أكرم عطوة
نظرية المؤامرة هي نظرية ممتعة ومريحة إلى حدٍ كبير لكثير من الفئة المتعلمة والمثقفة من شعبنا.. لأنّها تتوافق مع نرجسية من يؤمنون بها.. فهي تجعلهم يظنُّون وربّما يعتقدُون بأنّه لو تَركنا الآخرون نحقّق أهدافنا وأمانينا على ضوء ما نمتلك من إمكانيات مادية ومعنوية ذاتية.. فسنصبح على شيءٍ كبيرٍ وعظيمٍ من الأهميّة.
ولأنّ الآخرين يخافون جداً من هذا الأمر.. لأنّهم يعرفون أنّنا إذا نهضنا فسنحقّق السيادة لنا.. والسيطرة والهيمنة عليهم.. والشاهد على ذلك دائما جاهز وحاضر في تاريخنا المجيد
فمنّا الوليد ومنّا الرشيد … فلمْ لا نسود ولمْ لا نشيد
وأيضاً … …
أمويون فإن ضقتِ بهم.. ألحقوا الدنيا ببستان هشام
لذا فهذه النظرية تُمدّنا بما نحتاج إليه لنُشبع غرورنا ونعوّض عقدة النقص والدونية تجاه الآخر ضمن قناعة أصبحت شبه يقينيّة بأنّه (أقصد الآخر) هو المهيمن والمسيطر على كافة نواحي الفعاليات الإنسانية حتى تلك الفعاليات المتعلقة بحياتنا الشخصية. فنظرية المؤامرة تمنحنا الكثير مما يحتاجه غرورنا الغريزي لتبرير فشلنا وانحطاطنا وتخلفنا وهزيمتنا.. دون أن نضطر إلى البحث والتقصّي والتفكير في أسباب تخلفنا وانحطاطنا، ودون أن نضطر إلى إعادة النظر في مفاهيمنا وقناعاتنا وعاداتنا وثقافتنا..
نظرية المؤامرة تنطلق من أنّ هناك جهة أو جهات خارجية سريّة.. وعلنيّة.. قديمة وحديثة.. تمتلك طاقات وإمكانيات مادية ومعنوية هائلة.. وهي السبب في ما نحن عليه من ضعف وتخلف وتناحر وانحطاط خلقي وثقافي..
وبالتالي فالمشكلة برأي أصحاب نظرية المؤامرة.. ليست في أنظمتنا ولا مفاهيمنا ولا في جهلنا ولا في قصورنا أو تقصيرنا، وليست في فسادنا وكسلنا الذهني، وليست في خوفنا وكبتنا وعقدنا المزمنة، وليست في أفكارنا المتخلفة.. وإنّما المشكلة في المؤامرات الخارجية التي تُحاك ضدنا.. والسؤال الذي لا يُجيب عليه أصحاب هذه النظرية.. هو: لماذا نخضع أو نستجيب بسهولة لهذه الخطط التآمرية، ولماذا لا نمتلك من الوعي والإرادة ما يمكّننا من إفشالها أو التصدّي لها…؟؟؟
حقيقة المؤامرة.. هي أنّنا أولاً وأخيراً نحن الذين نتآمر على أنفسنا.. وخاصة حين نستسلم لنظرية المؤامرة.. ونقبل بها وكأنّها قدر لا فكاك منها.. ولا حول ولا قوة لنا حيالها.
سأقدم مثالين من نصوص وتحليلات أبدعها بعض أصحاب نظرية المؤامرة
– المثال الأول من نص جاء في غرفة على الواتساب اسمها “في رحاب الفكر والأدب”
((مهم مهم مهم مهم مهم مهم مهم مهم مهم مهم!
لقاء في قناة إسرائيلية مع الدكتور الإسرائيلي (مالحوم أخنوف) صاحب فكرة: ستار أكاديمي!!هذا اللقاء بالحرف الواحد:
⚡السؤال الأول:
ما هو شعورك اليوم وأنت حققت أكبر أمانيك وهي “ستار أكاديمي” في عقر دار الاسلام؟ فأجاب: شعور لا يوصف، ولكن أخذ من عمرنا الكثير حتى تمكنا من الوصول الى غايتنا!! فسأله: ما قصدك بأخذ من عمرنا الكثير؟ فقال: نعم جلسنا سنين حتى تمكنا من إدراجه في الدول الغربية، ثم الى الدول العربية، وكنّا نعلم ان فكرتنا ستتحول إلى أنجح خطة في مسيرة الدولة الإسرائيلية!! فسأله: لماذا كنتم متأكدين أنكم ستنجحون بهذه الفكرة؟ فقال: لأننا نعلم ان المسلمين اليوم ابتعدوا عن دينهم وفي نفس الوقت الشباب المسلم أصبح يميل إلى الالتزام الاسلامي الذي لو كبر سيقضي على دولتنا!! فسأله: لماذا حرصتم على أن يكون “أستار أكاديمي” هو وسيلة للوصول للمسلمين؟ فقال: ببساطة لأننا نريدهم أن يبتعدوا عن دينهم!! فسأله: ماذا تخططون اليوم للهجوم على الإسلام بعد ستار أكاديمي؟ فقال بكل تحديّ ووقاحة: “نخطط لغزو البنات المسلمات”!! فسأله: لماذا البنات المسلمات وليس الرجال؟ فقال: لأننا نعلم إذا انحرفت (المسلمة) سينحرف جيل كامل من المسلمين وراءها.. فسأله مرة أخرى: بماذا تصفون غزوكم للمرأة المسلمة؟ فقال: نحن اليوم نحرص على غزو المسلمة وافسادها عقلياً وفكرياً وجسدياً أكثر من صنع الدبابات والطائرات الحربية!! وساعدنا على انشغالهم بالفيسبوك والبلاك بيرى والبرامج الأخرى؛ وهي جزء من الخطة!! ثم سأله: وهل لكم يد في ستار أكاديمي الذي يقام حالياً في لبنان؟ فقال: بالتأكيد فنحن نتبرع كل يوم لهم بمبلغ كبير من المال وهي تحت اشرافنا باستمرار!! وفي نهاية اللقاء ماذا تقول لأمتنا الإسرائيلية وتبشرهم؟
أقول لهم: أن يستغلوا نوم الأمة الإسلامية فإنها أمة إذا صحت تسترجع في سنين ما سلب منها في قرون.. حسبي الله ونعم الوكيل. أخي في الإسلام.. انشرها لعل الأمة الإسلامية.. أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم تستيقظ من سباتها.. وتستوعب كل ما قيل عنها.. بارك الله في من قرأ وفي من نقل.. من أجل دينك “دين الإسلام..
