تركيا بث القنوات السورية المعارضة من أراضيها سيعدّ علامة على حسن النية”.
وتحدث قبلان، آخر سفير لسوريا في تركيا، مع قناة “بي بي سي تورك” موضحاً أن دمشق تتوقع خطوة ملموسة من أنقرة في هذه المرحلة، وأنها لم تصدر بياناً رسمياً بعد حول عودة العلاقات ربطاً بهذا التوقع. فيما انتشرت تصريحاته هذه في وسائل الإعلام السورية الموالية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي. كما ضخ مجموعة من الدعايات الرسمية المليئة بالأكاذيب بما في ذلك أن غالبية اللاجئين في تركيا يريدون العودة إلى حضن الوطن.
وبعد الثورة السورية، تمركزت عشرات الصحف والإذاعات السورية الناشئة في تركيا، ومازال بعضها يبث من هناك رغم إغلاق عدد كبير من تلك الوسائل في السنوات الأخيرة لأسباب تتعلق بالتمويل بالدرجة الأولى.
ولن يكون التضييق على وسائل الإعلام السورية المعارضة أمراً غريباً في حال حدوثه، لأن تركيا قامت بذلك فعلاً تجاه وسائل الإعلام المصرية المعارضة التي كانت تبث من تركيا، كثمن للتقارب بين تركيا ونظام عبد الفتاح السيسي في مصر، حيث طلبت السلطات التركية من إعلاميين مصريين معارضين وقف أنشطتهم الإعلامية على أراضيها، سواء في المحطات التلفزيونية الفضائية أو في مواقع التواصل الاجتماعي و”يوتيوب” العام 2021، بعد أشهر من طلب أنقرة من محطات مصرية معارضة التوقف عن بث الأحاديث السياسية الخاصة بالشأن المصري.
وتشهد تركيا أصلاً تراجعاً في مقاييس حريّة الصحافة خلال السنوات الأخيرة، وتقول تقارير ذات ضلة صادرة عن منظمات صحافية وحقوقية عالمية، أن البلاد أصبحت من أكثر البلدان تقييداً للصحافة وعمل الصحافيين.
المصدر: المدن