اختتمت في العاصمة الكازاخية أستانة، اليوم الخميس، الجولة 11 من محادثات “أستانة” بشأن الأزمة السورية دون التوصل إلى أي اتفاق حول اللجنة الدستورية، وفي ظل الحديث عن “توافقات محدودة على بعض النقاط”.
ونفى مسؤول في المعارضة السورية التوصل إلى أي اتفاق بشأن اللجنة الدستورية في الاجتماعات.
وقال عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني وممثل وفد الفصائل العسكرية في أستانة سليم الخطيب لـ”العربي الجديد”، إن الفرق التقنية قضت أمس الأربعاء كاملاً من أجل التوصل إلى صيغة بخصوص اللجنة الدستورية، لكنها فشلت.
وأوضح أن روسيا حاولت اقحام أسماء معينة، ورفضت الشروط التي وضعها المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، والتي شدّدت على أن يكون الأعضاء حياديين، وأن تراعى نسبة تمثيل المرأة، وأن يكون هناك ممثلون عن المجتمع المدني، بالإضافة إلى أشخاص لديهم القدرة على التواصل الاجتماعي، وأن تضم ممثلين عن العشائر والطوائف.
وأضاف في حديثه من أستانة أن دي ميستورا رفض أيضاً الأسماء الروسية، لأنها تطعن بشرعية اللجنة الدستورية، على حد قوله.
من جهته، قال دي ميستورا، في بيان الخميس، إن روسيا وتركيا وإيران أخفقت في تحقيق أي تقدم ملموس في تشكيل لجنة دستورية سورية خلال اجتماع في أستانة.
وذكر البيان: “المبعوث الخاص دي ميستورا يأسف بشدة… لعدم تحقيق تقدم ملموس للتغلب على الجمود المستمر منذ عشرة أشهر في تشكيل اللجنة الدستورية”.
وأضاف “كانت هذه المرة الأخيرة التي يعقد فيها اجتماع في أستانة عام 2018، ومن المؤسف بالنسبة للشعب السوري أنها كانت فرصة مهدرة للإسراع في تشكيل لجنة دستورية ذات مصداقية ومتوازنة وشاملة يشكلها سوريون، ويقودها سوريون، وترعاها الأمم المتحدة”.
توافق على وقف النار وتقدم محدود بملف المعتقلين
بدوره، أكد عضو وفد المعارضة ياسر فرحان لـ”العربي الجديد”، أن النظام ما زال يواصل مساعيه القديمة من أجل الحصول على حصة أكبر من الأعضاء خلافا لتفاهمات مؤتمر سوتشي، وهو ما رفضه وفد المعارضة بشكل قاطع.
وقال إن الاجتماعات أمس واليوم الخميس تناولت خمس نقاط رئيسية، وشهدت توافقات محدودة على بعض النقاط، بينما ما زال التباين قائما في بقية النقاط.
وأوضح فرحان، الذي يتولى اللجنة القانونية في الائتلاف المعارض، أن روسيا جددت خلال الاجتماعات التزامها باتفاق ادلب، وأكدت أن لا خطط لديها لشن حملات واسعة هناك، مشيرا إلى دور كبير قام به الوفد التركي في هذا الإطار.
وبشأن قضية الإفراج عن المعتقلين، قال إنه حدث تقدم طفيف في هذا الملف، حيث طرح الجانب الروسي الإفراج المتبادل عن خمسين معتقلا لدى كل طرف حتى نهاية العام.
وأضاف أن “المعارضة تدرك ضحالة هذا الرقم قياسا لعدد المعتقلين في سجون النظام، لكن الهدف هو إبقاء الملف حيا، بهدف تثبيت المبدأ المتفق عليه في الاجتماعات السابقة، وهو الإفراج الكامل عن جميع “المحتجزين””، مؤكدا رفض المعارضة أن يكون هناك تماثل في عدد المفرج عنهم، لأن ما لدى المعارضة من أسرى النظام هو عدد محدود جدا، بينما لدى النظام مئات آلاف الأسرى والمعتقلين، جلهم من المدنيين.
وأبرز أن هذا كان هو أيضا هدف عملية التبادل المحدودة التي جرت قبل أيام في حلب بين النظام والمعارضة، أي إبقاء الملف حيا، والعمل على تنشيطه بكل الوسائل المتاحة.
وبشأن قضية عودة اللاجئين، قال فرحان إن “وفد المعارضة جدد موقفه الرافض لهذه العودة في الوقت الحاضر، بسبب عدم وجود بيئة آمنة لعودتهم، وكذلك عملية إعادة الإعمار التي يجب أن تنتظر إلى حين التوصل إلى اتفاق سياسي شامل”.
