س- كيف ترى الاحداث الحالية في غزة ؟
ج-الاحداث الحالية في غزة الان تتمحور حول مفاوضات وقف اطلاق النار ، ووقف اطلاق النار في غزة هو مكسب كبير لابناء شعبنا في غزة ، فتوقف الابادة الجماعية والتطهير العرقي في غزة وتوقف هذه المذبحة المفتوحة هي فرحة لكل ابناء شعبنا وخصوصا في غزة ، بالرغم من الاخطار المحدقة واحتمالات العودة الى الحرب من جانب العدو الصهيوني وتهديده بالحرب اذا لم تلتزم حماس بدقة بالاتفاق الموقع ، ورغم الارادة الدولية والعربية بضرورة التمسك بتنفيذ الاتفاق بحذافيره الا ان اليمين الصهيوني يحاول ارضاء جمهور المستوطنين الراغبين بالعودة للحرب تحقيقا لاطماعهم بالاحتلال الدائم لقطاع غزة والعودة للاستيطان فيه ، الا انني اعتقد ان فرص نتنياهو واليمين الصهيوني تضيق لتنفيذ برنامجهم الهادف الى نسف ما يسمى بحل الدولتين ، وعلى ما يبدو ان ضغط الرئيس الاميركي المنتخب ترامب على نتنياهو ياتي على ارضية رؤيته لطبيعة الحل في المنطقة والمبني على اساس تصوره المسمى خطة السلام الابراهيمة والتي تاكد له ان تلك الخطة لن تسير كما هو مرسوم لها في ظل ضغط بعض الاطراف العربية وفي مقدمتها العربية السعودية والتي ربطت نظرتها لتلك الخطة بالعمل على انهاء القتال في غزة والمبادرة للعمل على تطبيق ما يسمى حل الدولتين ، ثم ان عديد من الاسباب والهموم الاميركية جعلت الادارة الاميركية تضغط لايقاف القتال وهي اعتبارها ان الحرب حققت اهدافها الاسرائيلية وقد استفذت ادواتها وما على الاطراف الا الانخراط في تفاوض على بقية الاهداف ، ناهيك عن هموم حرب اوكرانيا وروسيا والتنافس مع الصين والتفرغ لقضايا داخلية اميركية كل ذلك دفع ترامب لاطلاق تهديده المعروف لانهاءالقتال . ولكن الحقيقة ان هذا الاتفاق الموقع بصدد وقف اطلاق النار ، ليس رزمة واحدة واضحة بشان كل القضايا التي يدور الصراع حولها ، فهو اتفاق مفخخ وفيه الغام كثيرة ناجمة عدم وضوح ما ستكون عليه المرخلة الثانية والثالثة حيث سيجري التفاوض حولها في اليوم السادس عشر من بدء تنفيذ المرحلة الاولى ، والامر الجوهري هو: ماهو اليوم التالي حول مستقبل من يحكم غزة؟ علما ان نتنياهو يرفض عودة السلطة الفلسطينية في رام الله الى حكم غزة وعلى قدم وساق مع رفضه لحكم حماس لغزة او حتى المشاركة فيه ، وهذا بعد تنفيذ وقف اطلاق النار الكامل في المرحلة الثانية واطلاق كامل تعداد الاسرى المتفق عليهم سيكون النقطة التي ستفجر الاوضاع مرة اخرى ،فاذا كانت حماس تعتبر ذلك انتصارا لها فهي لن تقبل باقصائها عن حكم غزة ، ناهيك عن ان التفاوض حول مستقبل غزة واعادة بنائها سيشكل هو الاخر مع عوامل اخرى اسبابا اضافية لعدم الاطمئنان على مستقبل الوضع في غزة ، اما عن الجدل حول ان وقف اطلاق النار في غزة انتصارا للمقاومة ام لا هو مثل الغناء في الطاحون بينما غزة جريحة والناس غير قادرين حتى الان من سحب جثث ابنائهم من تحت الانقاض يحتفل البعض على طريقته في اعلان الانتصار بينما عليه ان يقرأ التحديات التي تواجه شعبنا وقضيتنا بجدية اكثر ومسؤولية اكبر لان المقاومة يجب ان تهتم اولا واخير بمصير شعبنا وتطوير صموده على ارضه وانمائه وليس التضحية به والعبث بمستقبله .
س-ماهو مصير التخطيط العمراني وخطة اعادة اعمار غزة :
ج-بشان التخطيط العمراني واعادة اعمار غزة : تضمن الاتفاق بندا في مرحلته الثالثة تتحدث عن خطة تنفيذ اعادة الاعمار للمساكن والمنشات العامة والبنى التحية باشراف عدد من المنظمات والجهات والدول الراعية للاتفاق .
