تحت عنوان “عاد الأسد وسط تزايد جرائم النظام في الحرب الأهلية السورية” كتبت حنا لوسيندا سميث وريتشارد سبنسر تقريرا لصحيفة “التايمز” جاء فيه: “لأول مرة من ثمانية أعوام نصبت شجرة عيد الميلاد في ساحة العباسيين، على بعد ثلاثة أميال من القصر الرئاسي حيث كان للرئيس الأسد شيء ليحتفل به”، فحربه ضد المقاتلين المعارضين انتهت لصالحه. وفي العام الماضي قام جيشه بدعم من الروس والإيرانيين بطرد المعارضة من مواقعها حول العاصمة دمشق وانتهت بهذه الصواريخ وقنابل الهاون التي أطلقت بشكل مستمر على العاصمة. وتعلق الصحيفة أن الأسد وبعد أعوام حصار في القصر الجمهوري مع عائلته بدأ بالظهور من جديد على المسرح الدولي. ففي الأسبوع الماضي استقبل الرئيس السوداني عمر البشير والذي كان أول زعيم عربي يزور السودان منذ اندلاع الحرب الأهلية. وفي الوقت نفسه فتحت شبه جزيرة القرم في البحر الأسود التي انتزعتها روسيا من أوكرانيا أول مكتب تجاري في منطقتها الحرة لتسهيل التعاملات التجارية الروسية- السورية.
وبحسب جهاد يازحي محرر “سيريا ريبورت” وهو موقع على الإنترنت يرصد التطورات الإقتصادية فالتحرك هو صورة عن التأثير الذي بدأ بوتين بممارسته على الأسد. ويحصل على أرباح تدخله في سوريا والذي حرف الميزان لصالح النظام أكثر من كونه تجارة. وقال “بالنسبة لدمشق فهذه هي الطريقة للتعبير عن دعمها لضم القرم، ولا خيار أمامها”.
ويعتقد أن الأسد يحضر لزيارة شبه الجزيرة في العام المقبل والتي ستكون الثالثة له منذ اندلاع الإنتفاضة في آذار (مارس) 2011 وزار موسكو في عام 2015 و 2017. وأقام علاقات رسمية مع أبخازيا وأوستيا الجنوبية الجيبان اللذان ضمتهما روسيا من جورجيا عام 2008 وهي الدولة الوحيدة التي تعترف بهما. وتعطي التحركات الدبلوماسية دعما شعبيا له في الداخل وفي الوقت ذاته تشجعه على مواصلة القمع ضد معارضيه، فهناك 100.000 شخص لا يعرف مصيرهم.
ويشير زيادة إصدار الحكومة لشهادات الوفيات إلى تصعيد النظام عمليات قتل المعتقلين. فهناك عشرات الآلاف ممن طالتهم حملات الإعتقالات الجماعية والذين اختفوا بدون أثر. وكشفت حالة المصور الصحافي نزار سعيد، وهو فلسطيني من مخيم اليرموك عن الزيادة المفاجئة في قضية المختفين في سجون النظام. فقد أصبحت الصورة التي التقطها لرجل يعزف على البيانو وسط أنقاض المخيم من أفضل الصور عن الحرب. وهرب سعيد في عام 2015 بعدما سيطر تنظيم الدولة على المخيم واعتقلته سلطات النظام الأمنية. ولم تسمع زوجته لميس الخطيب عنه إلا بعد أربعة أشهر من اختفائه. ولكنها تلقت بلاغا من الحكومة في تموز (يوليو) أنه مات قبل عام ونصف. وكتبت على صفحتها في فيسبوك “لا يوجد أصعب كلمات لكتابتها مثل هذه” “لقد قتلوا زوجي الحبيب”.
وظلت عائلات تعتقد أن الأبناء والآباء والأزواج المعتقلين أحياء وظلت تقوم بترك الطعام والملابس أمام السجون بناء على هذا الاعتقاد. إلا أن شهادات الوفيات أرسلت لمدن وبلدات أخرى غير دمشق. فقد أبلغت عائلة زياد أبو لؤي، 44 عاما والذي كان يعمل مزين شعر واعتقل بتهمة نقل الذخيرة للمعارضين أنه مات بسكتة قلبية عام 2015 بعد قضائه عامين في المعتقل. وقالت قريبته ميساء “يبدو أن النظام يريد إغلاق ملف المعتقلين ولا أعتقد أنه يستطيع، فهناك عشرات الآلاف منهم”. وشجبت منظمات حقوق الإنسان الغربية والأمم المتحدة الاعتقالات وطالبت بالسماح لها بدخول المعتقلات. وفي عام 2013 انشق مصور في السجن اسمه “قيصر” وهرب معه 11.000 صورة لجثث السجناء القتلى. ومعظمهم اعتقلوا بعد اندلاع الاحتجاجات في عام 2011. ورغم التحقيقات المتعددة في جرائم الحرب السورية إلا أن الأسد لا يمكن اعتقاله إلا حالة سافر إلى دولة لمحاكمها صلاحية في اعتقاله. ولا تستطيع محكمة الجنايات الدولية اعتقاله إلا بقرار من مجلس الأمن. وفي الوقت الحالي غير ممكن بسبب الفيتو الروسي.
المصدر: القدس العربي