هذه الرسالة ﻻبد أن تصل للجميع بدون استثناء لأهميتها وخطورة المعلومات التي فيها. على فكرة.. يقول الدكتور محمد بن عبد الرحمن العريفي، كُل من ساهم بنشر هذا المقطع له دعوة في ظهر الغيب.
أسألك بالحي القيوم بأن ترسلها لكل أرقام الواتساب الذي في جوالك؛ لكي نخدم الأمة الاسلامية بأقل شيء.)) انتهى النص.
– المثال الثاني هو رأي لأحد رجال الدين واسمه ” الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك” كتب مقالة في موقعه تحت عنوان “الحضارة المعاصرة تنتظر مصيرها إذا آتاها أمر الله ”
وتناقلت هذه المقالة العديد من المواقع من ضمنها موقع اسمه “طريق الإسلام” .. جاء فيها:
((والمتأمِّل يدرك أن المسلمين هم أكثر من وقع عليهم الظلم والتسلط، وتَضرّروا في دينهم وأخلاقهم بما أنتجته الحضارة من وسائل الإعلام المسموعة والمنظورة، فتعسَّر أو تعذّر على أهل الغيْرة حماية الأخلاق، وتعذّر عليهم الأمن في بيوتهم بما توفَّر للجهلة والفسقة من الرجال والنساء من وسائل الاتصال والتواصل، كالشبكة المعلوماتية والهواتف الذكية، ويحمل وِزر هذا الضياع في الأخلاق كل من له أثرٌ في ترويج وسائله المقروءة والمسموعة، كالتجار وشركات الاتصال، وكذلك كل من له قدرةٌ على منع هذا الباطل أو شيء منه بسدِّ أبوابه ولم يفعل، وللحكومات من إثم هذا الفساد أوفر نصيب لما لأجهزتها من التأثير، ولِمَا لها من القدرة على التغيير، وقوله تعالى: {وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا} ينطبق على أصحاب هذه الحضارة؛ فإنهم لِمَا بلغوا من القوة يظنون بقوتهم أنهم قادرون على التصرف في كل ما على الأرض من وسائل الحياة وما فيها من الطاقات.. فما تزخرفت هذه الحياة ولا تزينت من قبلُ مثل هذا الزخرف والزينة، ولا ظن أهلها أنهم قادرون عليها مثل ما ظن أهل هذه الحضارة؛ إذًا فهي تنتظر أن يأتيها أمر الله ليلًا أو نهارًا فيدمرها تدميرًا، ويُسيّرها آثارًا وأحاديث، كأن لم تكن بالأمس طائرات وأقمار صناعية واتصالات بين شرق الأرض وغربها وشمالها وجنوبها ومصابيح الكهرباء التي حولت الليل نهارًا، فعند ذاك -بأمر الله- ذهب ذلك الزُخرف والزينة، فأظلم الليل وانقطع الاتصال، فعادت الحياة إلى ما كانت عليه، وحينئذٍ انخفضت الدنيا بعد ارتفاعها، مصداقًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «حقٌّ على الله أن لا يرتفع شيءٌ من الدنيا إلا وضعه». وقد نبَّه سبحانه إلى كمال قدرته على إحالة حال الدنيا وحال الأرض فقال: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا} [الكهف:45]، ولحكمة الله في التقدير والتدبير فأحقُ تلك الدول بالخفض والتدمير هي قمة الظلم والاستكبار دولة الإمريكان وحضارتها، ومن على سبيلهم في الظلم والطغيان فله نَصبيهم من الخفض والتدمير؛ سنة الله ولا تجد لسنة الله تبديلًا كما قال. إذًا.. فنحن لا نأمَن في كل ليلة وفي كل يوم أن يأتي هذه الحضارة أمر الله، بل ننتظر ذلك ونتوقعه فتصير آيةً وعبرة، ونسأل الله أن يقي المسلمين شرّها مُقبِلة ومُدبِرة.))