رياض الزين
حضرت الشرطة العسكرية الروسية واللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري إلى حي الأربعين بمدينة درعا البلد صباح الاثنين برفقة اللجنة المركزية للتفاوض، وبدأت عمليات التسوية من جديد في مركز التسويات بحي الأربعين، وذلك بعد قبول اللجنة المركزية بدرعا البلد والأهالي، استئناف تطبيق الاتفاق الذي انهار بعد أيام من توقيعه في الأول من سبتمبر (أيلول) 2021.
وجاء ذلك بعد أن حضر وفد عسكري روسي برئاسة نائب وزير الدفاع الروسي وقائد القوات الروسية في سوريا إلى محافظة درعا يوم الأحد بشكل مفاجئ.
وقال مصدر من لجنة التفاوض المركزية لـ«الشرق الأوسط» إن الوفد الروسي عقد اجتماعات موسعة في درعا الأحد، مع جميع أطراف التفاوض من اللجان المركزية في حوران واللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في درعا، وأمر نائب وزير الدفاع الروسي قوات النظام السوري بوقف القصف والعمليات العسكرية في درعا البلد، وأعطى مهلة للجان المركزية حتى الساعة العاشرة من صباح يوم الاثنين إما إعلان الموافقة على بنود الاتفاق الذي حصل بتاريخ 1 سبتمبر الماضي، وتطبيقه بضمانة القوات الروسية، أو الحسم العسكري في درعا البلد بدعم القوات الروسية.
وأضاف المصدر أن لجنة التفاوض في مدينة درعا البلد قبلت بالعودة إلى المفاوضات والعمل على مباحثات مع الجانب الروسي حول البنود المطلوبة التي تتضمن نشر تسع نقاط عسكرية في مدينة درعا البلد، تضم كل نقطة 15 – 20 عنصراً يحددها فرع الأمن العسكري بدرعا، وتسليم السلاح الخفيف، ودخول قوات أمنية إلى درعا البلد وطريق السد والمخيم وتفتيش المنازل برفقة الشرطة العسكرية الروسية ووجهاء من درعا، وتدقيق في هويات السكان للتأكد من عدم وجود غرباء، وإجراء تسويات للمنشقين والمتخلفين عن الخدمة الإلزامية، وفتح مركز التسويات الذي أنشئ قبل أيام في حي الأربعين بدرعا البلد، وجلب حافلات إلى مركز جمرك درعا القديم لتهجير الرافضين للتسوية والاتفاق، وإخفاء كافة المظاهر المناهضة للنظام السوري، وإعلان درعا البلد والسد والمخيم مناطق آمنة وخالية من المظاهر المسلحة، وأن الاتفاق يُنفذ حالياً بدرعا البلد، وسيشمل المخيم وطريق السد خلال الأيام القادمة، بعد تنفيذ البنود الخاصة بمدينة درعا البلد.
وتعهد الجانب الروسي ممثلاً بنائب وزير الدفاع بانسحاب القوات المطوقة لمدينة درعا البلد وعودتها إلى ثكناتها، وفتح جميع الطرقات المؤدية للمدينة بعد تنفيذ البنود بشكل مباشر.
وأكد الناطق باسم لجنة التفاوض بدرعا أن ما شجعهم على العودة إلى المفاوضات، هو تعهد نائب وزير الدفاع الروسي بفك الطوق الأمني عن الأحياء المحاصرة، وسحب التعزيزات العسكرية من محيطها، بمجرد نشر النقاط الأمنية.
وجاء ذلك بعد اشتباكات استمرت لساعات بين قوات الفرقة الرابعة والمجموعات المحلية من أبناء درعا البلد، بالتزامن مع تصعيد عسكري وقصف مكثف استمر منذ ليلة يوم السبت إلى مساء يوم الأحد بشكل متواصل، من قبل قوات الفرقة الرابعة التي تحاصر المدينة، مع محاولات اقتحام أحياء المدينة من عدة محاور، وأدى ذلك إلى جرح عدد من المدنيين وسط انعدام المشافي والنقاط الطبية في الأحياء المحاصرة، وقضى 3 أشخاص من المقاتلين المحليين في درعا البلد، وعدد من قوات الفرقة الرابعة أثناء المواجهات.
وعادت الأعمال العسكرية إلى مدينة درعا البلد بعد هدوء لمدة أربعة أيام وإعلان التوصل لاتفاق في 1 سبتمبر، وتبادَل طرفا التفاوض المعارضة والنظام السوري الاتهامات في سبب انهيار الاتفاق الأخير والانقلاب عليه، حيث قالت اللجنة المركزية في درعا البلد إن اللجنة الأمنية والنظام السوري أضافوا مطالب جديدة إلى الاتفاق مثل تسليم كامل السلاح بعد أن كان الاتفاق ينص على تسليم 40 قطعة عسكرية، وإنشاء 9 نقاط عسكرية وكان المتفق عليه إنشاء 4 نقاط فقط، ما أبعد الثقة والجدية لدى الطرف الآخر في الوصول إلى حل سلمي، وآخرين اعتبروها هيمنة إيرانية على قرار اللجنة الأمنية في درعا للضغط على المدينة وسحبها إلى مربع انهيار الاتفاق وفرض السيطرة العسكرية على المدينة وتهجير سكانها.
بينما اعتبرت اللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري في درعا أن الاتفاق كان واضحاً وأن تلك البنود الجديدة كانت مدرجة وأطلعت عليها اللجنة المركزية سابقاً، وما دفع إلى إضافة مطالب جديدة في درعا البلد، هو رفض مجموعات محمد المسالمة «هفو» ومؤيد حرفوش للتسوية والاتفاق والتهجير، وإعلانهم البقاء في مناطق طريق السد والمخيم، ورفضت اللجنة المركزية تحيد مدينة درعا البلد واستمرار الاتفاق فيها دون مناطق السد والمخيم، متهمة اللجنة المركزية بإفشال الاتفاق.
وحذر الائتلاف الوطني السوري المعارض من إتمام النظام الإيراني لـ«مشروعه الخبيث في درعا وعموم الجنوب السوري، والذي يتم بتنفيذ النظام مع الشراكة الروسية، ويهدف إلى تغيير البنية السكانية للمنطقة من خلال استمرار الحصار والقصف الإجرامي وصولاً إلى التهجير القسري للسكان الأصليين وإحلال ميليشيات إيران الطائفية متعددة الجنسيات».
كما حذر من أن أضرار هذا المشروع «لن تقتصر على حوران أو سوريا، بل ستتمدد إلى كل دول المنطقة»، داعياً إلى «تحرك عربي ودولي بشكل عاجل من أجل إنقاذ أهالي درعا ورفع الحصار عنهم وحمايتهم من وحشية الميليشيات الإيرانية وقوات النظام».
المصدر: الشرق الأوسط