زين الحلبي
اجتمعت أعلى سلطات النظام الأمنية مع مشايخ عقل الطائفة الدرزية في السويداء وزعماء تقليديين، على دفعات، لسماع اقتراحاتهم في قضايا نزع السلاح، والتجنيد الإلزامي، وتفكيك الفصائل المحلية.
وقال مدير “شبكة السويداء 24” نور رضوان، لـ”المدن”، إن “مكتب الأمن الوطني” برئاسة اللواء علي مملوك، تباحث مع شخصيات دينية واجتماعية من محافظة السويداء، الأسبوع الماضي، حول أوضاع المحافظة ومستقبلها. وحمّلت “اللجنة الأمنية” الهيئات الدينية والاجتماعية الدرزية مسؤولية الأوضاع الأمنية المتردية وانتشار السلاح العشوائي وعزوف شباب المحافظة عن الالتحاق بقوات النظام، وطالبتهم بإيجاد حلول لهذه القضايا لأن “الدولة تبحث عن حلول سلمية، وبشار الأسد يحب السويداء ولا يريد أن تسيل فيها قطرة دم واحدة” بحسب ما نُقِلَ عن اللواء مملوك.
وأضاف رضوان، أن “اللجنة الأمنية” اعتبرت نزع السلاح من يد أبناء المحافظة خطوة أولية لحل بقية القضايا، وأهمها المتخلفين عن الخدمة العسكرية. وادعت “اللجنة” أن الأسباب التي دفعت الشبان للتخلف عن العسكرية قد انتهت، وذكّرت بعروض عديدة وتسهيلات قدمها النظام للمتخلفين لم تلقَ تجاوباً. وأكدت “اللجنة الأمنية” عن ضرورة تفكيك ما وصفته بـ”المليشيات الطائفية”، في إشارة للفصائل المحلية الدرزية. أحد أعضاء “اللجنة” قال إن “ممارسات هذه المليشيات لم تعد تطاق ويجب وضع حد لتمردها، لضمان عودة هيبة الدولة”.
واكتفت “اللجنة” بإيصال تهديداتها، ولم تقدم حلولاً من جانب النظام لهذه القضايا.
شيخا العقل يوسف جربوع وحمود الحناوي، تحدثا في الاجتماعات، عن أسباب اقتصادية تدفع أبناء المحافظة للتخلف عن العسكرية، والمحسوبيات المنتشرة في بعض قطاعات النظام، واعتبرا أن إيجاد حلول لمشاكل الشبان المعيشية تضمن التحاقهم بالعسكرية. وحول نزع السلاح وتفكيك الفصائل المحلية، خلال وقت قصير، أكد شيخا العقل، أنها قضايا غير ممكنة، ولا يستطيع رجال الدين أو الوجهاء حلها بمفردهم، إذ يحتاج الامر توافقاً شعبياً وإصلاحات من جانب النظام، سيما وأن المحافظة تعرضت لهجمات دموية من تنظيم “الدولة الإسلامية”.
وفد الزعماء التقليديين قال لـ”اللجنة الأمنية” إن صورة الأوضاع في السويداء يتم تهويلها بحيث تصل لقيادة النظام بشكل خاطئ، وحمل الوفد بعض أجهزة المخابرات جزءاً من مسؤولية الفلتان الأمني في السويداء، خصوصا فرع “المخابرات العسكرية” الذي وفر غطاء لبعض قادة العصابات. وقال أحد أعضاء الوفد إن ضباطاً من “الفرقة الرابعة” خدعوا أبناء المحافظة بدعوة الخدمة ضمن “الفيلق الأول” جنوبي سوريا قبل شهرين، لكن تمّ فرزهم إلى حلب وإدلب ودير الزور. واعتبر أن الإخلال بهذه الوعود يزيد من ازمة الثقة لدى بقية المتخلفين.
مصدر مقرب من أحد الزعماء التقليديين، أكد لـ”المدن”، أن “اللجنة الأمنية” دعت شيخ العقل حكمت الهجري، للاجتماع ضمن وفد مع شيخي العقل الآخرين الحناوي وجربوع، إلا أن الهجري رفض الحضور معهما، وعقد جلسة منفردة مع “اللجنة”. وأشار المصدر إلى أن وزير الدفاع ووزير الداخلية وقادة أجهزة المخابرات، بالإضافة لمسؤول روسي، حضروا تلك الاجتماعات. وقال المصدر إن من بين الزعماء التقليديين الذين حضروا الاجتماعات الوزير السابق كمال شرف، والشيخ فضل الله نمور، والأمير يحيى عامر، وسيطان نصر، وطلال نعيم، وعضو مجلس الشعب عبد الله الأطرش. وأوضح أن اللقاءات الأولى لم تثمر عن أي نتائج، إذ طالبت “اللجنة” من الشخصيات ذاتها الاستعداد لعقد اجتماعات جديدة خلال فترة قصيرة.
فصيل “قوات شيخ الكرامة”، أعلن في بيان له، رفع جاهزية عناصره التامة لمواجهة أي استفزاز من قبل النظام، بعد ورود معلومات لهم عن نية مخابرات النظام القيام باعتقالات وتصفيات لقادة الفصائل المحلية، تمهيداً لنشر حواجز واعتقال المطلوبين للخدمة. وحذّر الفصيل النظام من الاعتقالات التعسفية أو سوق الشباب الإجباري للخدم العسكرية، نافياً “تسوية أوضاع” عناصره وانضمامهم لجهات مشبوهة. وأكد مصدر خاص لـ”المدن”، أن المعلومات التي حصل عليها الفصيل، تفيد بإرسال “المخابرات الجوية” خلايا نائمة ونشرها في مدينتي صلخد وشهبا وبلدات قنوات والمزرعة وعتيل، حيث تنشط “قوات شيخ الكرامة” و”قوات الفهد”، بهدف اغتيال قادة وأفراد منهما.
وبدأت أجهزة النظام الأمنية حرباً نفسية مع السويداء، نشرت فيها شائعات عن النية باعتقال المتخلفين عن العسكرية بعد انتهاء مدة مرسوم العفو، ونشر الحواجز، بالتزامن مع وصول مئات “النشرات الشرطية” لشبان من المحافظة، تطالبهم بالمثول أمام “القضاء” بتهمة “حيازة سلاح غير مرخص”.
في بعض الحالات صدرت احكام غيابية بالسجن بين سنة و3 سنوات. هذا فضلاً عن تعميم “فرع المعلومات 255″ و”الفرع الداخلي 251” في دمشق، أسماء عشرات الأشخاص منذ مطلع تشرين الأول/أكتوبر، على خلفية اتصالات قديمة “مشبوهة”. ووثقت مصادر محلية في السويداء، اعتقال 3 أشخاص لصالح “255” و”251″ خلال الأيام الماضية. وكانت قوات النظام قد استقدمت تعزيزات عسكرية وامنية متفرقة إلى المحافظة، ونشرتها على أطراف مدينة السويداء، وعززت المباني الحكومية بعشرات العناصر، ونشرت المتاريس والدشم في نقاط متفرقة من المدينة.
المصدر: المدن