منظمة حقوقية تعلن مقتل 76 شخصاً مع اشتداد حملة القمع وباريس تدين العنف وألمانيا تستدعي سفير إيران. قُتل أكثر من 76 شخصاً في الحملة الأمنية التي تنفذها السلطات الإيرانية ضد المتظاهرين في أعقاب وفاة مهسا أميني في الاعتقال، وفق ما أعلنت الإثنين منظمة “هنكاو” الكردية الحقوقية ومقرها النروج.
لكن بحسب أحدث حصيلة أعلنتها السلطات قُتل 41 شخصاً بينهم متظاهرون وعناصر أمن.
وأوقفت السلطات الإيرانية أكثر من 1200 متظاهر، وفق ما أعلن مسؤولون الإثنين، خلال حملة القمع الدامية للتظاهرات التي تواصلت لليلة العاشرة احتجاجاً على وفاة الشابة مهسا أميني أثناء توقيفها لدى “شرطة الأخلاق”.
وليل الإثنين نظمت تظاهرات جديدة في طهران وغيرها من المدن، وفق ما أفاد شهود وكالة الصحافة الفرنسية. وأطلق محتجون في طهران شعارات مناهضة للمرشد الأعلى علي خامنئي (83 عاماً) وهتفوا “الموت للديكتاتور”.
وأظهر تسجيل فيديو من أحد الطوابق العليا يُعتقد أنه التقط في مدينة تبريز، أشخاصاً يتظاهرون على وقع إطلاق قوات الأمن قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، وفق مشاهد نشرتها منظمة “حقوق الإنسان في إيران”، ومقرها أوسلو.
ونشر حساب 1500 تصوير على “تويتر” الذي يركز على احتجاجات إيران مقاطع مصورة قال إنها تظهر احتجاجات في الشوارع في ساعة متأخرة من مساء الإثنين في أنحاء متفرقة من طهران، ولقطات سُمع فيها السكان وهم يهتفون من منازلهم “الموت للديكتاتور” و “الموت لخامنئي”.
وقالت منظمة “هنكاو” الحقوقية إن عدداً من النساء في مدينة سنندج في محافظة كردستان لوحن بحجابهن فوق رؤسهن متحدين السلطات فيما أطلق سائقون أبواق سياراتهم تضامناً، فيما أفادت أنباء أن المتظاهرين سيطروا على شوارع مدينة سنندج.
انتقادات دولية
وواجهت إيران الإثنين مزيداً من الانتقادات الدولية، وجاء تصاعد رد الفعل الخارجي بعد أن اتهمت طهران الولايات المتحدة باستغلال الاضطرابات في محاولة لزعزعة استقرارها.
وفي بيان، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني لموقع نور نيوز الإخباري التابع لجهاز أمني كبير “تحاول واشنطن دائما زعزعة استقرار إيران وأمنها على الرغم من أنها لم تنجح في ذلك”.
واتهم كنعاني، عبر صفحته على “إنستغرام”، قادة الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية باستغلال حادث مأساوي لدعم “مثيري الشغب” في حين يتجاهلون “وجود الملايين في شوارع البلاد وساحاتها لدعم النظام”.
من جانبه، قال رئيس وزراء كندا جاستن ترودو الإثنين إن بلاده ستفرض عقوبات على من يتحملون المسؤولية عن وفاة أميني ومن بينهم “شرطة الأخلاق” وقيادتها.
وقال ترودو للصحفيين في أوتاوا “عهدنا إيران لا مبالية بحقوق الإنسان المرة تلو الأخرى. الآن نراها (على تلك الشاكلة) بعد وفاة مهسا أميني والحملة على الاحتجاجات”.
باريس تدين القمع وألمانيا تستدعي سفير طهران
وارتفع مستوى التوتر بين إيران والدول الغربية، إذ أعربت باريس الإثنين عن “إدانتها بأشد العبارات القمع العنيف الذي يمارسه الجهاز الأمني الإيراني ضد التظاهرات” المستمرة في إيران، فيما استدعت ألمانيا السفير الإيراني، غداة تنديد الاتحاد الأوروبي بالاستخدام “غير المتكافئ والمعمم” للقوة واستدعاء طهران السفيرين البريطاني والنروجي.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الفرنسية أن “هذا القمع الوحشي أدى إلى مقتل عشرات المتظاهرين والمتظاهرات في الأيام الأخيرة”، مشيرة إلى أن فرنسا تبحث مع شركائها الأوروبيين في “الخيارات المتاحة للرد على هذه الانتهاكات الجديدة لحقوق النساء ولحقوق الإنسان في إيران”.
وشددت الخارجية الفرنسية على أن “فرنسا تدين كل أعمال العنف، التوقيفات والاعتقالات العشوائية (…) والانتهاكات الصارخة لحقوق النساء ولحرية التعبير عبر تعطيل مواقع إخبارية وشبكات تواصل اجتماعي” وكذلك أيضاً توقيف “صحافيين خلال أدائهم وظيفتهم”.
ودعت الخارجية الفرنسية “إيران إلى وضع حد للقمع الوحشي وإلى احترام تعهداتها الدولية على صعيد حقوق الإنسان بشكل كامل (…) وإلى ضمان حرية التجمع السلمي وإنشاء الجمعيات والانضمام إليها وحرية الرأي التعبير، خصوصا على الإنترنت”.
واستدعت الحكومة الألمانية سفير إيران في برلين بعد ظهر الإثنين للمطالبة بوضع حد لأعمال العنف والسماح بتنظيم “تظاهرات سلمية”.
وأعلنت وزارة الخارجية الألمانية في بيان على “تويتر”: “نطالب السلطات الإيرانية بالسماح بتنظيم تظاهرات سلمية وبعدم اللجوء إلى مزيد من العنف”، داعية طهران إلى الحد من “العنف القاتل الممارس بحق المتظاهرين”.
