خالد الخطيب
خسرت “الحكومة المؤقتة”، التابعة لـ”الإئتلاف الوطني” المعارض، نفوذها وانتشارها في إدلب وريف حلب الغربي وضواحي حلب الشمالية، بعد سيطرة “هيئة تحرير الشام” على تلك المناطق، وتمكين “حكومة الإنقاذ” التابعة لها. ولم يعد لـ”المؤقتة” أي مقار وإن كانت تحتفظ بتواجد خجول لبعض مكاتبها في معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، وهي بدورها مهددة بالإغلاق.
وكانت مكاتب ومقار ووزارات “المؤقتة ” تتوزع على مدن وبلدات عين جارة ودارة عزة وكللي وادلب ومعرة النعمان والأتارب، وتتبع لها مؤسسات الحبوب واكثار البذار ومديريات الصحة والتربية والتعليم العالي وجامعة حلب الحرة في ادلب وريف حلب. هذا بالإضافة إلى مجالس محافظات حلب وحماة وادلب، والمجالس المحلية الفرعية للمدن والبلدات التابعة لها.
وأجبرت “تحرير الشام” غالبية المجالس المحلية في المناطق التي سيطرت عليها حديثاً على فك ارتباطها بـ”المؤقتة”، خاصة المجالس المحلية في ريف حلب الغربي التي كانت تحتضن العدد الأكبر من مكاتب ومقار “المؤقتة” وتؤمن لها الحماية والدعم.
وتحاشت “تحرير الشام” الصدام مباشرة مع المجالس المحلية التي امتنعت وأبدت مقاومة لنفوذها، كمحلي مدينة عندان شمالي حلب، ومحلي معرة النعمان، ومعرة حرمة جنوبي ادلب، لكنها فرضت عليها اشراك شخصيات محسوبة على “الانقاذ”، كما فرضت تعيين أشخاص محسوبين عليها في الدوائر الخدمية. وهي محاولة للسيطرة التدريجية الخالية من المواجهات، والأقل ضرراً على سياسة “تحرير الشام” الناعمة التي اتبعتها في حربها الأخيرة ضد فصائل المعارضة المسلحة. ويبدو أن تحاشي “تحرر الشام” للصدام هو اجراء مؤقت يلبي مصالحها في هذه المرحلة، لضمان تأييد الأهالي وإقناع مقاتلي الفصائل المنحلة بالانضمام الى صفوفها.
واختارت “الهيئة” عدم الصدام المباشر لإبقاء المقاتلين بمناطقهم والتزامهم بنقاط رباطهم، وكذلك للحد من توقف المشاريع الخدمية والتنموية والابقاء على عمل المنظمات والجمعيات الداعمة لقطاعات خدمية مختلفة.
وسيطرت “تحرير الشام” على مقر رئاسة “المؤقتة” ووزارة الاقتصاد في عين جارة، ومكاتب وزارات التربية والخدمات والزراعة ومكتب نائب رئيس الحكومة، في دارة عزة. وفي بلدة كلي سيطرت على مكاتب وزارة الزراعة ومؤسسة إكثار البذار، في حين توقف العمل بالكامل في مكاتب وزارة الصحة والتعليم العالي والادارة المحلية في معرة النعمان.
وبسبب السيطرة السريعة لـ”تحرير الشام” في ريف حلب الغربي، لم يتمكن العاملون في “المؤقتة” من إخلاء مكاتبهم، وإفراغ المقار من السجلات ومحتوياتها والتجهيزات المكتبية. فصادرت “تحرير الشام” محتوياتها، ووضعت “الإنقاذ” يدها عليها بالكامل. عاملو “المؤقتة” التزموا منازلهم منذ ذلك الحين. ويخشى كثيرون من الاعتقال، لذا نزح جزء منهم إلى عفرين و”درع الفرات” مع عائلاتهم.
المحاضرون في جامعة حلب الحرة التابعة لـ”المؤقتة”، قالوا للطلاب إن الجامعة ستتبع لـ”الإنقاذ” مع الفصل الدراسي الثاني، بفروعها ومقارها وما فيها من محتويات وتجهيزات جامعية، وستتبع لمجلس التعليم العالي في ادلب.
وحاولت “تحرير الشام” فرض سيطرتها على مجلس محافظة حلب الحرة في ريف حلب الغربي. وبعد مشاورات بين أعضاء المجلس للرد على الضغوط، كان الجواب بوجود منظمات تدعم مشاريع تنموية وخدمية ينفذها المجلس في المنطقة، وفي حال أصبح يتبع لـ”الإنقاذ” سيتوقف الدعم والمشاريع. واستجابت “تحرير الشام” لذلك الأمر، لكنها طالبت باشراك بعض الأشخاص في عمل المجلس. وفرضت “تحرير الشام” على مجلسي محافظتي ادلب وحماة التبعية لـ”الإنقاذ”.
وأبقت “تحرير الشام” على مكاتب مديريات التربية التابعة لـ”المؤقتة” في ادلب وريف حلب الغربي، لأسباب منها أن قطاع التربية والتعليم خاسر وبحاجة لدعم مالي كبير لتغطية رواتب المعلمين والمستلزمات والمعدات اللوجستية. ويعتبر العمل التربوي في “المؤقتة” من أنجح القطاعات الخدمية، وفي حال سيطرت عليه “الإنقاذ” سينقطع الدعم عنه حتماً وستكون “الإنقاذ” في موقع المسؤولية. وبالتالي ستكون مجبرة على دفع رواتب الآلاف من المعلمين.
يضاف إلى ذلك أن الشهادات التي تمنحها “المؤقتة” للطلاب معترف بها من قبل الحكومة التركية وفي حال تم إيقافها سيُحرم آلاف الطلاب من نيل شهادات معترف بها بالحد الأدنى.
المصدر: المدن