بعد سقوط عدة مدن وبلدات بالقصف المُدمر والتهجير المستمر والاجتياح التعسفي بلبوس المفاوضات والتسويات السياسية العرجاء، التي لاقتْ تذمراً شعبياً وغضباً ثورياً عارماً، وآخر الحفلة سيناريو درعا حيث تُزف المدينة بثوب الدماء إلى قتلة الشعب السوري، فبات من الصعب إحصاء حجم الخسارات والويلات المتلاحقة على حال الشعب وثورته، حتى بفقد الدعم والداعمين توضحت آخر خطوط منهج الثورة، رغم أنّهم كانوا جزءاً رئيسياً من الخراب والفساد الذي لحق ببوصلة الثورة، ومع ذلك فقد خسرنا شعبيتها وإقليميتها !
يشهد الواقع الآن إعادة النظر في الحسابات الأوّلية وذلك باصطفاف الدول العربية بشكل طوعِي أو رغماً عنها حفاظاً على أمنِ بلادها – احتجاجات الأردن – إلى جانب نظام بشار الأسد المجرم ومبادرتها إلى تصليح ووصل العلاقات المقطوعة على حدِّ وصفها _ بسبب ثورة الإرهابيين! وبهذا سينتعش الاقتصاد السوري الأسدي، وستتوالى الرحلات الجوية إلى دمشق كسابق عهدها!
كم هو مؤلم ما آل إليه واقع الثورة وشكل معارضتها؟! إنّ مشكلة الشعب السوري المنكوب ليست منحصرة فقط في حكام العرب، بل في الشعوب العربية التي أخذتْ على عاتقها سياسة النأي بالنفس والتزام الحياد، وكأن الثورة أصبحت فزاعة الشعوب!
والفضل في كلّ ما نشهده من أحداث وتحوّلات العرب هو صفقة القرن التي جمعت الشمل بين دول الخليج ومصر والأردن مؤخراً وفيها نالت إسرائيل مكاسب عالية، وكما وردت التسريبات الآتية عن مضمون صفقة القرن:
- إبعاد إيران وميليشياتها 70 كم عن الحدود الجنوبية لفلسطين المحتلة.
- توقف إيران عن دعم حركة حماس الفلسطينية (عسكرياً)
- اِدخال إيران بصفقة القرن وعقد اتفاق نووي جديد مع أمريكا بشروط مختلفة عن السابق.
- سيتم ابعاد حزب الله اللبناني بعد الانتهاء من سيناريو درعا.
- بقاء قوات أمريكية في مناطق دير الزور وأجزاء من حمص والحسكة.
بعد كلّ ما جرى خلال الثماني سنوات مازال هناك غالبية سوريّة ترفض أن يجمعنا عقد اجتماعي وطني واحد تتساوى فيه الحقوق والواجبات وتتلاقى فيه مصلحة الشعب الواحد الرافض لكل أشكال الاستبداد والإجرام والظلم والفساد ، قضية الثأر حيّةً ضدّ نظام الأسد وتنبض بروح البطولة ونفس الحرية والكرامة ، فليل الظلم سينجلي وسينبثق نور الفجر والحق قريباً بإذن الله ، لأنّ الثورة السورية ملحمة عظيمة لا تنسى من فتك بها وخذلها ، ومستمرة في محاربة مُجرميها بكافة الوسائل والأدوات ، حتى ترجع سورية لكل السوريين ومصلحة الشعب فوق الجميع ، وحقيقةً مَنْ لا يملك الأمل الموصول في جيل النهضة والبناء – أبناءنا وأحفادنا – الذين تربّوا في ظل الثورة وعاشوا كل تفاصيلها فإنّ قلبه وعقله يحتاج إلى سقاية .