قال ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا (1874-1965) خلال الحرب العالمية الثانية ” إن غزا هتلر الجحيم سأشير إلى الشيطان على الأقل في مجلس العموم “
لمن نعزو اجرام الدولة الأسدية بحقّ الشعب السوري؟ أ لِمجلس الشعب السوري؟! إنّ كلّ مؤسسات السلطة في سوريا شريكة مع الأسد في القتل والإجرام، منذ أن اندلعت حرب النظام السوري ضدّ شعبه عام 2011، عندما قامت مدينة درعا متظاهرةً بأولى صرخاتها، لإسقاط حكم آل الأسد، الذي خنق كل سوري بربطة عنق على مدار 50 عاماً ، فكان الشعب مشنوقاً لا يشعر بألم الربطة العُنُقية، لأنّ العقدة أُحكمتْ لتكون على مقاس التخريس وقطع اللسان، ثورةٌ بدأتْ وفرح الشعب وردد (فُرِجت) وَانطلقت هتافات وشعارات ونداءات المطالبة بالحرية والكرامة ورحيل العصابة الأسدية ، إلى أن عمّتْ أرجاء سوريا بالعدوى، وكَرّتْ الِسْبَحة حتى غاية 2014، حيث سَيْطَر الثوار على ثلث الأراضي السورية فعجز النظام السوري وأَوشك على السقوط، لولا الشحن العقدي الإيراني والتّدخل الروسي لَمَا بقي في الحكم لساعة اليوم، وفي منتصف العام السابق ذكره انحرفت بوصلة الثورة ، فمع تزامن التدخل الروسي بدأ العد التنازلي في خسارة المناطق المحررة، وكأنّك يا أبو زيد ما غزيت، وتوالت الانهزامات والنكسات، وقد ساهمت في ذلك عدة عوامل أوصلت الثورة لِما عليها الآن ، أهمها: ظهور التنظيمات الجهادية وأكثرية عناصرها من غير السوريين ، فكانت التنظيمات لعبة النظام الهامة والمدللة وحجته أمام المجتمع الدولي، ومن العوامل المسببة لسلسلة الانهزامات أيضاً ، الفجوة الكبيرة بين الشعب وبين الفصائل العسكرية السياسية المعارضة، فكانت حالة التمايز عن كسب ثقة ومحبة الشعب لهم ، والعامل الذي يُعد الضربة القاصِمة لظهر الثورة ، هو الارتهان الخارجي وما يسمى بالمال السياسي ، فكان مصير الشعب ، معلق بالدول المانحة والداعمة لثورته ويمكننا القول : أنّ جميع الحلقات موصولة مع بعضها البعض بمعنى لا تتم الموافقة على المقترحات المرسلة ، من قِبل المعارضة الممثلة في العسكريين والسياسيين ، إلّا بعد إعطاء الضوء الأخضر من المجتمع الدولي الممثل بالقطب الواحد وهو الأمريكي ، وسياسة تّغاضي الولايات المتحدة عن بعض اجتهادات الدول الإقليمية بخصوص الدعم والتّدخل ، هذه السياسة تُفسر في علم السياسة بأنّها القيادة من الخلف وهو المبدأ الذي اعتمده الرئيس الأمريكي السابق أوباما، خشية تكبد أمريكا خسائر بشرية واقتصادية كما حصل معها في حربها على العراق، ومن عهد أوباما إلى دونالد ترامب الذي كان له خط مغاير عن سياسة السابق، حيث اعتمد مبدأ الصفقات مع دول عربية وغربية، عند ترامب (الشحاذ الصلب الأنيق) لا خدمة تُقدم ولا قرارات تُبرم دون أجر ومقابل مالي.
وبعد وصول قطار الثورة إلى محطة السنة الثامنة، رأينا إبداعات المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا وجهوده الداعمة للنظام السوري ضدّ شعبه، ربما لو أنّ دي مستورا تمتع بالحيادية وتعامل مع الملف السوري بشكل إنساني، لاختلفت وتغيرت الموازين لصالح الشعب وثورته، لكن جولاته المكوكية ولقاءاته مع دول عربية وأوروبية مازالت مستمرة، من أجل بحث ومناقشة صياغة وتعديل الدستور السوري أو كتابة دستور جديد، وإلى الآن لم يتضح فيما إذا كان موضوع الدستور تعديلاً للسابق 2012 أم كتابة دستور جديد. وقد تمّ ترشيح قائمة الأسماء المشاركة في وضع الدستور من طرفي النظام السوري والمعارضة، ومما تجدر الإشارة إليه هو أنّ نصف المعارضة ليست معارضة، بل أجندة للنظام السوري، ستكون منصتي القاهرة وموسكو، وهناك المجلس الاستشاري النسوي التابع للمبعوث دي مستورا، جميعهم من المشاركين في صياغة الدستور، والسؤالين اللذين لا بدّ من طرحهما: ماذا بقي للشعب السوري المكلوم من كلامٍ بعد تلك الملحمة الطويلة؟ وما قضية إعادة اعمار سوريا والطاغية الأسد لم يرحل؟ وللإجابة عن السؤال الثاني جاءت قضية إعادة الإعمار خدمة جوهرية لبشار الأسد، وهذا ما أرادته روسيا، لأنّه تأهل من جديد ليظل عرشه قائماً فوق بحر الدماء وعلى جماجم وأجساد السوريين، وأول مهزلة إعمار بدأت في منطقة تواجد قوات سوريا الديموقراطية (الأكراد) المدعومة من الولايات المتحدة، والحبل على الجرار، حتى تستفيد كل الدول من فرصة المساهمة وزيادة الأرباح في مشاريع إعمار سوريا، وهذا ما أكده خطاب بشار الأسد أثناء افتتاح معرض دمشق الدولي 2017، للمستثمرين والعملاء الدوليين بقوله: سوريا أصبحت مجتمعاً متجانساً. والمعنى أنّ سوريا للموالين المؤيدين وبهم يتحقق المجتمع المتجانس! فمسألة الإعمار بنظر بشار الأسد يستحقها المجتمع السوري المتجانس الخالي من (الإرهابيين)! وكأنّ السوريين هُجروا قسرياً بهدف السياحة والاستجمام! وكأنّ كل من قُتل وعُذب واعتقل هو بِمحضِ اِرادته!
وهذه مكافأة دعاة حقوق الانسان لشهداء ومهجّري ومعتقلي سوريا.