والحقيقة ان الدمار الذي طال غزة وحياة الغزين وتدمير عمرانهم هائل ، ويشكل تحديا حقيقيا لكافة الاطراف فلسطينيا وعربيا ودوليا ، حيث لا يوجد طرف فلسطيني موحد يرعى مثل هذه الخطة حتى انه لا احد يعرف ما هي هذه الخطة وعلى اي الاسس سيجري تنفيذها وجهات التمويل وشروط جهات التمويل والتخطيط ، وكلها سوف تشكل نقاط ضعف كما ستشكل نقاط ابتزاز لاي طرف فلسطيني مفاوض ، ولا ندري فيمااذا سيكون هناك اشتراطات اخرى مثل نزع السلاح واخلاء حماس مواقعها في قطاع غزة ،… الخ فالخطة لا تتضمن اي توضيح وقد تضمن الاتفاق بنودا تقول ان التفاوض حولها سيكون ايضا في منتصف المرحلة الاولى مما يضيفها الى عناصر التفجير الذي خطط له نتنياهو ويبقى هذا التحدي هو مسؤولية الجميع حيث يفتقد الطرف الفلسطيني لاي عناصر ذاتية للقبام بهذه المهمة التي ستكلف الكثير من التفاوض والمال والجهد والادوات.
س-كيف ترى الاوضاع الحالية في المنطقة العربية؟
ج- اعتقد ان الاوضاع في المنطقة العربية اليوم معقدة، واذا بدأنا بتوصيف الحالة العامة لها نبدا بالدول العربية التي هي بحاجة ماسة الى اعادة الاعمار فغزة في فلسطين ولبنان وسوريا وربما تحتاج الكثير من العمل من اجل اعادة بنائها وكثير من الدول العربية تحتاج تحسين اوضاعها السياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث تشهد غالبيتها باستثناء دول الخليج العربي ازمات اقتصادية واجتماعية قاهرة ومزمنة ناجمة عن تعمق دائرة التبعية لنظم المنطقة الى النظام الامبريالي العالمي وعجزها عن اصلاح اقتصادها بسبب تغول النهب والفساد السياسي والاقتصادي ، كما ان تكريس نظم الاستبداد كشكل وحيد لحكم الدول العربية انهك المجتمعات وجعل من القهر البوليسي اداة وحيدة للتحكم بكل مناحي الحياة ، كل هذا يمهد الطريق الى ما اعلنه الرئيس الاميركي ترامب في ولايته الاولى حول خطة ما يسمى بالسلام الابراهيمي الذي يعني فرض التطبيع والاندماج بين النظم العربية والكيان الصهيوني على قاعدة تشكيل تحالف سياسي امني اقتصادي مالي ثقافي الخ مركزه الكيان الصهيوني وعلى قاعدة التسليم بمصالح هذا الكيان والقبول بقيادته لدول وانظمة المنطقة ، وتهيئة الظروف لاخضاع المنطقة نهائيا للهيمنة الاميريكية وبناء المشروعات الاستراتيجية المزمعة للتجارة مع الهند وفي اطار مواجهة طريق الحرير الصيني والمواجهة الاميركية مع الصين وروسيا ، والتحكم بالتالي بمسارات ليس فقط تطور المنطقة واستقلالها بل وكذلك التحكم بمسارات التطور العالمي والتحكم باستقلاليتها لمصلحة السيطرة الاميركية العالمية في ظل مخاوف اميركية من نزعة عالمية متزايدة لاصلاح النظام الدولي وتعدد اقطابه بدلا عن القطبية الاميريكية الواحدة، ومن هنا يصبح انهاء الصراع في المنطقة وتطبيع علاقة الانظمة واسرائيل واخضاع المنطقة من خلال التحكم بمصادر الطاقة وطرق التجارة وكبريات الاسواق العالمية حجر الرحى في ادامة الهيمنة الاميركية على العالم ، لذلك فان القوى الاجتماعية المتضررة من هذه الهيمنة ستتسع وتتسع مقاومتها ومن هنا استمرار دعم اميركا لنظم الاستبداد واسرائيل يشكل اهم شرط لنجاح هيمنتها في مواجهة القوى التي تدعو للديموقراطية والحريات وحقوق الانسان واقامة العدالة الاجتماعية.
س-ماهو رأيك في الحوار العربي الخليجي بشان غزة:
ج-رايي في الموقف العربي عموما والخليجي خصوصا فيما اريد تسميته التخلي الرسمي عن غزة .
