“1”
هو ذات المطرْ
ينهمر الآنَ
كفأس الحطّاب على جذعي
المنخورِ من البردْ
أيّتها المزن المسودّة من شمس الحكمةِ
قولي لي:
إنّ الورق الأصفرْ
السّاقط من أغصاني الرّاعشةِ
محض رماد العمرِ
يذوبُ
تماماً مثل سماد الزيتونِ
بلحم الأرضْ
“2”
أيّتها المزن الريّانة من شهقاتٍ
وحبقْ
ثمّة أنثى
تحت أظافرها يستوطن حزنٌ شتويٌّ
ونزقْ
كان لمائكِ
أن يغدو أزرق كالحلمِ البحريّ
أن يمرح بين أصابع أتعبها الإصغاءُ
لثرثرة الفقد
وأن يوقد ناراً في ثلج حديقتها
أن يتكاثف كاللؤلؤ
فوق رخام الشرفةِ
أن ينقر بلّلوراً غبّشه الدفءُ
ويرسم
فوق الكتف العارية
قوس قزح
أيّتها المزنُة
كان لمائكِ ذات غرقْ
أن يتراقص حول مصابيح الرغباتِ
ويهمي
مثل حبال الضوءِ
ليطرد من عينيْ عاشقةٍ
سأماً
ونعاساً محتملاً
وأرقْ
“3”
أيّتها المزن المغبرّة من زفرات
المقرورين
كيف لأوتار الماء المتقطّعِ
أن تعزف بين الخيمة والخيمةِ
لحن الحربِ
وكيف لمائكِ أن يتلوّن
بصديد الرمّانْ
بين رصيفٍ
أفلت من أنياب القصفِ
وآخرَ لا يعبأ بالأقدام الحافية
ولا بالنزفِ
يمرّ النهرُ
كحشدٍ منضبط الأركان
“4”
أيتها المزنة
آنَ لغيثك أن يغزل للتربةِ
ثوب العرسْ
لا تكترثي للأغصان العاريةِ
أو للحائي المتفسّخ
من عبث الأولاد الشرّيرينَ
سأبدو أحسن حالاً
حين، قريباً من لحدي، ينبتُ للجوريّ
جناحا طفلٍ
لا يحمل في عينيه بثور الخوفِ
وأنّه ذات المطرْ
بيدٍ حانيةٍ يلمس خصر الأرضِ
ويملآ كفّيها ذهباً
كي تضحك أنثى الليلِ المقمرِ
في عين الشمس.