انطلق الطيران الحربي والمروحي التابع للنظام من مطار حماة العسكري ومدرسة المجنزرات شمال شرقي حماة، لتنفيذ عشرات الغارات التي استهدفت 50 موقعاً وبلدة وقرية ومدينة تسيطر عليها المعارضة المسلحة في أرياف إدلب وحماة واللاذقية الشمالي وحلب، ما تسبب بمقتل 30 مدنياً على الأقل، وأكثر من 70 جريحاً.
وتواصل تحليق الطيران الحربي، وطيران الاستطلاع في أجواء ادلب وريف حلب الغربي والجنوبي، وريف حماة الشمالي، ليل الجمعة/السبت، واستهدفت الطائرات الحربية بالرشاشات الثقيلة السيارات والدراجات النارية التي تسلك مختلف طرق المنطقة. واستهدفت الغارات مشفى معرة النعمان في ريف ادلب ما أدى إلى احتراق ساحته.
رد المعارضة المسلحة على القصف كان مفاجئاً، من حيث كثافة الأهداف التي قصفتها بالمدفعية والصواريخ، وتوزعها في مختلف المناطق المحيطة في ادلب. “إدارة المدفعية والصواريخ” التابعة لـ”الجبهة الوطنية للتحرير” استهدفت مواقع مليشيات النظام في ريف حماة الشمالي على أطراف حلفايا وكرناز وطيبة الإمام ومدرسة المجنزرات شرقاً. وتبادلت المعارضة والنظام القصف على جبهات ريف اللاذقية. وفي ضواحي حلب الشمالية قصفت المعارضة بصواريخ “فيل” و”حمم” محلية الصنع مواقع المليشيات في بلدتي نبل والزهراء والطامورة وجمعية الزهراء والكاستيلو و”البحوث العلمية” والأكاديمية العسكرية، وأطراف حيي حلب الجديدة والحمدانية، وضاحية الأسد.
الناطق الرسمي باسم “الجبهة الوطنية للتحرير” النقيب ناجي مصطفى، أكد لـ”المدن”، أن “إدارة المدفعية والصواريخ” التابعة للجبهة استنفرت المزيد من العتاد الثقيل والأفراد خلال الساعات 24 الماضية في مختلف المناطق التي تنتشر بها في ادلب ومحيطها، وهي جاهزة للرد بشكل عنيف على القصف الذين تتعرض له مناطق المعارضة، وقال: “لقد كبدنا العدو خسائر كبيرة في صفوفه وعتاده، كان ردنا مفاجئاً بالنسبة للمليشيات، استهدفنا مواقع حساسة بصواريخ غراد، واشتبكنا في أكثر من موقع مع المليشيات، لم يتوقعوا جاهزيتنا. ردنا العنيف أجبر المليشيات على التهدئة مرة أخرى”.
وتوعد، مصطفى، مليشيات النظام بالتصعيد في حال استمر القصف الجوي والمدفعي، وقال: “هناك أكثر من طريقة للرد على مليشيات النظام، لن نكتفي بقصف مواقع المليشيات بالمدفعية والصواريخ، قد نشن هجمات برية نوعية في أكثر من محور، مقاتلونا رفعوا جاهزيتهم في مختلف محاور القتال”.
عملياً، كان الرد الأعنف من قبل المعارضة في جبهات نبل والزهراء، إذ قُصفت مواقع المليشيات في محيط البلدتين بوابل من الصواريخ محلية الصنع، واشتبكت المعارضة في أكثر من محور مع مليشيات نبل والزهراء. مليشيات النظام حاولت التخفيف عن جبهات البلدتين وقصفت حريتان وعندان وكفر حمرة وأسيا في الضواحي الشمالية، فردّت المعارضة بقصف عنيف استهدف مواقع المليشيات في جمعية الزهراء ما أجبر المليشيات على التوقف.
لاقى رد المعارضة المسلحة على قصف النظام ترحيباً شعبياً واسعاً في ادلب وأرياف حماة وحلب واللاذقية. نجاح “الجبهة الوطنية” بالرد على مليشيات النظام، دفع “هيئة تحرير الشام” للاشتراك في عمليات القصف، وخوض اشتباكات مع مليشيات النظام في أكثر من محور في ريفي حلب الغربي والجنوبي. وشهدت جبهات زيتان وخلصة اشتباكات بين الطرفين حتى ساعة متأخرة.
القائد العسكري في “الجبهة الوطنية” النقيب عبد السلام عبد الرزاق، أكد لـ”المدن”، أن الحملة الجوية التي تعرضت لها ادلب ومحيطها هي حملة انتقامية بعدما تمكنت المعارضة المسلحة من شل حركة “خلايا المصالحات” في المنطقة خلال الأيام الماضية، وإلقاء القبض على شخصيات بارزة كانت تدير هذه الخلايا، وتنسق مع النظام وروسيا.
الغارات الجوية التي نفذتها مروحيات ومقاتلات النظام الحربية تركزت على أهداف مدنية، ولم يُسجّل استهداف مباشر لمقار ومواقع الفصائل المسلحة. المواقع المستهدفة في أورم وخان شيخون، لا تحوي أي مقار عسكرية، ولا مظاهر مسلحة أصلاً. لذا، فالحملة الجوية هي لإرهاب الأهالي ودفعهم للنزوح، وقد تستمر لتهيئة الأجواء لبدء الحملة البرية المفترضة على إدلب.
قائد “جيش حلب الشهباء” النقيب أمين ملحيس، أكد لـ”المدن”، أن الحملة الجوية هي مؤشر على بدء التمهيد لمعركة المليشيات، ولا بد من تهجير الأهالي في القرى والبلدات المستهدفة في المرحلة الأولى من العملية، ومن الملاحظ بأن القصف تركز على الأطراف بعمق 20 كيلومتراً تقريباً، على محاور حشدت فيها مليشيات النظام خلال الأسبوعين الماضيين.
وأوضح ملحيس، أن الحملة الجوية قد تستمر لشهر تقريباً، حتى تحقق أهدافها؛ ضرب مستودعات المعارضة المسلحة القريبة في الخطين الثاني والثالث، وقطع طرق الامداد من خلال الرصد والاستهداف المتواصل، وتهجير الأهالي نحو المناطق الحدودية، وزرع الرعب والخوف في صفوفهم، وخلخلة صفوف المعارضة من خلال ارتكاب المجازر بحق المدنيين ودفعها للاستسلام وطلب “التسوية”.
وفي موازاة الحملة الجوية لمليشيات النظام كان هناك تصعيد إعلامي وترويج لاقتراب معركة ادلب. مواقع موالية للنظام تداولت صوراً قالت إنها لتعزيزات وصلت خلال الساعات الماضية إلى مختلف جبهات القتال، ومن ضمنها أعداد كبيرة من مليشيا “قوات النمر”. من خلال المتابعة، تبين أن أغلب الصور والفيديوهات المتداولة هي مواد قديمة نشرتها المواقع الموالية في وقت سابق أثناء هجوم المليشيات على درعا والغوطة الشرقية. ولا يعني ذلك بالطبع أن المليشيات لم تستقدم تعزيزات، بل وصلت تباعاً خلال الأسابيع الماضية إلى جبهات متعددة في أرياف اللاذقية وادلب وحلب الشمالي والغربي.
المصدر: المدن