تعكس تصريحات رئيس الأركان الإسرائيلي، أفيف كوخافي، الأخيرة مدى فشل خطة القائد السابق لـ”فيلق القدس” في الحرس الثوري الإيراني، قاسم سليماني، للانتشار بسوريا.
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي في مؤتمر لمعهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب الثلاثاء إنه “بالفعل تم إفشال المخطط الإيراني الذي سعى إلى نصب مئات الصواريخ في سوريا، ومرابطة عشرات الآلاف من عناصر الميليشيات فيها، وإنشاء تنظيم يشبه تنظيم حزب الله في هضبة الجولان. بالفعل تم إجهاض المخطط الذي دبر له قاسم سليماني، لكن هذا المخطط لم يختف بالكامل ولدينا المزيد مما يجب فعله في هذه المضمار”.
ويقول الخبير الأمني الإسرائيلي أمير أورن، لموقع الحرة إن التصريحات الأخيرة تشير إلى أن الخطط التي وضعها سليماني لم تسر وفقما خطط لها، أي أنه بمقارنة النتائج بالخطط فإن الأخيرة قد أخفقت.
ويوضح أن المسؤول الإسرائيلي أراد القول إن سليماني كانت لديه خطة كبيرة تتمثل في نشر مئات الصواريخ أرض-أرض أرض-جو موجهة بدقة، ونشر آلاف القوات بالوكالة، يتمركز معظمها في سوريا، بالإضافة إلى أنشطة أخرى، وإن معظم هذه الأنشطة، تم إحباطها من قبل إسرائيل، من خلال الضربات المستمرة.
ويلفت إلى أنه لم يشر إلى فشل المخطط الإيراني تماما، لكن بالمقارنة بما خطط له سليماني، فإن ما لديهم الآن من قوات وموارد في سوريا يعتبر ضئيلا.
ويرد الخبير ذلك إلى الجهود التي بذلتها إسرائيل خلال السنوات الماضية في ضرب الأهداف الإيرانية.
وأضاف كوخافي، وفق تصريحاته التي أوردتها صحيفة يدعوت أحرونوت: “إذا كان رئيس إيران سيأتي إلى سوريا اليوم، فسيدرك أن هناك عددا أقل بكثير من السلاح الذي يتوقع وجوده هناك، وأن هناك عددا أقل بكثير من القواعد الإيرانية وقوات أقل بكثير. كل هذا لم يحدث من تلقاء نفسه”.
وقال رئيس الأركان إن فشل إيران هو نتيجة الجهود الإسرائيلية التي بدأت عام 2013 واستمرت بوتيرة “أسبوعية”.
وقال كوخافي إن “هذه الحملة (الإيرانية) هي متعددة الأبعاد، جوية، وبحرية، وبرية، وسيبرانية. وهي في كل المنطقة، من يظن أن هذه الحملة تجري فقط على الأراضي السورية ليست تلك هي الحال، إنها تشمل الشرق الأوسط بأكمله على مستويات مختلفة، وهي حملة تكثفت في السنوات الأخيرة. اليوم نحن لدينا نشاط أو آخر في كل أسبوع. وهذه الأنشطة هي التي أدت إلى النتيجة التي نتحدث عنها”.
وكان رئيس الأركان قد أدلى بتصريحات مشابهة قبل نحو أسبوعين، عندما ألمح إلى المسؤولية عن ضربة جوية استهدفت شاحنة وقود تحمل أسلحة دخلت سوريا من العراق في نوفمبر.
وقال مسلحون في المنطقة إن ضربة جوية على قافلة كانت تعبر الحدود العراقية إلى سوريا أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 10 أشخاص في أوائل نوفمبر، وفق صحيفة هارتس الإسرائيلية.
وقال عنصران في القوات شبه العسكرية في المنطقة لوكالة أسوشيتد برس إن الضربة أصابت قافلة من نحو 15 شاحنة بالقرب من معبر القائم وإن بعض القتلى إيرانيون.
وهذا المعبر الحدودي مهم بالنسبة لإيران لأنه ينقل الصواريخ والبضائع الأخرى إلى سوريا وإلى حزب الله.
وقال التلفزيون الإيراني الرسمي إن القافلة كانت تضم 22 شاحنات وقود، مضيفا أن الهجوم وقع بعد عبور ثماني شاحنات إلى سوريا.
وفي إشارة إلى نشاط الجيش الإسرائيلي في الحدود الشمالية، قال كوخافي في ذلك الوقت إن العمليات العسكرية في المنطقة مستمرة “منذ سنوات عديدة.. في لبنان وأماكن أخرى، وخاصة في وسط سوريا”.
وقال كوخافي إن النشاط العسكري الإسرائيلي في الشمال السوري أدى إلى “تعطيل كامل لرؤية الإيرانية التي كان من المفترض أن تشمل الآن مئات من صواريخ أرض- أرض وصواريخ أرض- جو في سوريا ولبنان، وعشرات الآلاف من رجال المليشيات كانوا سيؤسسون قوة جديدة لحزب الله في جنوب هضبة الجولان”.
وشدد على أن القدرات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية جعلت من الممكن ضرب أهداف محددة تشكل تهديدا.
وقال إنه بدون هذه القدرات، لما كانت الضربة الأخيرة ممكنة.
وأضاف: “لم يكن من الممكن أن نعرف قبل أسابيع قليلة عن مرور القافلة السورية من العراق إلى سوريا. لم يكن بوسعنا أن نعرف ما بداخلها ولم نكن نعرف أن من بين 25 شاحنة كانت تلك الشاحنة”.
