معاناة كبيرة لأهل الغوطة الشرقية، المهجرين قسريًا إلى دمشق، ممن يودون العودة إلى ديارهم ومنازلهم، إضافة إلى حالات القنص والقتل من قبل النظام، لكل من يحاول العودة دون موافقة ميليشيات النظام الطائفية، ناهيك عن الرشاوى التي يتقاضونها من الناس الغلابة، فقط من أجل السماح لهم بالدخول الى منازلهم، أو تفقدها. وخاصة بعد تخوفات السكان من تداعيات المرسوم رقم 10 في محاولة لتثبيت ملكيتهم. حيث يقوم النظام السوري بمنعهم بالقوة. ويبدو أن ذلك خطوة عملية يقوم بها المتسلط، كي يتمكن من الاستيلاء على الأملاك، بحجة هجرة أهلها. حول هذه المسألة المهمة لأهل الغوطة ولكل السوريين، كان أن سأل موقع مصير بعض أهل الغوطة من المهجرين، عن نظرتهم إلى طبيعة هذه المعاناة وحجمها وثقلها على الناس؟ وهل يمكن أن يكون ذلك بقصد الاستيلاء على ملكيات ومنازل أهل الغوطة؟ وما الحل الممكن وفق هذه المعطيات القاسية؟
يوسف الغوش الرئيس السابق للمجلس المحلي لبلدة زملكا في الغوطة الشرقية أكد لمصير صحة ذلك عندما قال ” نعم بالفعل توجد معاناة كبيرة لدى المهجرين قسريًا بشكل عام. لسببين رئيسيين أولا غلاء أجور السكن والمعيشة، وثانيًا قلة فرص العمل. وتزداد هذه الحالة مع الوقت مع نفاذ المال الذي كان متوفرًا معهم على قلته، ومع التراجع الطبيعي للتفاعل الشعبي والاغاثي معهم، كما تأتي التطمينات والاغراءات التي يبثها النظام ومريديه عن حال الذين بقوا في المناطق التي استولى عليها مؤخرًا، في محاولة لاجتذابهم من أجل خدمته، وارباك المناطق التي لجأوا إليها. ونحن نعرف وندرك حجم الضرر بعد أن أصدر النظام قانونًا حول تنظيم الملكيات الخاصة بعد الحرب، وهو القانون رقم 10، وهو ملتبسًا في نصوصه، ظاهره حل للمشكلات والتعاملات التي تمت أثناء غياب أجهزة الدولة المتخصصة، وفي باطنه القدرة على مصادرة ملكيات الغائبين، وكل التعاملات التي تمت في غياب سلطته، مما شكل مخاوف حقيقية، لدى المهجرين قسريًا من مصادرة ملكياتهم المتبقية في مناطقهم الأصلية.” وقد انبرى السيد الغوش إلى تحميل بعض المسؤولية على قانوني الثورة الذين قصروا في توعية الناس كما يرى ” وهنا تقع المسؤولية على الإخوة القانونيين في مناطق اللجوء لتوصيل ارشاداتهم للأخوة اللاجئين والحلول الواجب اتباعها مؤقتًا، لتثبيت ملكياتهم، دون الخضوع لابتزازات الطاغية، الذي قتل أهلهم واقتلعهم من جذورهم” ويرى الغوش أن الحل يكمن ” في استكمال ثورة الشعب السوري، والاستفادة من كل المعطيات السياسية للوصول إلى نظام ديموقراطي تعددي يحفظ الحقوق والحريات والكرامات”.
المهندس والناشط أحمد طه من مجلس محافظة ريف دمشق وابن دوما قال لمصير ” يسعى نظام الأسد جاهدًا للامعان في اذلال المواطنين بشتى الوسائل، حيث إن قصفه للمدن وتدميره أحياء بكاملها عن بكرة أبيها، والكثير من الممارسات الشبيهة كانت جريمة كبرى، ضد الشعب السوري، وهو ولم يكتف بهذا وحسب، وإنما يصر الآن من خلال هذا القانون رقم 10 للسيطرة على عقارات المواطنين وممتلكاتهم، علمًا أن هذه المناطق جرت عليها عمليات التحديد و التحرير العقاري منذ عشرينيات القرن الماضي، وكافة الأملاك محددة ومعروف مالكيها منذ تلك الفترة، والهدف الرئيس لهذا القانون هو السيطرة على أملاك المواطنين وتجريد كل من عارض هذا النظام من ممتلكاته”. ويعتبر طه ” أن هذا النظام قد خرج عن كافة القيم والاعراف الانسانية والدولية، وهو من تلوثت يداه بالدم، فليس مستغربًا أن يسيطر على الأموال والممتلكات، بينما أنا أرى أن الحل بتصوري هو حل حقوقي، بأن ترفع قضايا حقوقية في المحاكم الأوربية لإيقاف العمل بهذا القانون المجحف والتشبيحي”.
أما الناشطة ثروة غازي من مهجري ريف دمشق فقد اكدت لمصير ” بالنسبة إلى عودة أهالي الغوطة الشرقية فكل من لديه إثبات لمنزله حاول الذهاب إليه، دون جدوى، وحتى من يملك عقد لعقار بيعًا أو شراء او حتى ايجارًا فقط، والناس الآن في دمشق يقومون بإخراج أوراق ثبوتية كثيرة من أجل المحاولة في الاثبات ليس إلا، كما أن الأهالي الذين ما يزالون في منازلهم يعانون أيضًا، لأن ترحيل ما قد تم تدميره، مسألة غاية في الصعوبة، وهي إن سمح في ترحيلها تكلف الكثير الكثير من الأجور المالية الترحيلية”. ثم قالت ثروة ” وكل من استطاع إثبات ملكيته يذهب إلى من هو مسؤول أمنيًا عن المنطقة لتقييم الأضرار، ولكن ذلك يتطلب مجهودًا جسديًا وماليا وسوى ذلك، وكل هذا الأمر بالضرورة يتحمله المواطن الغوطاني، ولا تتحمل السلطة أو المسؤولين عن المنطقة أي شيء أو عبء، وعندما تبدأ الجرافات بالعمل من أجل إزالة الأنقاض، وفتح الطرقات، فإن ذلك لا يأتي إلا بمقابل مالي، ومحسوبيات، حيث تم مباشرة ذلك في شهر رمصان بمدينة حرستا”. ثم تحدثت عن المرسوم رقم 10 قائلة ” إن هذا المرسوم هو إقصاء لأغلب من ترك البلد، وهو يقبض على الناس بيد من حديد، وفيه خسارة لعائلات كثيرة، وكأنه مصادرة لأملاك ناس معينين بحد ذاتهم، أو تم القصد أن يقع الضرر على كل الذين قاوموا ووقفوا مع الثورة السورية ثورة الحرية والكرامة، من أجل تطفيشهم، أو (تطهير البلاد منهم) كما يحلو للنظام السوري أن يقول”.