سامي خليفة
منذ وصول دونالد ترامب إلى موقع الرئاسة في الولايات المتحدة، اتخذت الإدارة الأميركية قراراً بالإنتقال إلى مرحلة أعلى من العقوبات التي تفرضها على إيران. والواقع اليوم يشير، حسب وجهة النظر الأميركية، أن طهران بدأت تعاني، وكذلك أهم حليفٍ لها في لبنان.
تخفيضات الرواتب
في معرض استعراضه للأزمة المالية الخانقة، التي تمتد من طهران إلى بيروت، يكشف موقع “فرونت بايج ماغازين” الأميركي، أن المرشد الأعلى علي خامنئي قرر التمسك بالسلطة حتى عام 2020، آملاً أن ينتهي عهد الرئيس ترامب، وأن يتولى الديموقراطيون الودودون السلطة. وهذا يعكس، حسب الموقع، فشل النظام الإيراني في تصميم استراتيجية رابحة. ويمكن رؤية هذا الفشل من الأزمة المالية، التي يعاني منها حزب الله الآن، ومن توجيه أمينه العام حسن نصر الله النداء غير المسبوق، في شهر آذار الماضي، لتقديم التبرعات.
أعاد حزب الله، حسب الموقع، العديد من مقاتليه من سوريا إلى ديارهم، وتحديداً أولئك الذين يدفع لهم على أساس تعاقدي، ولم تعد هناك حاجة إليهم. وقد بدأ موظفو وسائل الإعلام والتعليم والنظم الطبية والعسكرية التابعة للحزب، يتحدثون عن تخفيضات كبيرة في الأجور. ولكن الأهم من ذلك، كما يضيف الموقع، أن المقاتلين وعائلاتهم بدأوا يشتكون من الأجور المفقودة أيضاً. وهو تطور غير مسبوق إلى حد كبير. وعلى سبيل المثال يُقال إن المقاتلين المتأهلين لا يتلقون سوى نصف رواتبهم (التي تتراوح عادة بين 600 دولار و1200 دولار شهرياً).
لا شك أن هذا يرجع جزئياً، وفق الموقع، إلى العقوبات الأميركية. فالنظام الإيراني يعتمد على المساعدات الخارجية، أو الاستثمار، من الأوروبيين والروس والصينيين. لكن الكثير من ذلك بدأ ينفد. ويتعين على القادة الأجانب الاختيار بين ممارسة الأعمال التجارية مع الاقتصاد الأميركي المزدهر و”أنقاض” الجمهورية الإسلامية.
عقوبات أقسى
لم يسبق للولايات المتحدة الأميركية أن صنفت كياناً عسكرياً كاملاً، ضمن قائمة المنظمات الإرهابية، مثلما فعلت مع الحرس الثوري الإيراني، الذي يتمتع بقوة عسكرية وسياسية واقتصادية كبيرة في البلاد، ما سيعيق أعماله، وسيضاعف من تأثير العقوبات الموجودة بالفعل ضد المجموعة، وعلى المجموعات الخارجية التي تعمل معها، كحزب الله.
ولكن الأخطر من ذلك كان إعلان المبعوث الخاص الأميركي بشأن إيران، براين هووك، هذا الشهر، أنّ الولايات المتحدة تعمل على وقف عمليات شراء النفط الإيراني، عِوض استهداف قطاع التصدير. وهذا يعني قدرة السوق العالمية، كما ترى أميركا، على تلبية حاجاته من دون الاستعانة بالنفط الإيراني. ما سيحقق تأثيراً أكبر في الداخل الإيراني، وسنشهد ارتداداته حتماً في لبنان.
دورٌ جديد في سوريا
وبعيداً عن موضوع العقوبات، تحدث معهد “كلينجينديل” للعلاقات الدولية، ومركزه في مدينة لاهاي الهولندية، في تقريرٍ له، عن احتمال حصول حزب الله على موقع بعيد المدى داخل الهيكل العسكري للنظام السوري، الأمر الذي يقلق إسرائيل بشدة.
ووفقًا للتقرير، فإن السيناريوهات الأكثر ترجيحاً، هي أن الميليشيات الموالية للنظام ستحظى بوضع قانوني كقوات شبه عسكرية، أو أنها ستندمج في الجيش السوري. بالتالي، سيتم منح الحزب دوراً أكبر في تدريب القوات المسلحة السورية والميليشيات الموالية للنظام. كما يمكن منح الحزب مقعداً في شكل ما من أشكال مجلس عسكري أو شبه عسكري، يتلقى الأوامر من النظام على الورق. لكن في الواقع سيكون مستقلاً إلى حدٍ كبير، ويتماشى بشكل أوثق مع الأهداف الاستراتيجية لإيران في سوريا، مقابل روسيا.
من المحتمل، حسب المعهد، أن يتركز وجود الحزب، على الأرض، في مناطق جنوب سوريا، بالقرب من الحدود الإسرائيلية، وفي الغرب بالقرب من لبنان. وفي هذا الصدد، يقول التقرير بأن إسرائيل تخشى من التأثير الذي سيظفر به الممَثلون الجدد في بنية الدولة السورية المستقبلية. فسوريا، بنظر الدولة العبرية، سوف تتحول من “الشيطان الذي يعرفونه” إلى ممثل يتأثر بإرادة إيران وتهديداتها.
ويضيف التقرير بأن اعتراف الرئيس ترامب بالجولان لم يوضح وضع مزارع شبعا، ما يعني أن الحزب سيستخدم عدم الوضوح لدعم الدعاية الخاصة به. كما أن المواجهات في المستقبل لا يمكن التنبؤ بعواقبها، بالنظر إلى موقع الحزب في سوريا، وموقف إسرائيل في مرتفعات الجولان. ويختم التقرير بالقول بأن روسيا قد تهدد الجدوى البعيدة المدى لمشروع إيران، لإنشاء ممر بري غير منقطع للنفوذ يمتد من لبنان إلى طهران. كما أن موسكو تفضل دمج القوات شبه العسكرية العاملة في سوريا مثل حزب الله بالكامل في الجيش السوري أو حلها، الأمر الذي من شأنه أن يضعف تأثير إيران على المدى الطويل.
المصدر: المدن