خالد الخطيب
عقدت “هيئة تحرير الشام”، اتفاقاً مع “أحرار الشام” و”صقور الشام”، لوقف إطلاق النار في ادلب ومحيطها، فجر الخميس، بوساطة من شخصيات شرعية وجهادية وعشائرية. وتم الاتفاق بحضور قائد “الأحرار” جابر علي باشا، وقائد “الصقور” أبو عيسى الشيخ، وقائد “تحرير الشام” أبو محمد الجولاني، الذين وقعوا على الاتفاق.
ونص الاتفاق على الوقف الفوري لإطلاق النار بين الطرفين، وإزالة جميع الحواجز العسكرية والمظاهر المسلحة، وفتح الطرق، وتبادل الموقوفين من الطرفين في المعارك الأخيرة في ادلب وريف حلب الغربي. وأخيراً، أن تتبع المناطق بالكامل من الناحية الإدارية لسلطة “حكومة الإنقاذ” التابعة لـ”تحرير الشام”.
ويظهر أن “أحرار الشام” و”صقور الشام” قد وقعوا على الاتفاق مجبرين، بعدما شهد ليل الأربعاء/الخميس، معارك عنيفة مع “تحرير الشام” في محيط معرة النعمان وريفها الشرقي، وسط وصول تعزيزات لـ”الهيئة” وتحقيقها تقدماً سريعاً في بعض المواقع. ويأتي ذلك، بعد أن انتهت معارك “الهيئة” ضد “الأحرار والصقور” في سهل الغاب من ريف حماة وجبل شحشبو بتوقيع اتفاق على حلّهما وتسليم أسلحة مقاتليهما. كما انتهت معارك ريف ادلب الجنوبي الغربي، ببنود مشابهة لاتفاق الأتارب.
مصدر عسكري معارض، أكد لـ”المدن”، أن “تحرير الشام” حشدت تعزيزات من “جيش النخبة” و”العصائب الحمراء”، ليل الأربعاء/الخميس، في منطقة معرة النعمان، وهاجمت ريفها الشرقي، وتمكنت من السيطرة على بلدة جرجناز التي شهدت حملات دهم واعتقال طالت مسؤولين في المجلس المحلي، وقادة ومقاتلين من “أحرار الشام”. وزادت “الهيئة” من ضغطها على أطراف معرة النعمان، وسط إشاعات تتحدث عن نيتها اقتحامها بالقوة، مع ساعات فجر الخميس الأولى.
وأوضح المصدر أن “تحرير الشام”، ضغطت على “الأحرار” و”الصقور”، وهددت باقتحام المعرة والتوجه بعدها إلى أريحا وجبل الزاوية، في حال لم يتم قبول الوساطات التي تقدم بها مشايخ وشخصيات شرعية جهادية، وشيوخ عشائر من أبناء المنطقة. وبحسب المصدر، تدخل “فيلق الشام” كوسيط، وكان شرط “تحرير الشام” الرئيسي: القبول بسيطرة “الإنقاذ” على كامل المنطقة بما فيها من مجالس محلية ومؤسسات خدمية عامة. وتعني هذه السيطرة، التحكم بالمفاصل الأمنية أيضاً، في كامل المنطقة التي يُفترض أن تديرها وزارة الداخلية التابعة لـ”حكومة الإنقاذ”.
الاتفاق كان مخرجاً لـ”الأحرار” و”الصقور”، لتجنيبهما المواجهة الحاسمة، بعدما أصبحا وحيدين في مواجهة “تحرير الشام”، في ظل صمت بقية فصائل “الجبهة الوطنية للتحرير”، وعدم استجابتها لمناشدات قائدي الفصلين، وسط اعتزال المزيد من كتائبهما القتال خلال الساعات القليلة الماضية.
وجهاء وأعضاء مجلس أريحا المحلي، أصدروا بياناً يرحب بدخول “تحرير الشام”، ويدعو الى تجنيب المدينة الصراع الحاصل بين الطرفين.
وفي الوقت ذاته، بدا أن “تحرير الشام” قد ضغطت لإنجاز الاتفاق، الذي يصب في مصلحتها في المدى المنظور، ويحقق لها سيطرة “الإنقاذ” على كامل إدلب وريف حلب الغربي. وليس لفصائل “الجبهة الوطنية” الأخرى رأي مخالف، أي أنها لن تكون عائقاً أمام تمدد “الإنقاذ”، وسيطرتها على كامل ادلب ومحيطها، وهي موافقة ضمناً على ما ورد في اتفاق القادة الثلاثة.
الاتفاق يجنب “تحرير الشام” المواجهة العنيفة المتوقعة في مناطق نفوذ “الأحرار” و”الصقور”، في مناطق تمتاز بالتماسك والعصبية المناطقية، خاصة جبل الزاوية. المعركة المفترضة كانت ستطول حتماً، وهي مكلفة للجميع، وبدا أن “تحرير الشام” مستعجلة لحسم الموقف بما توفر من أرباح، وقد تؤجل تحقيق ما تبقى من أهدافها لمراحل لاحقة.
وأرسلت “تحرير الشام”، ليل الأربعاء/الخميس، رتلاً عسكرياً من “جيش النخبة” إلى أطمة شمال غربي ادلب، ودير سمعان في ريف حلب الشمالي الغربي، وهي خطوط تماس مع فصائل المعارضة المسلحة في منطقة “غصن الزيتون” بعفرين. وتوعدت “تحرير الشام” بالرد على هجمات شنها مقاتلو الفصائل في المنطقة، الأربعاء، قتلوا وأسروا خلالها عدداً من عناصر “الهيئة”. وكانت المنطقة قد شهدت اشتباكات متقطعة وقصفاً متبادلاً، بين “تحرير الشام” وفصائل “الجيش الوطني” بالقرب من تلة السيرياتيل في محيط قلعة دير سمعان ومخيمات أطمة على الحدود الادارية لمنطقة عفرين.
أنصار “تحرير الشام” عبروا عن فرحهم بالانتصار، وأطلقوا على العام 2019 تسمية “عام الجماعة”، في إشارة إلى السيطرة الكاملة على ادلب ومحيطها. وذكر اسم “عام الجماعة” في عصر الدولة الإسلامية الأول، وهو العام الذي تنازل فيه الحسن بن علي بن أبي طالب عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان، في العام 661 ميلادي، وسمي “عام الجماعة” بسبب اجتماع الناس على معاوية. أنصار “تحرير الشام” شبهوا الجولاني، بمؤسس الدولة الأموية معاوية بن أبي سفيان.
المصدر: المدن