فادي الداهوك
أحدث التحالف المفاجئ في إقليم بروفانس آلب كوت دازور (باكا) بين حزب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “الجمهورية إلى الأمام”، ومرشح الحزب “الجمهوري”، الممثل ليمين الوسط، رونو موزليه، الأحد الماضي، هزة سياسية في فرنسا، إذ اعتبر سياسيون يمينيون هذا التحالف بمثابة “طعنة في الظهر” للحزب “الجمهوري”.
وهذا التحالف، الذي أدى إلى انسحاب مرشحة حزب ماكرون، صوفي كروزل، لصالح مرشح اليمين رونو موزليه، للانتخابات الإقليمية المزمع إجراؤها في 20 يونيو/ حزيران المقبل، وضع اليمين الفرنسي في مأزق كبير، فهو غير مقتنع بخوض الانتخابات في صف واحد مع ماكرون، لكون الحزب يخوضها كمعارضة له، كما لن يكون لديه الوقت الكافي لتسمية مرشح جديد.
وعقد الحزب الجمهوري اجتماعاً، الثلاثاء، من أجل بحث هذه الأزمة من دون تحقيق تقدم يذكر، فموزليه لا يزال يتشبث بالتحالف الجديد، فيما يرفض “الجمهوريون” خوض الانتخابات بلائحة واحدة مع حزب ماكرون، حتى لو كانت الحجة منع مرشح اليمين المتطرف تيري مرياني، الذي يتصدر استطلاعات الرأي، من الفوز بهذه الانتخابات.
في نهاية الاجتماع، جدد رئيس الحزب “الجمهوري” كريستيان جاكوب، في تصريحات مقتضبة لوسائل الإعلام، موقفه الرافض لهذا التحالف، وقال إنه “يوجد في باكا سجل جيد جداً للأغلبية الإقليمية التي هي غالبية من الجمهوريين”، وأعرب عن أسفه لـ”قيام حزب الجمهورية إلى الأمام بهذه المناورة السياسية”.
وبحسب ما نقلته قناة “فرانس إنفو” عن مصدر مطلع على مجريات الاجتماع، طلب موزليه من رفاقه في الحزب “الجمهوري” عدم تشكيل قائمة جديدة ضده في الانتخابات، وأكد، خلال الاجتماع، ارتباطه الوثيق بحزبه، موضحًا: “إذا كنّا في هذا المأزق، فإنه بسبب عدم امتلاكنا مرشحاً لعام 2022 بعد”، في إشارة إلى عدم تسمية الحزب بعد لمرشح يخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة.
جيرالد درامانان، وزير الداخلية “الجمهوري” في حكومة جان كاستكس، دخل على خط الأزمة، معلناً أنّ “ناخبي اليمين يدعمون ماكرون”؛ في تصريح قد يعمّق الأزمة أكثر ويمنع التوصل إلى أي حل وسط بين موزليه والحزب “الجمهوري”، فضلاً عن أنه صورة عن حجم الانقسام داخل الحزب نفسه.
وقال درامانان، في تصريحات لإذاعة “راديو كلاسيك”، صباح الثلاثاء: “ناخبونا يدعمون رئيس الجمهورية، وجزء ضئيل فقط يرفض ذلك”، وشدد على “الخطر الكبير جداً الذي سيمثله فوز مرشح الجبهة الوطنية في بروفانس آلب كوت دازور”.
في الظاهر، كان يمكن أن يبقى هذا التحالف في إطاره المحلي في إقليم باكا، لكن ماكرون أراد أن يمنحه نطاقاً وطنياً قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة، عندما أعلن ممثل الأغلبية البرلمانية رئيس الوزراء جان كاستكس، عن هذا التحالف، يوم الأحد الماضي، خلال مقابلة مع صحيفة “لوجورنال دو ديمانش”، أنّ هذا التحالف سيكون بمثابة “اتحاد يفترض أن يمثل مرحلة جديدة من إعادة التشكيل السياسي” في فرنسا.
بيد أنّ عملية “إعادة التشكيل السياسي” هذه تتم على حساب اليمين الفرنسي، إذ يشكّل هذا التحالف اختراقاً واضحاً نفّذه ماكرون في صفوفه، وهو ليس الأول، إذ يبدو وكأن هذا السلوك ما هو إلا استراتيجية يسير بها الرئيس الفرنسي بثقة قبل إعلان إعادة ترشحه لولاية ثانية، فهو حقق أول زعزعة في صفوف اليمين عندما سمّى الجمهوري إدوارد فيليب رئيساً للوزراء.
ومن المعروف أنّ رئيس الوزراء يمثل دوماً الحزب الحاكم في فرنسا، ثم أعاد الكرّة مجدداً بتطعيم تشكيلته الحكومية بعد استقالة فيليب من خلال الحفاظ على الجمهوري المنقلب على حزبه برونو لو مير وزيراً للاقتصاد، وتسليم حقيبة وزارة الداخلية لزميله في الحزب سابقاً جيرالد درامانان.
المصدر: العربي الجديد