فئة الشباب المهتمة والنشطة في قضايا الشأن العام قليلة جداً، قياساً بنسبة جيل الشباب بين فئات المجتمع، ولو سألت أياً منهم عن سبب هذا العزوف واللامبالاة حيال دورهم المطلوب في استنهاض الواقع وبناء المستقبل، لكان الجواب المشترك في الأغلب هو التالي: أنهم مهمشون بفعل سياسات الإقصاء في المؤسسات السياسية والتنموية وغيرها، وأن الأجيال التي سبقتهم تحتكر القيادة والقرار في مختلف المجالات، وأنهم يشعرون باليأس بسبب الفساد الذي طغى حتى على مؤسسات الثورة والمعارضة، وأنهم أطلقوا ثورات الربيع العربي ولكن السياسيين الانتهازيين تسلقوا على أكتافهم، ولديهم عدا ذلك أسباب ودوافع معيشية واقتصادية للبحث عن الخلاص الفردي حيث يُتاح لهم، ومع أن ثمة تبريرات منطقية في إجاباتهم يجب أخذها بالحسبان، لكن يبدو أن احساس الضحية ورمي المشكلات على الآخرين، هو الحقيقة الأوضح التي يجب الوقوف أمامها، والتي يتم استخدامها من قبل شريحة واسعة من الشباب للهروب من واجبهم في تطوير وعي جديد، يسهم في بناء أطر ومؤسسات جديدة، قائمة على الشفافية والعمل الجماعي، وفي تصديهم لمعالجة مشكلات الواقع بروح الاجتهاد والتعلم والمثابرة، وقبل هذا وذاك انسجام السلوك مع القناعات، لأن جزء كبير من مشكلات الواقع أيضاً يتحمل الشباب المسؤولية عنها، ولو أخذنا مثلاً منظمات المجتمع المدني، التي تضم أعداد كبيرة من الشباب، لوجدنا أن الفساد فيها ليس بعيداً عن الشباب المدراء أو العاملين فيها، وهو حال العديد من المؤسسات الإغاثية والإعلامية والتنموية، فيا جماعة الشباب نصف المستقبل وكل الحاضر، حين تقوموا بواجباتكم وتنهضوا بأدواركم، سوف يتغير الكثير من حياتكم وحياة مجتمعاتنا نحو الأفضل، ويا جماعة القوى والأحزاب السياسية، كفوا عن خطابكم نحو الشباب، لأنكم تعيشون في واد والشباب في واد آخر، والسبب أنكم أورثتموهم أمراض المعرفة المطلقة، وتضخم الأنا، وفرادة النبوغ والإبداع، والمحصلات المأساوية ليست بحاجة لتذكير.
يداً بيد شاركنا بثورة الحرية والكرامة ومعاً نبني سوريا الجديدة
Read more