هبة محمد
أعلن مجلس الرقة المدني التابع لـ”الإدارة الذاتية”، فرض حظر تجوال كلي في مدينة الرقة حتى إشعار آخر، على خلفية هجوم شنه عناصر تنظيم «الدولة» على مقر لقوات سوريا الديمقراطية “قسد” تبعه عمليات بحث وتمشيط عن خلايا محتملين في مدينة الرقة شمال سوريا، يجري ذلك بينما أكد أهالي ريف دير الزور الغربي استمرار الاحتجاجات السلمية حتى تحقيق مطالبهم المتمثلة بإنشاء مجلس عـسكري لقبيلة البكارة و تمثيل حقيقي للمكون العربي في ” الإدارة الذاتية ” ومحاسبة المتورطين في جرائم القتل.
ونشرت شبكة “فرات بوست” المهتمة بشؤون المنطقة الشرقية من سوريا، مقاطع مصورة تظهر خروج مظاهرات شعبية للضغط على “قسد” والتحالف الدولي، بينما دعا ناشطون لإضراب عام في دير الزور من أجل المطالبة بمحاسبة قائد مجلس دير الزور العسكري أحمد الخبيل التابع لقوات سوريا الديمقراطية، والمتورطين والمتهمين بجرائم قتل واغتصاب في المنطقة.
وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية فرهاد شامي الثلاثاء لوكالة فرانس برس إن “حملة التمشيط وملاحقة خلايا داعش المحتملة وحالة حظر التجوال مستمرة إلى إشعار آخر” في الرقة. وأضاف “لدينا بعض المعلومات حول هجمات محتملة لداعش في عطلة أعياد رأس السنة في الرقة والحسكة والقامشلي، لذلك أعلنا حالة الاستنفار”.
وأفاد مراسل فرانس برس عن مشاهدته في مدينة القامشلي تعزيزات لقوى الأسايش عبر حواجز ودوريات إضافية. وتعزز قوات الأمن الكردية انتشارها في فترة الأعياد من كل سنة خشية من اعتداءات لتنظيم «الدولة» الإسلامية. ويُعد هجوم الرقة الأخير الأكبر ضد سجن منذ الهجوم الذي شنه العشرات من مقاتلي التنظيم على سجن غويران في مدينة الحسكة في كانون الثاني/يناير 2022، وأسفر عن مقتل المئات من الطرفين. وطال هجوم الرقة مربعاً أمنياً يضم مراكز أمنية وعسكرية عدة، فضلاً عن سجن للاستخبارات التابعة لقوات سوريا الديمقراطية. ورأى شامي أن تنظيم «الدولة» الإسلامية “يحاول تأكيد تأثيره وتواجده خاصة بعد تعيين زعيم جديد له” إثر مقتل زعيمه الأسبق في منتصف تشرين الأول/أكتوبر خلال اشتباكات في جنوب سوريا.
احتقان شعبي
وفي محاولة لاحتواء الاحتقان الشعبي، عقد قائد “قسد” مظلوم عبدي، قبل أيام اجتماعا مع وجهاء قبيلة البكارة العربية في مدينة الحسكة، لبحث الملفات الأمنية والخدمية في ريف دير الزور الغربي، كما رفع مطالب المحتجين وعلى رأسها محاسبة شقيق قائد مجلس دير الزور العسكري، جلال الخبيل، بالوقوف وراء جريمة قتل واغتصاب. تزامناً، فرض مجلس الرقة المدني التابع لـ”الإدارة الذاتية”، حظراً كلياً في مدينة الرقة، ونشر المجلس تعميماً على معرفاته الرسمية عبر وسائل التواصل الاجتماعي جاء فيه “بناء على الأحداث الأخيرة التي حصلت اليوم في مدينة الرقة؛ لذا قرر إعلان حالة الطوارئ وفرض حظر كلي في مدينة الرقة من تاريخ يوم 26 كانون الأول 2022 حتى إشعار آخر”.
وقال مسؤول في مجلس الرقة المدني، الثلاثاء، إن هجوم تنظيم «الدولة» على مركز قوى الأمن الداخلي “الأسايش” أثر بشكلٍ سلبي على الجانب الإنساني والإغاثي، حيث توقفت مساعدة آلاف العائلات النازحة في الرقة بسبب الحظر. واعتبر الرئيس المشارك للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مجلس الرقة المدني جهاد حسن، أن المتضرر الأكبر من الهجوم هم النازحون، حيث توقفت المنظمات عن العمل وتقديم المساعدات الإغاثية للعائلات النازحة. وأضاف في تصريح لوسائل إعلام تابعة لقسد أنه “كان من المقرر أن تقوم 9 منظمات بتوزيع أكثر من 6400 بطاقة، منها إغاثية ومنها سلال شتوية مقدمة من برنامج الغذاء العالمي والبالغة 23 ألف سلّة، قبل رأس السنة”. وأشار حسن إلى أن الحظر تسبب أيضاً بتأجيل توزيع مخصصات التدفئة الشتوية، على النازحين في المخيمات العشوائية، داعياً المنظمات الإنسانية الدولية والتحالف الدولي للقيام بمسؤولياتها، من أجل إنقاذ الوضع الإنساني، معتبرا أن “هجمات التنظيم تُزيد الوضع الإنساني في الرقة وشمالي سوريا سوءاً”.
