انتهت الجولة الـ 11 من مسار أستانة دون الكثير من الاهتمام، خصوصا بعد توقيع اتفاق سوتشي المتعلق بمحافظة إدلب وجوارها. وشدد البيان الختامي على التمسك باتفاق إدلب والمنطقة منزوعة السلاح.
وأجرى الرئيسان الروسي والتركي اتصالا هاتفيا بالتزامن مع اجتماع أستانة، ناقشا خلاله عدة قضايا كان أبرزها اتفاق سوتشي الموقع بينهما في 17 أيلول/سبتمبر، حسب بيان المركز الصحافي في الكرملين، وأضاف “استمرت مناقشة الأوضاع في الجمهورية العربية السورية. وتم الاتفاق على تحفيز الجهود المشتركة لتنفيذ مذكرة استقرار الأوضاع في إدلب، وتم التأكيد على أهمية عمل الدول الضامنة لعملية أستانا للدفع بالحوار السوري-السوري”.
واتسمت اجتماعات أستانة في جولتها الأخيرة بالهدوء الكبير، وتقاطعت تصريحات الوفود جميعها على أهمية اتفاق سوتشي والمضي بتنفيذه على الأرض، إضافة إلى التركيز على منطقة شرق الفرات والدور الأمريكي وانتقاد دعمه حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي وذراعه العسكرية “وحدات حماية الشعب” الكردية.
وأعلن مبعوث الرئيس الروسي لسوريا، الكسندر لافرنتييف عن استعداد بلاده دعم فصائل المعارضة المعتدلة في إدلب لتطهيرها من بقايا جبهة النصرة، لافتا إلى “وجود النصرة في المنطقة منزوعة السلاح” وعدم انسحابها.
وأضاف في مؤتمره الصحافي الذي عقده على هامش اليوم الأول من جولة مفاوضات “أستانا -11”: “نأمل في أن تتمكن الفصائل المسلحة للمعارضة السورية المعتدلة من ضبط الوضع في هذه المنطقة المضطربة بأنفسها، وإذا اقتضت الضرورة، فإننا مستعدون لتقديم مساعدتنا، بما في ذلك مع إشراك القوات الحكومية”.
وأشار المبعوث الروسي إلى وجود أكثر من 15 ألف عنصر من “النصرة” (تحرير الشام) في إدلب، مؤكدا أن محاربتها وغيرها من “التشكيلات الإرهابية” ستتواصل حتى القضاء التام عليها.
وبخصوص ملف المعتقلين، عاد الدبلوماسي الروسي لوصفهم بـ”الأسرى والمحتجزين” بين الحكومة السورية والمعارضة، وقال أن “خبراء عملية أستانا يعملون على التوصل إلى تفاهمات جديدة بهذا الشأن” متوقعا تنظيم جولة “تبادل جديدة تشمل 50-60 شخصا في غضون الأشهر المقبلة”.
وكانت لجنة العمل المشتركة قد اجتمعت ست مرات خلال العام الجاري ولم تتمكن من إخراج أي معتقل، إلى أن تمت صفقة تبادل بين المعارضة والنظام بالقرب من معبر تادف، وحصلت “القدس العربي” على القائمتين لكن لم تتمكن من معرفة خلفياتهم أو تاريخ اعتقالهم، ولم تعلن الأطراف الراعية أو السورية عن أسماء المعتقلين العشرة من الجانبين. فيما جاء الإعلان رسميا من الجانب التركي دون تفاصيل.
وثمن رئيس وفد قوى الثورة العسكري إلى مباحثات أستانا، الدكتور أحمد الطعمة في تصريح لـ “القدس العربي” نتائج اتفاق سوتشي المتعلق بإدلب، وأكد على “استمرار الاتفاق” وحمل النظام مسؤولية الخرق، ولفت إلى أن منطقة “خفض التصعيد” تحولت إلى منطقة وقف “إطلاق نار شامل”. وأشاد بمسار أستانة الذي ولد من رحمه “اتفاق إدلب” و”اللجنة الدستورية”.
