ابتسام عازم
قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الاثنين، إن نحو 1000 قرار أممي بشأن القضية الفلسطينية “لم ينفذ أي منها منذ العام 1947″، مشيراً بالتحديد إلى القرارين 181 (II) (قرار تقسيم فلسطين) و194 (قرار حق العودة للاجئين الفلسطينيين)، اللذين التزمت إسرائيل خطياً بتنفيذهما كي تُقبل عضويتها في الأمم المتحدة ويُعترف بها.
وجاء ذلك خلال كلمة له في اجتماع عقد في مقر الأمم المتحدة الرئيسي في نيويورك، حيث تحيي الأمم المتحدة، ولأول مرة في تاريخها، بشكل رسمي، ذكرى النكبة (لمرّة واحدة)، بناء على قرار اعتمدته الجمعية العامة في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأضاف الرئيس الفلسطيني “أن النكبة لم تبدأ وتنتهٍ بعام 1948، حيث ما زالت إسرائيل الدولة القائمة بالاحتلال تواصل عدوانها على الشعب الفلسطيني”، وتحدث عن تنكرها للنكبة وقرارات الأمم المتحدة وحق العودة وتقرير المصير للفلسطينيين، مطالباً بتعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة إن استمرت في عدم تنفيذ قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة والتزامها بحل الدولتين.
يشار هنا إلى أنه جرى إحياء ذكرى النكبة في الماضي في المقر الرئيسي للأمم المتحدة، ولكن ليس بشكل رسمي وتفويض من الجمعية العامة، بل بمبادرة من “اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف” وممثلية فلسطين.
وحضر جلسة اليوم عدد من ممثلي الدول، كما ألقى عدد من رؤساء المجموعات الإقليمية، كالاتحاد الأفريقي، كلمات أمام الحضور بهذه المناسبة. وستشهد الساعات القادمة إقامة عدد من الفعاليات، بما فيها الاستماع إلى شهادات حية من ناجين وبرنامج ثقافي تتخلله فقرة موسيقية وأغان وطنية ومعرض صور. وحاولت الممثلية الإسرائيلية في الأمم المتحدة، كما وزارة الخارجية، الضغط والعمل على الحيلولة دون عقد كل هذه الفعاليات.
دولة فوق القانون
وأشار عباس، خلال الاجتماع، إلى استمرار فرض الاحتلال نظامَ الفصل العنصري “أبرتهايد” في الداخل الفلسطيني وبقية الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، مطالباً الأمم المتحدة بإلزام إسرائيل باحترام وتنفيذ قرارات الأمم المتحدة أو تعليق عضويتها في الأمم المتحدة، “لا سيما أنها لم تف بالتزاماتها بقبول عضويتها في المنظمة المتعلقة بتنفيذ القرارين 181 و194”.
ولفت عباس إلى قبول “دول كبرى”، وسمّى على وجه التحديد بريطانيا والولايات المتحدة، بأن “تبقى دولة الاحتلال دولة فوق القانون وأن توفر لها الحماية من أي مساءلة أو عقاب بسبب الفيتو”، متسائلاً عن الازدواجية في المعايير.
وأضاف: “تتحمل بريطانيا والولايات المتحدة، على وجه التحديد، مسؤولية سياسية وأخلاقية مباشرة عن نكبة الشعب الفلسطيني، فهما اللتان شاركتا في جعل شعبنا ضحية، عندما قررتا إقامة وزرع كيان آخر في وطننا التاريخي، وذلك لأسباب استعمارية خاصة بهما”. وأضاف أنه “لولا الدعم الذي تلقته وتتلقاه إسرائيل منهما، لما استمرت”.
وقال إن الدول الغربية كانت “تريد التخلص من اليهود وتستفيد منهم في فلسطين… ووصف وعد بلفور المشؤوم أغلبية السكان الفلسطينيين بـ”غير اليهود” من دون أن يسميهم بالاسم، وأعطاهم حقوقاً مدنية ودينية فقط… رغم أنهم كانوا يشكلون آنذاك 96 بالمئة من كل سكان فلسطين”.
وتساءل عباس حول المنطق والعدالة في “هذا الوعد، وأين المنطق والقانون الذي يستند إليه”، متحدثاً عن تحمل الدول الاستعمارية المسؤولية التاريخية عن النكبة، وعليها أن تتحمل في المقابل المسؤولية التاريخية في إنصاف الشعب الفلسطيني وإنهاء معاناته.
وتوقف عباس عند المزاعم الصهيونية بأن “فلسطين أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض” وأضاف: “لم تكن فلسطين يوما أرضا بلا شعب… عشنا فيها، نحن الفلسطينيون، منذ أن عمرها أجدادنا العرب الكنعانيون قبل أكثر من خمسة آلاف عام”.
ثم تحدث عما بناه الفلسطينيون من مدن وقرى وحضارة في العصر الحديث كذلك، وأشار إلى يافا وما عرفته من تقدم وازدهار قبل النكبة. ولفت إلى الدعاية الصهيونية حول أن فلسطين كانت صحراء ولفت الانتباه إلى التطور الزراعي والأنهار والبحيرات التي قام المستعمرون الصهاينة بتجفيفها.
ولفت عباس إلى وجود أكثر من خمسين مجزرة موثقة في حدود عام 1948، وتهجير أكثر من تسع مئة ألف فلسطيني ومحاربة بريطانيا لهم واحتلالها لفلسطين وتوفيرها للحركة الصهيونية الإمكانيات لتنفيذ مشروعها الاستعماري.
تقويض حل الدولتين
من جهتها، تحدثت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو، عن الإجراءات على أرض الواقع، كالمستوطنات وهدم البيوت وغيرها، التي تؤدي إلى تقويض “حل الدولتين” الذي تنص عليه قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة.
وأشارت كذلك إلى التصعيد الأخير في غزة، ورحبت بوقف إطلاق النار، مشددة على ضرورة أن تنفذ قرارات الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أهمية مداخلة المسؤولة الأممية، إلا أن كلمتها بدت مكررة ولم تخرج عن نطاق الكلمات التي يقدمها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة تور وينسلاند في إحاطته الشهرية عن ضرورة إنهاء الاحتلال وحل الدولتين وغيرها من المواقف، التي يجرى تكرارها من دون تقديم أي حلول أو ضغط فعلي على الأرض.
كما تحدث السفير السنغالي ورئيس “اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني حقوقه غير القابلة للتصرف”، شيخ نيانغ، عن أثر النكبة على الفلسطينيين وتدمير مئات القرى واضطرارهم للهروب وطردهم، ما أدى إلى نزوح أكثر من نصف الشعب الفلسطيني.
وأشار إلى استمرار معاناة الفلسطينيين في بلادهم وخارجها وعدم السماح لهم بالعودة وتقرير المصير حتى الآن، ما يعني استمرار النكبة كذلك. وتحدث عن صمود الشعب الفلسطيني وضرورة تلبية تطلعاته الوطنية، مشيراً إلى أن ذلك لا يعفي المجتمع الدولي من ضمان ودعم حقوقه. وتابع: “مرور 75 عاماً على النكبة يعني كذلك وجود أطول أزمة لاجئين في العالم، من دون أن تجد لها حلا حتى اليوم”.
وشدد على أن المجتمع الدولي مدين للفلسطينيين بالتوصل إلى حل ودعم بما يتماشى مع حقوقهم وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بما فيها التعويض والعودة والاستقلال، وتحدث عن التهديد بالطرد الذي تعيشه الكثير من العائلات الفلسطينية حتى اليوم، وخاصة في القدس وضواحيها.
المصدر: العربي الجديد