مع إشراقة الفجر كان نسيم الوعر العليل يداعب وجهي. ذهبت مع صديقي أبي عبيدة إلى حي القصور بحثاً عن شهادة طبٍ في شقة غادرها أحد أبنائي منذ خمسة أعوامٍ ونيف .
رأيت الحي جاثياً على أنقاض أبنيته المدمرة قاعداً خجلاً من عريه، كأن حرباً عالميةً جرت فيه، حتى غدا خراباً .
لم أشاهدُ قطةً ولا كلباً ولا عصفوراً ولا بشراً ولا ثياب أطفالٍ تلاعبها الريح على شرفةٍ كأعلام الدول على أبواب منظمة الأمم المتحدة .
كم تمنيت أن أرَ ثياب طفلٍ رضيعٍ على بقايا شرفةٍ فذرفت عيناي حنيناً لأطفالٍ ، كانوا يملؤون الشوارع والساحات صراخاً وضجيجاً خلف كراتهم، تكاد تنفر الدماء البريئة من وجوههم .
يا الله . أحنُّ إلى صراخهم و خناقاتهم فداهمتني صفحة من الذاكرة لمنتصف القرن الماضي ، حيث تنصب غرف القصب على ضفاف ساقية الري ، وتأتي عائلات حمص فرحةً وتشوي اللحم والكبة ، أمَّا شبابها ورجالها يقفزون إلى الساقية، تناديهم من حولهم عناقيد العنب الزيني والجوز واللوز من طريق الميماس إلى معمل السكر .
في القصور بقايا دور وفتات شقق ، تندب سكانها الغائبين شوقاً ، وتخجل من عريها من أثاثها الذي كانت تغصُّ به غرفُها .
تعفييش ، تلييف ، نهب شقة يحتاج لبشر أكثر من سكان شقة ، أما تعفييش… ونهب شقق وأحياء أخجل من توصيفه كمواطن ومربي لأنه يصيبني في الصميم…
تسلقت بقايا جدران ، زحفت على درج مقطعة أضلاعه حتى وصلت إلى الملحق فوق الطابق الثالث ، فوجدت مكتبة ولدي وحيدة باكيةً ، ولم أجد الشهادة .
– ليذهب الإرهاب والتطرف وجيوش دول الاحتلال إلى الجحيم .
– امنعوا المجزرة التي تعدُّ لأهلنا في إدلب .
– أوقفوا نزيف دم الشعب السوري العظيم .
– نعم لوحدة سورية أرضاً وشعباً ودولةً . دولة مدنية ديمقراطية بمواطنة متساوية لمواطنيها كافة ً
محمد عصام علوش رُوي أنَّ هذه العبارة وردت أوَّلَ ما وردت على لسان الشَّاعر أبي الفتح محمد بن محمود بن...
Read more