مدّدت الولايات المتحدة الأميركية الخميس، حالة الطوارئ الوطنية الخاصة بشأن التعامل مع سوريا لمدة عام واحد، معتبرةً أن الخطر القادم من هناك ولاسيما التهديد التركي بشنّ عملية عسكرية، لايزال يشكل تهديداً غير عادي على الأمن القومي الأميركي. فيما غاب ذكر سوريا إلا بثلاثة مواضع تحت عناوين فرعية من استراتيجية الرئيس الأميركي الجديدة للأمن القومي.
تهديد غير عادي
وقال البيت الأبيض في بيان تمديد حالة الطوارئ، إن “الوضع في سوريا وخصوصاً الإجراءات التي اتخذتها الحكومة التركية من أجل شنّ هجوم عسكري على شمال شرق سوريا، يقوض هزيمة تنظيم (داعش) في العراق وسوريا، ويعرّض المدنيين للخطر، كما يقوّض أكثر الأمن والسلام والاستقرار في المنطقة”.
وأضاف البيان الممهور بتوقيع الرئيس الأميركي جو بايدن، أن الوضع في سوريا “لا يزال يشكل تهديداً غير عادي للأمن القومي الأميركي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة”، ولذلك السبب “يجب أن تستمر حالة الطوارئ الوطنية” هناك.
ويستند التمديد بحسب البيان إلى حالة الطوارئ الُمعلنة في 14 تشرين الأول/أكتوبر 2021، والتي أعلنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إبان العملية التركية ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) شمال شرق سوريا في 2019، ضمن ما يعرف الآن بمنطقة عمليات “نبع السلام” الخاضعة لسيطرة أنقرة والجيش الوطني المعارض المدعوم من قبلها.
وهي المرة الثانية التي يمدّد فيها الرئيس الأميركي حالة الطوارئ الوطنية منذ توليه مقاليد سلطة البيت الأبيض رسمياً بداية 2021، والتي فرضها سلفه ترامب، وفقاً لقانون الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية للتعامل مع التهديد غير العادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة.
بايدن يرد على معارضيه
وبهذا التمديد، فإن بايدن يملك صلاحيات لفرض عقوبات اقتصادية على أفراد وكيانات دوليّة وإقليمية لها ارتباط بالتهديد القادم من سوريا.
ويرى المعارض السوري في واشنطن أيمن عبد النور أن تمديد حالة الطوارئ الوطنية مرتبطة بعدد من العوامل، أبرزها تلك الأصوات المُطالبة بخروج الجيش الأميركي من سوريا، إضافة إلى الانتخابات النصفية القادمة في الولايات المتحدة، وما سيليها من تشديد للعقوبات ضد إيران.
ويقول عبد النور ل”المدن”، إن الأسبوع الماضي كان حاشداً بمطالبات من قبل شخصيات ووسائل إعلامية تطالب الرئيس الأميركي بسحب الجيش الأميركي الذي لم يعد مجدياً وجوده في سوريا، ولا مكاسب من استمراره حسب وصفهم، معتبراً التمديد بمثابة رد من قبل بايدن على تلك الأصوات.
كما يعتبر أن الانتخابات النصفية التي ستجري في الولايات المتحدة في تشرين الثاني/نوفمبر، ستشهد غالباً صعود الحزب الجمهوري لقيادة مجلس النواب، وهو ما سيرافقه انعكاسات على الملف السوري من جهة تشديد العقوبات الاقتصادية ورفض التطبيع مع النظام والتشدد أكثر تجاه عمليات تصنيع المخدرات، وكذلك تشدّد أكبر مع إيران وحزب الله اللبناني،
استراتيجية الأمن القومي
وتزامن التمديد لحالة الطوارئ الوطنية، مع طرح الرئيس الأميركي وثيقة تتضمن استراتيجيته الجديدة للأمن القومي الأميركي، لم تُذكر سوريا في صفحاتها ال48 إلا داخل عناوين فرعية هي: الاستراتيجية الأميركية المتعلقة بروسيا، تخفيض التصعيد في الشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب.
وهنا يوضح عبد النور أن ذلك يُعتبر بمثابة غياب سوريا عن الأولويات الأميركية وحتى القضايا الفرعية منها، معتبراً أن ذكرها كان استثنائياً، يندرج تحت هوامش البنود الفرعية للاستراتيجية، وهو ما يمكن اعتباره بمثابة عملية تجميد للصراع العسكري في سوريا.
ويقول عبد النور إن الولايات المتحدة تؤكد من خلال الاستراتيجية أنها لن تسمح لأحد بتجاوز خطوط السيطرة العسكرية المرسومة من قبل عناصر النزاع سوريا، وتحقيق مكاسب عسكرية في هذا السياق، بما فيها تركيا. ويلفت إلى أنها بداية لمرحلة جديدة تحضر لها واشنطن وهي إعادة البناء وتحسين وضع السكان بعد إنهاء الإرهاب، والانتقال بعدها لمرحلة لاحقة هي توحيد تلك المناطق في سوريا.
المصدر: المدن