حظر تجول كلي
وكالة “هاوار” الكردية، كشفت الثلاثاء، أن عمليات التمشيط لا تزال مستمرة في حي الدرعية وسط فرض حظر تجوال كلي في كافة أنحاء مدينة الرقة، على خلفية هجوم شنه خلايا تتبع لتنظيم داعش ظهر الإثنين، استهدف مركز لقوى الأمن الداخلي في حي الدرعية الواقع في الطرف الشمالي الغربي لمدينة الرقة، وسجن لتوقيف معتقلي تنظيم «الدولة». ويوم الاثنين، قتل 6 عناصر من “قسد”، بعد تعرض مقر لقوى الأمن الداخلي “الشرطة – الأسايش” لهجوم مسلح، تبعه استنفار أمني في المدينة وإغلاق طرق مع استمرار سماع دوي إطلاق النار.
وتبنى تنظيم «الدولة»، هجوما على المركز الغربي لقوات الأمن الداخلي التابعة لقسد في الرقة، والذي تسبّب في مقتل “4 من قوات الأسايش و2 من قوات قسد” حسب وسائل إعلام تابعة لقوات سوريا الديمقراطية.
وقالت مصادر محلية، إن مجهولين هاجموا نقطة أمنية شمال غربي المدينة، ما خلّف قتلى وجرحى من الطرفين، لم تتوفر أرقام دقيقة عن أعدادهم، بينما توجهت سيارات الإسعاف إلى المنطقة. وقالت وكالة “هاوار” الكردية، إن “هجومًا انتحارياً” استهدف مقر الشرطة في الرقة، خلّف قتيلين من المجموعة المهاجمة، أحدهما كان يرتدي حزامًا ناسفًا.
وتبنى التنظيم خلال الأيام القليلة الماضية، 4 عمليات ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد”، ليرتفع بذلك عدد العمليات إلى 184 عملية في مناطق الإدارة الذاتية منذ مطلع العام الجاري. ويوم الاثنين، أعلن تنظيم «الدولة»، عبر معرفات مقربة منه ثلاث عمليات ضد قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في أرياف دير الزور، شرقي سوريا. ونشرت وكالة “أعماق” الإلكترونية المقربة من التنظيم بياناً، قالت فيه إن مسلحي التنظيم استهدفوا بقذيفة “آر بي حي” وأسلحة رشاشة نقطة تفتيش لـ”قسد” بالقرب من بلدة الجاسمي في ناحية الصور شمالي دير الزور. وأضافت، أن الهجوم أسفر عن إصابة مقاتلين اثنين من “قسد” وتضرر النقطة. وفي بيان آخر، قالت إن مسلحي التنظيم استهدفوا بالأسلحة الرشاشة آلية رباعية الدفع لقوات قسد بالقرب من سوق بلدة ذيبان 50 كم شرقي دير الزور، ما أدى لإصابات.
ذكريات مؤلمة
وفي عملية ثالثة، تبنى التنظيم عملية استهداف مقاتل من “قسد” ببلدة حوايج بومصعة في ريف دير الزور الغربي، وذكر بيان “أعماق” إن مسلحي التنظيم استهدفوه بطلقات مسدس كاتم للصوت بسوق البلدة، ما أدى لإصابته. وفي الآونة الأخيرة ارتفعت عمليات تنظيم «الدولة»، في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، وذلك مع اقتراب الاحتفالات بالعام الجديد، رغم الإجراءات الأمنية المكثفة التي تفرضها “قسد” على المنطقة.
وفي الرقة، أعاد الهجوم، الذي تبناه تنظيم «الدولة» الإسلامية، ذكريات سكان المدينة الذين عانوا الأمرين خلال سيطرة التنظيم على المدينة. وقال الناشط الإعلامي أسامة الخلف، لفرانس برس عبر الهاتف “تجددت المخاوف بعدما استطاع (التنظيم) الدخول ومهاجمة المربع الأمني المعروف بحراسته الجيدة والمتينة”. وقال أحد السكان، طالباً عدم الكشف عن هويته لفرانس برس عبر الهاتف، “داعش لا يدعنا ننسى وجوده، ويريدنا أن نعيش الخوف والهلع من جديد”. وأضاف “الحرب أتعبتنا ولم يعد لدينا القدرة على العيش مع التفجيرات والقتل والخوف، نبحث عن السلام لا غير”.
المصدر:«القدس العربي»