عاصم الزعبي
بات من الواضح أن الغارات الإسرائيلية مستمرة على سوريا، فإسرائيل التي أعلنت مرارا أن مقرات الميليشيات الإيرانية في سوريا هدف مشروع لها، تنفذ تهديداتها دون توقف، وبشكل مركز على مواقع تنشط فيها هذه الميليشيات بشكل علني.
خلال الفترة السابقة لم تقم روسيا بمنع هذه الغارات، وإنما حاولت في إحدى المرات التشويش على الرادارات الإسرائيلية كتنبيه كما يقول خبراء أن الغارات كادت أن تكون قريبة من مواقع تحوي مصالح لروسيا، وهذا ما اتفق الروس والإسرائيليون على استثنائه من الغارات الإسرائيلية.
مناورات روسية سورية
القوات الجوية الروسية والسورية، نفذت مناورات جوية على أطراف الجولان السوري يوم أمس الثلاثاء، صدت خلاله هجوما للعدو المفترض خلال تدريبات مشتركة حيث قامت بإصابة أهداف جوية بصواريخ جو – جو، بحسب تلفزيون “زفيزدا” الروسي.
وقامت أطقم طائرات “ميغ-29″ و”ميغ-23” السورية بضرب أهداف جوية تحت غطاء روسي حيث أقلعت مقاتلات روسية من قاعدة حميميم السورية ومطاري الصقال والضمير في محيط دمشق، فيما اعتبر مراقبون أن هذه المناورات رسالة روسية إلى تل أبيب التي تستهدف مواقع تابعة للجيش السوري.
ما هي رسائل المناورات؟
بحسب الكاتب الصحفي، أحمد مظهر سعدو، خلال حديثه لـ”الحل نت”، فإنه لا يرى أن المناورات التي جرت بين الروس والسوريين ذات أبعاد كبرى بل لن تتعدى أكثر من أن تكون رسالة ضغط وتلويح بضغط وتحذير من إمكانية أن تكون روسيا غير راضية عن الغارات الإسرائيلية التي يجري تكثيفها ضد الإيرانيين مؤخرا على الجغرافيا السورية، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن لا إمكانية لانهيار التفاهم الروسي الإسرائيلي في قادم الأيام.
ومن جهة ثانية، فقد اعتادت روسيا على انتقاد الغارات الإسرائيلية على سوريا، ولكن وبحسب الخبير في الشأن الروسي، سامر الياس، في حديث سابق لـ”الحل نت”، فإنه لن يكون هناك تغيير جوهري في مواقف روسيا، وستواصل ذات السياسة بانتقاد هذه الغارات، وربما تواصل دعم دمشق بإسقاط بعض الصواريخ الإسرائيلية في بعض الأحيان، وذلك عندما تكون موسكو متأكدة بأن ذلك لن يؤدي إلى تردي العلاقات مع تل أبيب، وعندما تكون متأكدة أن الأهداف المستهدفة ليس فيها تواجد إيراني.
وأضاف إلياس، أن أكثر ما قامت به روسيا هو استخدام أنظمة تشويش تعطل بعض الغارات، كما يمكن أن تعطل حركة الطيران المدني في مطار “بن غوريون” قرب تل أبيب، وهذا ما يقلق إسرائيل، لذلك طلبت إسرائيل من روسيا عدة مرات وقف هذه الأنظمة، لكن روسيا ربطت ذلك بالحد من عمليات القصف.
ما دلالة توقيت المناورات؟
المناورات الروسية السورية، جاءت بعد يوم واحد من قيام الطائرات الإسرائيلية بتنفيذ غارات جوية على مواقع تابعة لإيران في محيط دمشق، في كل من السيدة زينب، وفي جبل المانع جنوبي دمشق.
أحمد مظهر سعدو، يرى أن هناك تفاهمات سابقة ومازالت بين الإسرائيليين والروس بما يخص عمليات إسرائيل في الجغرافيا السورية والتي غالبا ما تستهدف القوات الايرانية المتمركزة في أي مكان من الأراضي السورية.
وبيّن سعدو، أنه لوحظ مؤخرا وبعد التصريحات الإسرائيلية التي تتماهى مع موقف الولايات المتحدة والغرب من الغزو الروسي لأوكرانيا أن هناك بعض الارتدادات الروسية التي تجسدت بإطلاق تصريحات نارية من لافروف ضد إسرائيل لكن سارع بوتين بعدها إلى الاعتذار من إسرائيل، ومع ذلك بقيت بعض الخلافات بين الجهتين دون أن تؤدي إلى انهيارات كبرى للتفاهمات الروسية الإسرائيلية.
وكان سامر الياس، قال لـ”الحل نت” في وقت سابق، أنه إذا أرادت روسيا وقف الغارات الإسرائيلية على سوريا، فإنها تملك الآليات الكافية لذلك، مضيفا، أنه في الماضي لم تنتقد روسيا جميع الغارات الإسرائيلية على سوريا، لكنها حددت بأنه يجب عدم استهداف البنى التحتية للحكومة السورية، بما يعيقها عن محاربة الإرهاب من جهة، وتعطيل إعادة بناء الاقتصاد من جهة أخرى و إعاقة تحسين الحالة المعيشية والاقتصادية.
وأشار إلياس، إلى أن الجانب الروسي لم يكن يصدر موقفا واضحا عندما كانت الغارات الإسرائيلية تستهدف المواقع الإيرانية وهذا يصب في مصلحة الروس بسبب التنافس مع الإيرانيين على تحصيل المزيد من المكاسب في سوريا، بعد دعم كل منهما لبقاء الحكومة السورية في السلطة.
على الرغم من الاختلافات التي تحصل في كل فترة بين الروس والإسرائيليين، إلا أنها لم تتجاوز حدود التنسيق المستمر بين وزارة الدفاع الإسرائيلية وقاعدة حميميم الروسية في سوريا عند تنفيذ إسرائيل لغاراتها، ومن المستبعد أن يتوقف هذا التنسيق في المستقبل، فلن ترفض روسيا استمرار الغارات على المواقع الإيرانية التي تدخل معها في صراع خفي في سوريا، وما الرفض الروسي أو الانتقادات أو حتى المناورات بعد الغارات إلا محاولة لإبقاء حكومة دمشق تظهر مظهر المدافع عن البلاد أمام الشعب السوري الذي يعاني من الانهيار الاقتصادي الكبير، الذي تعتبر كل من روسيا ودمشق أن إسرائيل أحد أهم أسبابه.
المصدر: الحل نت