وفي نوفمبر أيضا، قتل العقيد في الحرس الثوري الإيراني داود جعفري. وألقت إيران باللوم على إسرائيل في مقتله. وكان الجعفري على ما يبدو مستشارا عسكريا للحرس في سوريا وعلى صلة ببرنامج الطيران والفضاء الإيراني، وفق صحيفة هآرتس.
وقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان عدد الاستهدافات الإسرائيلية للأراضي السورية التي تمكن من توثيقها إلى 32 استهداف منذ مطلع العام الحالي، جرت عبر ضربات صاروخية وجوية.
وأقر قادة إسرائيليون في الماضي بضرب مئات الأهداف في سوريا وأماكن أخرى في إطار حملة لتعطيل محاولات إيران تهريب الأسلحة إلى وكلائها، مثل جماعة حزب الله أو بهدف تدمير مخابئ الأسلحة، لكن مثل هذه الإشارة المحددة من جانب كوخافي إلى ضربة معينة أمر نادر الحدوث.
وعما إذا كانت تصريحات كوخافي تمثل اعترافا رسميا، قال المحلل الإسرائيلي لموقع الحرة إن إسرائيل لا تعترف بضربات محددة. لكن من حين لآخر، يتحدث القادة عن ذلك عند انتهاء فترات عملهم، مثلما فعل قائد سلاح الجو.
وأوضح أنه عندما ينهي المسؤولون فترة عملهم “يقولون خلال فترة وجودي هاجمنا العديد من الأهداف”، وكوخافي على وشك إنهاء فترة عمله في غضون ثلاثة أسابيع، ذلك فهو يحاول تصوير فترة توليه منصبه على أنها ناجحة، ويتحدث عن سوريا باعتبارها دليلا.
وتقول جيروزاليم بوست في تقرير سابق لها إن إسرائيل تعمل منذ سنوات على منع “ترسيخ” إيران نفسها في سوريا، ومع بدء الحرب الأهلية السورية في عام 2012 زادت التوترات بين إيران وإسرائيل بعد أن أرسل حزب الله قوات إلى سوريا.
وتقول الصحيفة إن قوات حزب الله تمكنت من اختراق جنوب سوريا عندما انهارت قوات المعارضة السورية عام 2018، مما هدد إسرائيل من الجانب السوري من مرتفعات الجولان.
وسعت إيران خلال تلك السنوات إلى نقل الطائرات من دون طيار والدفاعات الجوية إلى سوريا، بينما أقامت أيضا مستودعات في المطارات لنقل الذخائر، حتى أنها شيدت قاعدة تسمى “الإمام علي” على الحدود مع العراق بالقرب من البوكمال.
وفي تصريح لموقع الحرة، قال مئير مصري، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة العبرية في القدس، عضو اللجنة المركزية لحزب العمل، لموقع الحرة، إنه منذ اندلاع الحرب في سوريا، عملت إيران على “استغلال تهاوي الدولة السورية لبسط سيطرتها على مفاصل الحكم في دمشق من ناحية، وتحويل سوريا إلى مصدر تهديد دائم لإسرائيل من ناحية أخرى، وذلك من خلال تموضعها الصاروخي والميليشياوي. الشيء الذي تنبهت له إسرائيل منذ اليوم الأول وواجهته بقوة السلاح”.
وخلال السنوات الماضية، كانت إسرائيل تنفذ استراتيجية “الحرب بين الحربين” من خلال سلسلة من الضربات الجوية على أهداف إيرانية، مما أضر بقدرة إيران على التأثير في المنطقة، وفق جيروزاليم بوست.
وقالت الصحيفة إن الاستراتيجية سعت إلى منع ظهور “حزب الله 2″، بعد أن ضاعف قوته منذ حرب عام 2006.
ويلفت مصري إلى أنه “على عكس ما يظنه البعض، فإن التدخل الروسي في سوريا، خدم مصلحة إسرائيل.، حيث بات لإسرائيل شريك أمني مُعتمد على الأراضي السورية”، يتمثل في الجيش الروسي الذي ينسق معه الجيش الإسرائيلي على طول الخط.
وقال: “مخطئ من يظن أن روسيا وإيران على قلب رجل واحد في الشام، حيث تزاحم ميليشيات إيران روسيا وتحملها أعباء سلوكها الطائفي وممارساتها غير المنضبطة”.
وأضاف: “إسرائيل باتت اليوم تطارد إيران وأذرعها في وضح النار، في الوقت الذي تهرب فيه طهران أسلحتها في الداخل السوري خلسة عن طريق بواخر النفط والطيران المدني”.
وتابع: “استطاعت إسرائيل أن تطور من آليات نشاطها الأمني في الداخل السوري وإقناع العالم بعدالة موقفها”.
واعتبر أن “إسرائيل تمثل اليوم عنصر الردع الوحيد في العالم في مواجهة الأخطبوط الإيراني. وهي تحارب نيابة عن الوطن العربي الذي أصبحت بوابته الشمالية وحائطه المنيع، في الوقت الذي بات فيه بلد البعث (سوريا) مرتعا لكل من هب ودب”.
ويرى المحلل الإسرائيلي، أورن، في تصريحاته لموقع الحرة أن “الموقف الإسرائيلي الآن بالنسبة للتواجد الإيراني في سوريا أفضل بكثير، وبينما لا نعرف ما إذا كانت هناك حرب سوف تندلع أو ستحدث مفاجآت، يمكننا القول الآن إن المخاوف الأمنية لإسرائيل تراجعت كثيرا”.
لكنه أشار إلى تواجد إيران في الجزء الشمالي من سوريا، بعيدا عن الحدود الإسرائيلية، وتحديدا قرب الحدود التركية، حيث تتمتع إيران بنفوذ هناك.
المصد: الحرة. نت