تشهد جامعة حلب، منذ بداية تشرين الثاني/نوفمبر، حملة اعتقالات واسعة تنفذها فروع الأجهزة الأمنية التابعة للنظام، وتستهدف طلبة كليات وأقسام مختلفة أثناء تواجدهم في حرم الجامعة، في أوقات الدوام المعتادة. حملة الاعتقالات طالت طلاباً وطالبات يقيمون في مدينة حلب الجامعية، وهم من ادلب وريف حلب وديرالزور والرقة والحسكة، بحسب مراسل “المدن” خالد الخطيب.
وتعتمد الفروع الأمنية على التقارير الأمنية التي تحصل عليها من موظفين واداريين يعملون في مديريات ومكاتب تابعة لرئاسة الجامعة، وأهمها “اتحاد طلبة سوريا–فرع حلب”، و”مديرية السكن الجامعي”، و”فرع جامعة حلب لحزب البعث”، و”شؤون الطلاب”، عدا عن التقارير التي يقدمها طلاب من الجامعة يعملون لصالح الفروع الأمنية ويتوزعون على مختلف الكليات.
آخر عملية اعتقال، نفذها فرع “أمن الدولة”، الأحد، في المدينة الجامعية، بحق طالبة من مدينة حارم في ريف ادلب، تقيم في الوحدة الرابعة داخل السكن الجامعي، بتهمة “إثارة الفوضى”، والعمل لصالح المعارضة المسلحة في ادلب، والترويج لأخبار كاذبة. عملية المداهمة تمت بعدما تلقى فرع “أمن الدولة” تقريراً أمنياً من مشرفة الوحدة السكنية الرابعة “عايدة”، المعروفة بعلاقتها الأمنية.
التقرير بحق الطالبة كيدي، والتهم الموجهة لها ملفقة. وسبب المشكلة أن الطالبة تشاجرت مع مشرفة الوحدة “عايدة”، بسبب الوضع السيء للغرف السكنية والوحدة السكنية عموماً، من حيث الخدمات والنظافة وانقطاع المياه، والكهرباء، وغيرها من الخدمات الأساسية النادرة أو غير المتوفرة. الطالبة هددت بتصوير سكن الطالبات في الوحدة، والمنافع المشتركة، وإرسال الصور إلى مواقع معروفة في وسائل التواصل الاجتماعي في حلب، في حال لم تتم معالجة وضع الوحدة السكنية.
زميلات الطالبة المعتقلة تواصلن مع مواقع إخبارية في شبكات التواصل الاجتماعي، لها شهرة واسعة بين الأهالي في حلب، ونقلن تفاصيل الحادثة. وانتشرت الأخبار حول عملية الاعتقال بشكل غير متوقع، وتم تداول روايات متعددة حولها، وعن حوادث اعتقال مشابهة جرت في ظروف غامضة. انتشار خبر اعتقال الطالبة بشكل كبير أثار ضجة في مدينة حلب الأمر الذي دفع فرع “أمن الدولة” إلى إخلاء سبيلها بعد 48 ساعة من اعتقالها.
حادثة الاعتقال الأخيرة كشفت عن حالات كثيرة من الجرائم المرتكبة بحق الطلاب والطالبات، وتم تداول شهادات عن تعرض الطالبات في المدينة الجامعية للابتزاز من قبل المشرفين والموظفين في “إدارة السكن” و”اتحاد الطلبة” و”شؤون الطلاب”، والتهديد بالاعتقال. وبحسب تلك الشهادات فقد اعتقلت الفروع الأمنية عشرات الطلاب خلال الأسبوعين الماضيين معتمدة على تقارير أمنية رفعت من مكاتب ودوائر الجامعة، وفي معظمها كيدية وانتقامية، أو بهدف جمع الأموال من أبناء العائلات الميسورة في المدينة. وفي هذه الحالة يكون هناك اتفاق مسبق بين مجموعات معينة من المخبرين والفروع الأمنية لاختيار ضحاياهم بعناية.
كتابة التقارير الأمنية في حلب ليست مقتصرة على جامعة حلب، الظاهرة عامة في المدينة، وأعداد المخبرين لصالح الفروع الأمنية في تزايد، والأهالي يشتكون من بشاعة هذه الظاهرة في الآونة الأخيرة، وطالبوا بمحاسبة المخبرين كتبة التقارير الأمنية الكاذبة. ظاهرة التقارير، وحملات الدهم والاعتقال اللاحقة، تحقق للفروع الأمنية مكاسب متعددة، وجني الأموال والرشاوى والكفالات لإخراج المعتقلين، عدا عن تعزيز القبضة الأمنية في المدينة.
المصدر: المدن