حول الخلافات المتعلقة بتشكيل اللجنة الدستورية، قال “هناك بعض الصعوبات تتعلق بالثلث الثالث المخصص لفريق ديمستورا”. وشدد على إضافة “مكونات أخرى من المجتمع المدني وشخصيات عشائرية والمرأة والمستقلين”. معتبرا انه يمكن إطلاق اللجنة الدستورية قريبا.
ونوه إلى ملف المعتقلين في أستانة-8 وتشكيل مجموعة العمل المتعلقة بهم. ووصف رئيس “وفد أستانا العسكري” عملية تبادل الأسرى بين النظام والمعارضة التي جرت في معبر تادف في منطقة درع الفرات شمال حلب أنه “بادرة حسن نية”.
وعن قضية “عودة اللاجئين”، ربط طعمة المسألة بمسار الحل السياسي أولا، والعيش الكريم والآمن ثانياً.
اخفاق ديمستورا
وأعرب المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا، استيفان ديمستورا “عن أسفه العميق” بسبب عدم احراز “أي تقدم ملموس في التغلب على المأزق الذي دام عشرة أشهر حول تشكيل اللجنة الدستورية وفقا لبيان سوتشي النهائي في 30 كانون الثاني/يناير 2018 وتماشيا مع قرار مجلس الأمن 2254 لعام 2015”.
ورحب ديمستورا في بيان له عشية انتهاء جولة أستانة، يوم الخميس بـ”التحرك الأولي، وإن كان في إطار محدود للغاية، بشأن قضية المعتقلين، أخذا في الاعتبار القلق الكبير وواسع النطاق لدى السوريين فيما يتعلق بهذه القضية الإنسانية الحيوية”.
ووصف الجولة أنها “المناسبة الأخيرة لاجتماع أستانا في عام 2018” وأشار إلى أنها “كانت بالنسبة للشعب السوري، فرصة ضائعة للإسراع بإنشاء لجنة دستورية ذات مصداقية ومتوازنة وشاملة، تمتلكها وتقودها سوريا وتيسرها الأمم المتحدة”.
وتعهد المبعوث الخاص “متابعة كافة الطرق التي تمكن من التغلب على العقبات التي تحول دون إنشاء هذه اللجنة الدستورية قبل التاريخ المستهدف وهو 31 كانون الأول/ديسمبر الجاري، كما أشار الرؤساء اردوغان وبوتين وماكرون والمستشارة ميركل في إسطنبول”.
وهو التاريخ الذي ستنتهي به فترة تكليفه، التي منحها إياه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش بعد قبول استقالته في 18 تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وعلمت “القدس العربي” من مصدر مطلع، أن الخلاف حول أعضاء اللجنة الدستورية هو ما أطاح بالمبعوث الاممي إلى سوريا، وأن الدول الثلاث الضامنة لمسار أستانة والتي أكدت مراراً على وحدة الأراضي السورية، عاقبت المبعوث الأممي ورفضت تسهيل تشكيل اللجنة الدستورية الموسعة، وأعاقت تسمية الأعضاء الثمانية الذين تركت تسميتهم لديمستورا. وأشار المصدر إلى أن ما فعلته الدول الثلاث هو بمثابة عقاب منها لانحياز ديمستورا إلى ورقة المبادئ التي أقرتها مجموعة الدول الصغرى والتي تتزعمها أمريكا. والتي أشارت صراحة إلى لا مركزية الدولة السورية. وهو ما تعتبره الدول الثلاث تهديدا لوحدة الأراضي السورية وخطرا مباشرا على أمنها القومي. لذلك فضلت الدول الضامنة عدم تمرير اللجنة الدستورية وافشال ديمستورا في آخر مهمته وإعطاء قائمة الثمانية كهدية إلى خلفه “غير بيدرسون”.
المصدر: القدس العربي