بالحقيقة التمييز بين موقف الشعوب العربية والانظة العربية في نظرتها لشعبنا خصوصا وللصراع العربي الصهيوني عموما هي نظرة مفترقة الى حد بعيد ، بينما يقف الشارع العربي وجدانيا وشعوريا ومبدئيا مع شعبنا في غزة وهذا امر نعتز به كثيرا وهذا عهدنا بامتنا وشعوبنا التي تعاني الامربن من الانظمة البوليسية ، حتى ان عجز تلك الجماهير بالتعبير عن مواقف عملية من التعاطف والتاييد والدعم مرده الى القمع البوليسي من قبل تلك الانظمة للشعوب العربيةومنعها من ان يكون لها موقف فاعل بشان قضاياه المصيرية
وبالاخص ان للعدو الصهيوني وظيفة امبريالية في بلادنا تشكل حجر الرحى في وجوده وامنه الاستراتيجي الاعلى وهو التحكم بحركة الشعوب العربي ومساراتها السياسية من خلال فرض الخضوع على الانظمة والحكومات ومنع تلك الجماهير من تحقيق هدافها بالتحرر من الاستبداد وتخقيق الديموقراطية ودولة القانون والعدالة ،فالنظام العربي الرسمي بجوهره حالة خضوع للمشروع الصهيوني الامبريالي ومن هنا ياتي الموقف الرسمي العربي محابيا للمشروع الصهيوني ولدولة الاحتلال ومعاديا لنضال شعبنا في التحرر وحتى للشعوب العربية ، والحقيقة ان الحرب الصهونية على قطاع غزة بعد عملية السابع من اوكتوبر اتت في ظل انقسام فلسطيني ورسمي عربي حول مشروعية المقاومة في فلسطين ، والتي التحق بعضها بالرؤية الصهيونية التي تصف هذه المقاومة بالارهاب ، وزاد الطين بلة هو دخول ايران على خط المقاومة بالزعم انها تدعم المقاومة بالرغم انها لا تعدو اكثر من طرف يحاول الاستثمار في القضية الفلسطينية لتحسين شروط علاقته بالولايات المتحدة وتحسين شروط للتفاوض على مستقبل مشروعة النووي ، مما جعل مواقف بعض دول الخليج وانظمة عربية اكثر حدة من المقاومة في غزة والعمل على انهائها .
س-في النهاية ما هي رسالتك للشعب الفلسطيني :
ج-رسالتي لشعبنا العربي الفلسطيني في غزة والضفة والداخل وفي كل مكان ، بانكم تواجهون كيانا استعماريا دولتيا وهو مدعوم من كل قوى الامبريالية والهيمنة في العالم ، وهويستخدم اعتى ما في ترسانة الغرب العسكرية من الة حرب وموت وتدمير متطورة واجرامية وفي ظل تخلي رسمي عربي عن قضيتنا ، لابد من اعادة النظر في تقييمنا ونظرتنا وصراعنا مع هذا الكيان ، ففشل مشروع التسوية معه والانحياز الغربي الاعمى له يجعلنا دائما في عين العاصفة في مواجهته في ظل تراجع عربي شامل بل واستقالة رسمية عربية من عباء الصراع يحملنا مزيدا من المسؤولية ، فالحفاظ على صمود شعبنا داخل الوطن اامحتل في غزة والضفة والداخل ١٩٤٨ هو اهم شكل من اشكال المقاومة ودعم هذا الصمود وانماؤه وتطويره حجر الاساس في مواجهة المشروع الصهيوني فاي سلوك يؤثر سلبا على بقاء شغبنا وصمودة في وطنه هو خدمة للعدو ، واي جهد يبذل لتحقيق صمود لشعبنا بتطوير استقلال وجودنا عن اقتصاد الكيان ومؤسساته يتم بتدعيم بنية اقتصادية اجتماعية تعليمية ثقافية … الخ يؤسس لمنعة وصمود شعبنا ، والمقاومة الشعبية الواسعة والشاملة لكل اشكال التغييب والقمع ومقاونة الاستيطان بالقوة وغيرها من الاشكال النضالية ومقاومة سلوك العدو العدواني واجب علينا، وعلينا ان نجترح ونشتق الاساليب النضالية والكفاحية التي تتناسب مع قدراتنا الذاتية وظروف شعبنا دون مغامرة او ارتهان لاي كان وان لا نسمح للعدو باغتنام الفرص لضرب صمود شعبنا وتهديد بقائه على ارضه ، ربما هذا حري بجعلنا نعيد التفكير باشكال المقاومة وبمسار التسوية المؤامرة وان نبني وحدة وطنية على اساس وحدة تمثيل شعبنا ووطنا وقضيتنا ووحدة كفاحنا من اجل التحرير والحرية وان مقاومة شعبنا للاحتلال لن تنتهي مهما اشتد الظلم والعدوان .
والنصر حليف الشعوب المكافحة18/1/2025
المصدر: أخبار الغد المصرية