سائرون ولا ندري أين ينتهي الطريق، أهو ثباتٌ واستمرار أم تقلُّبٌ وانقراض؟! هل عَلِمَ الإسلاميون أنّهم وقعوا في حفرةِ الانهيار والتّشويه؟ بسبب السمع والطاعة دون اختيار وتجديدٍ وابتكار، بل هزٌّ ٌ في الرؤوس والأكتاف واغلاق العقول بستار المنقول والمُجتزأ من النصوص، دون النظر في المُعلل والمشروح، فقالوا عنه جهاداً بأن سيروا بعيون المانح – الداعم، وانطلقوا بجحافلكم بكل عمى حتى تُقتلوا في سبيل الله! (يخادعون الله) في شعاراتهم ودروسهم للشباب -تعلم الشرع في خمسة عشر يوماً-فكان جهادهم في سبيل بقاء سلطة الأمير! ليحيا الأمير وليسقط الشاب المجاهد الفقير! حَلَلْتُم لأنفسكم امتلاك السيارات وركوبها وقلتُم للشاب المُجاهد: الجهاد صبرٌ ومُصابرة! فَجاهد بقدميك في المسير، ويُصدق البريء المسكين حدّ التدجين، فيقطع القرى الواصلة بين نقاط الرباط سيراً على أقدامه! وإذا هممنا لفضح تفاصيلهم فلن ننتهي ببساطة ولا يسعنا الوقت لإجمالها، تُقطع احدى أطراف المجاهدين بسقوط قذيفة فيرمى في بيته ويُهمل مادياً لانتهاء صلاحياته، وعدا عن أنّه لا يُعالج بطريقة كافية وصحيحة، هكذا كان ديدنُهم حلال عليهم وحرام على غيرهم، فَعُمِرت ديارهم بالخيرات والطيبات، وأبناء بلداتِهم تموت جوعاً من الحصار! حقاً يا للعار والشنار.
لقد ثَبُت أنّه ابتهالٌ وتهليلٌ لدولة الرئيس ومنصب الأمير، فالأول هو المُتبع والثاني هو التابع، أما الشاب المجاهد فهو تابع التابع. كم كذبوا علينا بأن ادعوا أنّهم خلفاء الله في الأرض؟ كم قدسوا المال والسلطة تقديساً؟ ويعيبون على الجولاني المتغلب، المجرم والمنحرف أنّه يريد السلطة، وينسون أنفسهم بأنّهم أول من طعن في صلب الحقّ والعدل (لا لدولة الديمقراطية والقانون)، نريدها إسلامية، فجاء الفرج والمخرج للمجرم بشار وقال: ها قد تحقق المراد، هم إلى سقوط وانجراف، فكانت حرباً شعواء ورعناء على الإرهابيين! الشعب السوري الإرهابي، الذي ضحى بالولد والمال ومازال يضحي لينعم الأمير وليحيا الرئيس، أَعادوا تأهيل بشار من جديد، بالتسوية والحل السياسي، بإشرافٍ أممي وحضور بما يسمى المعارضة الناطقة باسم الثورة، الثورة اليتيمة والجريحة، هكذا آلت إليه الأمور، فتباً لتجار الحروب والقضايا، جاءت فرصتهم للنماء واعتلاء مناصب الطغاة، ذنبك يا شعبي أنّك صدقت من الألف إلى الياء، فخذلوك دون حياء ونادوا بأعلى صوتهم هذه دبلوماسية وتفاوض، واترك الخبز لخبازه حتى وإن أكل نصفه! هذا ليس تفاوضاً بل تقايضاً وانهزاماً، وأَجدرُ الوصف (انعدام الإحساس) ماذا نقول لكم بعد كلِّ ما جرى؟ هل تعْترفون أم (فقط) تبررون هزائمكم أيّها الإسلاميون؟ قطعتُم ألسنتنا عن التيارات الأخرى -اليسارية والعَلمانية، كم هم مدينون لكم لأنّكم دثّرتُم أخطاءهم وسوءهم، فعلى الأقل هم لم يُتاجروا بالأديان كما فعلتُم ، كم كنتم (طيلة فترة الثورة) فراعنة على النّاس ، آلمتُم الشعب كثيراً حتى لفظكم في كلِّ جوانب حياته ، ولا يكفي الاعتراف والاعتذار للشعب السوري الضحيّة ، ثمانية أعوام كافية لفهم حقيقتكم بدءاً من حركة الإخوان المسلمين في كل أشكالها إلى القاعدة وأبنائها ، أما الآن (خبركم) تسعَون لترتيب أموركم وتحسين وضعكم ، منكم من ارتمى في أحضان إيران ومنكم في أحضان تركيا، ويا ليتكم تتشبهون بتركيا التي وازنت وعدلت بين (الدين والدنيا) وكُلٍّ له مؤسساته التي تُعنى بشؤونه الخاصة ، حيث نهضتْ تركيا اجتماعياً وسياسياً وعسكرياً واقتصادياً ، في ظل رئيسها (أردوغان) الذي جعلها حكماً مدنياً وسلطة الشعب فوق كلّ اعتبار وبكلّ تواضعٍ واكبار ، ربما نحتاج إلى ثمانية أعوام أخرى لتنضج العقول .