وتابعت الوزارة “هذا ما أبلغناه اليوم (الإثنين) بشكل مباشر لسفير إيران في برلين”. وكانت الحكومة الألمانية قد أعلنت صباحا استدعاء السفير الإيراني بعد حملة قمع التظاهرات.
وقال المتحدث باسم الحكومة الألمانية كريستيان فاغنر “ندرس بشكل رسمي كل الخيارات” رداً على القمع. وخرجت نهاية الأسبوع تظاهرات دعم للمحتجين الإيرانيين في عدة مدن أوروبية من بينها باريس ولندن.
إطلاق الذخيرة الحية على المتظاهرين
وقال مدير منظمة “حقوق الإنسان في إيران” محمود أميري مقدم “ندعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات عملية بشكل حاسم وموحد لوقف قتل وتعذيب المتظاهرين”، مضيفاً أن التسجيلات المصورة وشهادات الوفاة التي حصلت عليها المجموعة تظهر بأن “الذخيرة الحية تطلق مباشرة على المتظاهرين”.
وعمد عناصر شرطة مكافحة الشغب الذين كانوا يحملون دروعاً بضرب المتظاهرين بالهراوات، ومزق طلاب صوراً كبيرة لخامنئي وسلفه الخميني، وفق ما أظهرت مشاهد بثتها وكالة الصحافة الفرنسية مؤخراً.
والإثنين أفادت منظمة العفو الدولية أن المتظاهرة حديث نجفي البالغ 22 عاماً قُتلت في 21 سبتمبر (أيلول) في كرج.
وجاء في بيان للمنظمة أن “قوات الأمن أطلقت الخرطوش عليها من مسافة قريبة، فأصابتها في وجهها وعنقها وصدرها”، في تأكيد لروايات تم تداولها سابقاً على شبكات التواصل الاجتماعي.
وعمد متظاهرون إلى رشق الشرطيين بالحجارة وإحراق سيارات الشرطة والمباني الحكومية.
وأفادت السلطات بأن نحو 450 شخصاً تم توقيفهم في محافظة مازندران الشمالية و700 شخص في محافظة غيلان المجاورة والعشرات في مناطق أخرى. وبحسب “لجنة حماية الصحافيين” تم توقيف 20 صحافياً.
وقال المدعي العام في المحافظة محمد كريمي وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، إن “في الأيام الأخيرة هاجم مثيرو شغب مقار إدارات حكومية وألحقوا أضراراً بممتلكات عامة في بعض مناطق مازندران بتوجيه من عملاء أجانب مناهضين للثورة”.
قال رئيس السلطة القضائية غلام حسين محسني إجئي إن شرطة طهران تنتشر “24 ساعة في اليوم”، شاكراً “العناصر المنهكين” وقائد شرطة العاصمة أثناء زيارة إلى مقرها الأحد، وفق ما أظهر فيديو نشرته وكالة أنباء السلطة القضائية “ميزان أون لاين”. وأشار إلى أن العديد من العناصر “لم يناموا الليلة الماضية والليالي السابقة… وينبغي شكرهم”.
وكان قد شدد إجئي في وقت سابق على “ضرورة التعامل بدون أي تساهل” مع المحرضين على “أعمال الشغب”.
الإصغاء للشعب
لكن المرجع الديني الإيراني البارز حسين نوري الهمداني، حليف المعسكر المحافظ المتشدد، حض الإثنين السلطات على “الإصغاء للشعب”.
وجاء في بيان نشره موقعه الإلكتروني أن “القادة عليهم أن يصغوا لمطالب الشعب وأن يحلوا مشاكله وأن يبدوا اكتراثاً بحقوقه”.
ورغم القيود الصارمة على الإنترنت بما في ذلك حجب “إنستغرام “و”واتس أب”، أظهرت مقاطع فيديو جديدة تم تداولها على نطاق واسع على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجات ليل الأحد في طهران ومدن بما فيها يزد وأصفهان وبوشهر المطلة على الخليج العربي.
وذكرت تقارير أخرى أن طلاباً في جامعات طهران والزهراء والشريف نفذوا إضراباً ورفضوا حضور الصفوف ودعوا أساتذتهم للانضمام إليهم.
استخدام غير متكافئ للقوة
وانتقد الاتحاد الأوروبي إيران وقال إن “الاستخدام غير المتكافئ للقوة في حق المتظاهرين مرفوض وغير مبرر”، على ما جاء في بيان لمسؤول السياسة الخارجية للاتحاد جوزيب بوريل.
وقال بوريل إن الاتحاد الأوروبي “سيواصل درس كل الخيارات المتاحة قبل الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية إزاء وفاة مهسا أميني والطريقة التي ترد فيها القوى الأمنية الإيرانية على التظاهرات التي تلت”، في البلد الذي فرضت عليه عقوبات على خلفية برنامجه النووي.
من جانبها، استدعت طهران الأحد السفير البريطاني للاحتجاج على ما وصفته بأنه “تحريض على أعمال شغب” تنتهجه شبكة “بي.بي.سي فارسي” التي تبث بالفارسي ومقرها لندن. كذلك استدعت سفير النروج على خلفية “تصريحات غير بناءة” أدلى بها رئيس البرلمان النروجي على خلفية التظاهرات في الجمهورية الإسلامية.
وحيا الرئيس الأميركي جو بايدن الأسبوع الماضي المتظاهرين وأكد أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة “التضامن مع نساء إيران الشجاعات اللواتي يتظاهرن من أجل ضمان حقوقهن الأساسية”.
المصدر: اندبندنت عربية