وعلق رئيس الهيئة السورية لفك الأسرى والمعتقلين فهد الموسى، على ما يتم تداوله بشأن إفراج محدود عن الأسرى بقوله إن “ما يتم الحديث عنه في مؤتمر أستانة عن عمليات تبادل محدودة بمعدل عشرة أو حتى خمسين معتقلا إنما هو تمييع لقضية المعتقلين، وتناس لمئات آلاف المعتقلين والمختفين قسريا في معسكرات الاعتقال لدى نظام الأسد وإفراغها من مضمونها الحقوقي، ونسف للقرارات الدولية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن”.
واعتبر الموسى، في حديثه مع “العربي الجديد”، أن “مثل هذه الاتفاقات يمثل ذرا للرماد في العيون”، مناشدا وفد المعارضة ألا يتحول إلى مجرد وفد “كومبارس” يعطي الشرعية لنسف القرارات الدولية، وينقل قضية المعتقلين “من محارق صيدنايا إلى محارق أستانة”، حسب تعبيره.
وأكد أن المنظمات الحقوقية والتنسيقيات ومجمل المجتمع المدني “لن يقبل هذه المهزلة، وسنعلن قريبا موقفا جماعيا موحدا من هذه الألاعيب التي تستهدف طمس قضية المعتقلين”.
وكانت وكالة “إنترفاكس” قالت إن الأطراف توافقت على 142 اسما من أصل 150، وعلى إطلاق سراح 100 معتقل من النظام والمعارضة، وتثبيت اتفاق “سوتشي” في إدلب، وتحويله إلى وقف لإطلاق النار.
إلى ذلك، دعت الدول الضامنة لعملية أستانة (روسيا وتركيا وإيران) جميع الفصائل المسلحة في سورية إلى الانفصال عن “داعش” و”جبهة النصرة”.
وأكدت تلك الدول، في بيان مشترك اليوم الخميس، عزمها بذل المزيد من الجهود المشتركة لإطلاق اللجنة الدستورية السورية.
روسيا: توقع جولة جديدة نهاية ديسمبر
من جهته، اعتبر المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرينتييف، أن إقامة منطقة منزوعة السلاح في إدلب تحتاج إلى وقت إضافي، مؤكدا استعداد موسكو لمساعدة المعارضة في تطهيرها من “النصرة”، حسب تعبيره.
وزعم لافرينتييف، الذي يرأس الوفد الروسي إلى لقاء أستانة، أن الوضع مستقر في المناطق الخاضعة النظام السوري، معربا عن أمله في أن تتمكن “فصائل المعارضة السورية المعتدلة من ضبط الوضع في مناطقها بأنفسها، وإذا اقتضت الضرورة، فإننا مستعدون لتقديم مساعدتنا، بما في ذلك إشراك القوات الحكومية”، حسب قوله.
وتحدث عن وجود أكثر من 15 ألف عنصر من “النصرة” في إدلب، مؤكدا أن محاربة “النصرة” وغيرها من التشكيلات المشابهة ستتواصل حتى القضاء التام عليها.
وأعرب عن أمله في أن تنجح الأطراف المشاركة في تشكيل لجنة صياغة الدستور السوري “في أسرع وقت كي تكون لجنة آلية مستقرة وفعالة ولا تنهار بعيد تشكيلها”.
وقال لافرينتييف إن الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانة (روسيا وتركيا وإيران) “تبذل جهودا من أجل مساعدة المبعوث الأممي الخاص إلى سورية في اختيار نمط عمل يتيح انتقاء قائمة المجتمع المدني للجنة وإطلاق العملية السياسية في البلاد”.
وبخصوص تبادل الأسرى والمحتجزين، قال لافرينتييف إن خبراء عملية “أستانة” يعملون على التوصل إلى تفاهمات جديدة بهذا الشأن، متوقعا تنظيم جولة تبادل جديدة تشمل 50-60 شخصا في غضون الأشهر المقبلة.
وفيما يتعلق بموضوع عودة اللاجئين السوريين، أعلن لافرينتييف أن الدول الضامنة تعمل بالتعاون مع المنظمات الدولية لعقد مؤتمر دولي حول اللاجئين. وتوقع عقد جولة جديدة لاجتماعات أستانة نهاية الشهر المقبل.
وانطلقت أمس الجولة 11 من محادثات “أستانة” بمشاركة الدول الضامنة الثلاث (روسيا وتركيا وإيران)، وبحضور وفدي المعارضة والنظام، إضافة إلى مراقبين من الأمم المتحدة والأردن، ويترأس المبعوث الأممي الخاص إلى سورية الوفد الأممي المشارك في الجولة الجديدة من عملية أستانة.
المصدر: العربي الجديد