عبير حسين
لم يكن فجر السادس من شباط الجاري يوماً عادياً، لقد حمل معه الكثير من الآلام للشعب السوري والتركي، بعد أن ضرب الزلزال المدمر جنوب تركيا وشمال سورية.
خلف الكثير من الضحايا والعديد من المدن التي دمرت تمامًا بفعل الزلزال.
كان سوريو الشمال في هذا اليوم في أشد احتياج لهم، فالكارثة كبيرة، والضحايا كثيرين، والحاجة للآليات والمساعدات كانت كبيرة جدًا، لم يصل منها شيء في الساعات والأيام الأولى للزلزال، ورغم فتح المعابر من الطرف التركي، خذلت الأمم المتحدة السوريين رغم المناشدات، الأمر الذي تسبب في فقدان فرص النجاة للكثيرين، عمل الدفاع المدني بإمكانيات بسيطة قدر استطاعته في إنقاذ ما يمكن إنقاذه.
لم يكن وقع الكارثة على الشمال السوري كغيرها من المناطق التي أصابها الزلزال، لأن الشمال السوري قبل الزلزال فيه ما يكفي من الضعف ويعاني الكثير من الأزمات، بنية تحتية شبه مدمرة بفعل القصف الممنهج الروسي والسوري لها، ضمن نهج قتل الحياة الذي تتبعه الاثنتين ضد من ثار على الأسد، إمكانيات للحياة متواضعة وبسيطة، بالكاد يتمكن السوري في هذه المناطق أن يحيا بها، ليأتي الزلزال، ويضع الشمال السوري أمام كارثة كبيرة، لم يكن التعامل معها بالأمر السهل، آلاف تحت الأنقاض، معدات وآليات بسيطة لا تقوى على مواجهة هذا العبء، أحياءٌ مدمرة وفرقٌ لا تكفي للعمل على من ينتظرون انتشالهم من تحتها، مشهدٌ مؤلمٌ لدرجة الذهول، جنائزٌ في كل مكان، لقد كان يوماً لا يشبه أي يوم في تاريخ الشمال السوري، ليس فقط من حيث الكارثة التي حلت على الجميع هناك، وإنما عما يحمله ذلك من نتائج لن يقوى الشمال على تحملها في قادم الأيام.
لأن الشمال اليوم أمام تحديات غير مسبوقة، أولاً من حيث الآلاف المشردين المحتاجين للمأوى وللطعام والشراب والخدمات والتعليم والعلاج، وثانياً من حيث إعادة تأهيل ما دمره الزلزال من بنية تحتية تخدم هذه المناطق.
إضافة الى خط الفقر الذي تجاوز ال90% قبل الزلزال، حيث لا يملك الإنسان في هذه المناطق أن يؤمن أبسط احتياجاته، جاء الزلزال ليزيد من عجز الإنسان هناك، وفقدت كثير من الأسر المعيل، واحتمال تزايد خط الفقر إلى مستويات متقدمة كبير جدًا، خاصة مع تعطل أغلب مقومات الحياة، و اقتصاديات بسيطة، لا تملك أن تقدم حلولا للمشاكل المتزايدة.
آلاف من التلاميذ من دون تعليم، إما بسبب تهدم مدارسهم، او لأن مدارسهم أصبحت مركزاً للإيواء، الأمر الذي يعني زيادةً في ضعف تلاميذنا علمياً وازدياد نسبة الجهل.
قطاعٌ طبي بسيط لا يقوى على مجابهة إصابات خطيرة وأمراض قد تؤدي إليها كوارث مثل الزلزال، ومع تضرر العديد من المرافق الطبية وتهدم أخرى، أصبح الأمر أقرب للعجز خاصةً مع ورود أخبار تتحدث عن تفشي مرض الكوليرا بعد الضرر الكبير الذي أصاب قطاع الصرف الصحي بفعل الزلزال، وهذا ينذر بكارثة مقبلة.
لن تكون الإحاطة بما خلفه الزلزال بالأمر السهل، فكل يوم تظهر مشاكل واحتياجات جديدة، تجعلك تدرك أن ما صنع الزلزال بالمنطقة أنه حولها من منطقة بالكاد تحيا بما فيها من ضعف، إلى منطقة أبرز ما تتسم به هو العجر.
المصدر: إشراق