على الرغم من وقوف العرب الدروز والمستوطنين الإسرائيليين على طرفي نقيض، فيما يتعلق بالخلاف حول إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأييده لسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، إلا أنهم يتفقون على شيء واحد وهو أن هذا الاعتراف لن يغير من الأوضاع على أرض الواقع.
على السفوح الخصبة لهضبة الجولان التي تحتلها إسرائيل تتناثر قرى يسكنها 22 ألفا من الدروز وهي أقلية عربية تستمد عقيدتها من أحد الفروع الطائفية المنبثقة عن الإسلام. وما زال كثير من هؤلاء الدروز لهم أقارب على الجانب السوري من الحدود شديدة التحصين.
في مجدل شمس يتذكر السكان من كبار السن حين كانوا جزءا من سوريا قبل أن تستولي إسرائيل على معظم الهضبة في حرب عام 1967 ثم تضمها عام 1981.
ولم يلق الضم اعترافا دوليا وعلى الرغم من أنهم يعيشون تحت الحكم الإسرائيلي منذ أكثر من نصف قرن وتحمل واجهات المتاجر لافتات بالعربية والعبرية في نفس الوقت فإن كثيرا من الدروز ما زالوا يعتبرون أنفسهم سوريين.
وقال الشيخ محمود نزيه (70 عاما) “بوسع ترامب أن يدلي بتصريحاته ويقول إنه يريد أن تصبح الجولان جزءا من إسرائيل لكننا نعلم أنها ستظل أرضا سورية”.
أما أمل الصفدي وهي أمينة مكتبة (54 عاما) قالت “دمنا سوري. إذا أخذت عينة دم من طفل فستكون النتيجة سوري”.
ومنحت إسرائيل للدروز خيار الحصول على الجنسية لكن الأغلبية رفضت.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول العام الماضي تظاهر المئات ضد إجراء الانتخابات البلدية الإسرائيلية في الجولان ومنعوا الوصول إلى مراكز الاقتراع في مجدل شمس ولوحوا بأعلام سوريا ورايات الدروز.
وتطل مجدل شمس على الخط الفاصل بين الجزء الذي تحتله إسرائيل من الجولان والآخر الذي تسيطر عليه القوات الموالية لرئيس النظام السوري بشار الأسد.
وتفصل بين الجيشين منطقة يطلق عليها عادة المنطقة منزوعة السلاح ولا يسمح لهما بدخولها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار المبرم عام 1974.
رد الفعل الإسرائيلي
جاء إعلان ترامب بشأن الجولان، يوم الخميس، مع احتفال الكثير من الإسرائيليين بعيد بوريم أو عيد المساخر الذي يحتفلون فيه بنجاة اليهود الذين تقرر إبادتهم إبان الحكم الفارسي.
وترى إسرائيل أن للجولان أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لها لأن مرتفعاتها تطل على بلدات شمال إسرائيل خاصة قرب بحيرة طبريا. ويعيش نحو 20 ألف مستوطن يهودي في الجولان نفسها ويعمل كثير منهم في الزراعة والسياحة.
ويرى الكثير من المعلقين الإسرائيليين أن إعلان ترامب جاء في وقته لإعطاء دفعة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قبل الانتخابات الإسرائيلية المقرر إجراؤها في التاسع من أبريل/ نيسان والتي واجه في الفترة السابقة لها اتهامات بالفساد.
لكن بعض الإسرائيليين الذين يعيشون في الجولان وحولها قالوا إن إعلان ترامب لن يحدث تغييرا يذكر على أرض الواقع.
وقال حاييم روكا رئيس المجلس المحلي الإسرائيلي في الجولان “اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة الإسرائيلية في الجولان يسعدنا لكن روتيننا اليومي لا ينطوي على التعامل مع الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية من عدمه”.
وقال رامي يوغيف (65 عاما) المقيم في مزرعة دان التعاونية التي تطل عليها مرتفعات الجولان إنه يتذكر قصف بلدته في حرب عام 1967 من الهضبة التي كانت خاضعة لسيطرة سوريا في ذلك الحين.
وأضاف “لا أعتقد أن إعلان ترامب سيصنع أي فرق. لن يغير شيئا. السكان في الجولان يشعرون أنهم إسرائيليون. حياتهم أفضل مما لو كانوا في سوريا أو أي دولة عربية. انظر ماذا حدث في الحرب في سوريا”.
وهيمنت على الصفحات الأولى في الصحف الإسرائيلية الأخبار الصادرة من واشنطن. لكن بعض المعلقين لفتوا إلى ضرورة توخي الحذر.
وكتب ألون بينكاس في صحيفة يديعوت أحرونوت يقول “البعض سيقول إن هذه هدية ترامب لنتنياهو في الانتخابات. البعض سيقول إن هذين شخصان يواجهان مشاكل قانونية ومقتنعان بأن هناك مؤامرة كونية للإطاحة بهما”.
لكنه أشار إلى أن الإسرائيليين دون الثانية والخمسين من العمر لا يعرفون واقعا مختلفا عما يعيشونه حاليا فيما يتعلق بالجولان. وأضاف “هذا أمر طيب وجيد. إنه إقرار واقع. هذا أمر واضح وجلي. السؤال هو هل يعني ذلك أي شيء؟”.
وتكهن مسؤولون ومحللون فلسطينيون بأن تدخل ترامب بشأن الجولان سيعرض للخطر آفاق خطة السلام في الشرق الأوسط التي طال انتظارها ويعكف البيت الأبيض على وضعها بقيادة جاريد كوشنر صهر ترامب.
ويشعر الفلسطينيون بالغضب بالفعل بسبب ترامب بعد قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إلى المدينة.
وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس “الشعوب العربية هي من تحدد مصير القدس والجولان وليس قرارات ترامب”.
وأضاف “هذه الوعود لن تعطي شرعية للاحتلال الاسرائيلي وستبقى الجولان اراضي عربية سورية… قرار ترامب مخالف لقرارات الشرعية الدولية وتحديدا القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي ذات العلاقة”.
وفي غزة، قال المحلل السياسي عدنان أبو عامر إن ترامب يحاول إعادة تشكيل المنطقة قبل طرح الخطة. وأضاف “واضح بأن ترامب يحاول أن يستبق اعلان الصفقة بشكل رسمي بفرض وقائع على الارض”.
المصدر: القدس العربي/ رويترز