أصدر بشار الأسد، القانون الرقم 42 للعام 2018، المتضمن تعديلات على بعض مواد القانون الرقم 10 للعام 2018 وعلى المرسوم التشريعي الرقم 66 للعام 2012. وكان مجلس الشعب في أقر القانون 42، في جلسته المنعقدة في 6 تشرين الثاني/نوفمبر.
والقانون 10 يبيح لـ”الوحدات التنظيمية” حق تعيين منطقة ما ضمن نطاقها، ووصفها بالمدمرة جزئياً أو كلياً، وبالتالي اخضاعها للتنظيم. وهذا يعني أن تؤول المنطقة إلى “شركة قابضة” تُشكّلها “الوحدة التنظيمية”، لتعيد إعمارها، على أن تعطي أصحاب الملكية للعقارات المهدومة، حصصاً سهمية في المشروع الجديد، بما يوازي الأسهم الأصلية التي يملكونها. عملية تخمين قيمة العقارات الأصلية، واثبات الملكية فيها، هما معضلتان معقدتان للغاية نظراً لظروف الحرب السورية.
المادة الأولى في القانون 42، تنص على أن “الوحدة الادارية تدعو خلال شهر من صدور مرسوم إحداث المنطقة المالكين وأصحاب الحقوق العينية فيها غير المثبتة بالسجل العقاري أو في الجهات الأخرى المخولة قانوناً مسك سجلات الملكية ().. للتصريح بحقوقهم”. وعلى هؤلاء، وكل من له علاقة بعقارات المنطقة التنظيمية أصالة أو وصاية أو وكالة، أن يتقدم إلى الوحدة الإدارية “خلال سنة ميلادية واحدة من تاريخ الإعلان بطلب يعين فيه محل إقامته المختار ضمن الوحدة الإدارية مرفقاً بالوثائق والمستندات المؤيدة لحقوقه أو صور عنها /إن وجدت/ وفي حال عدم وجودها عليه أن يذكر في طلبه المواقع والحدود والحصص والنوع الشرعي والقانوني للعقار أو الحقوق التي يدعي بها وجميع الدعاوى المرفوعة له أو عليه”.
وجاء هذا التعديل بخصوص فترة اثبات الحق بالملكية لأصحاب العقارات المشمولة بالتنظيمات المتعلقة بالقانون 10 والمرسوم 66، بعد ضغوط دولية على النظام. وكانت مهلة إثبات المالكين لحقوق ملكيتهم، بحسب القانون 10، هي شهر واحد فقط. ويعني ذلك أن قدرة أصحاب الملكية غير المتواجدين في سوريا بسبب النزوح واللجوء، أو التخفي بسبب المساءلة الأمنية، غير قادرين على اثبات ملكيتهم.
وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف، قال لوكالة “سانا” الرسمية: “إن التعديل يتيح الفرصة الكافية أمام المواطنين لتقديم طلباتهم بشأن ملكياتهم وحقوقهم العينية العقارية عند إحداث منطقة تنظيمية، ويكرس المبادئ الدستورية في صون الملكية، ويعطي الضمانات الكافية للمواطنين ولا سيما في ظل وجود مالكين خارج البلاد بسبب الحرب التي شنت ضد سوريا والإجراءات القسرية أحادية الجانب التي مارستها بعض الدول على سوريا”.
وأضاف التعديل الجديد: “يجوز لأقارب أصحاب الحقوق حتى الدرجة الرابعة أو بموجب وكالة قانونية ممارسة الواجبات والحقوق المنصوص عليها في الفقرة /أ/ من هذه المادة نيابة عن أصحابها”. وكذلك: “تعد الحقوق المدونة في قيود الدوائر العقارية اساسا لعمل اللجان القضائية المنصوص عليها في هذا القانون وتراعى تلك الحقوق خلال أعمال اللجان في التقدير وحل الخلافات والتوزيع سواء اتم التصريح عن تلك الحقوق وفق أحكام الفقرة /أ/ من هذه المادة أم لا”.
التعديل الأهم على المرسوم 66 طال الفقرة ب من المادة 14 منه، بحيث أصبحت: “لأصحاب الحقوق الذين لم يتقدموا باعتراضاتهم أمام لجنة حل الخلافات، الحق في الادعاء بشأنها أمام القضاء العادي بعد انتهاء أعمال اللجان القضائية المنصوص عليها في أحكام هذا القانون”.
إمكان التقاضي أمام المحاكم العادية، بعدما كان حل النزاعات محصوراً بيد “الشركات القابضة” و”الوحدات الإدارية”، قد يكون التعديل الأبرز على المرسوم 66 الصادر في العام 2012، وهو يتضمن إحداث منطقتين تنظيميتين في دمشق، المعروفتين رسمياً بـ”ماروتا سيتي” و”باسيليا سيتي” والقائمتين على أنقاض خلف مستشفى الرازي في كفرسوسة المزة، ومنطقة القدم عسالي، الحجر الأسود، ومخيم اليرموك.
مخلوف، قال أيضاً إن “التعديل يهدف لصون الملكيات واعتماد السجلات العقارية الرسمية كأساس في عمل لجان التقدير وحل الخلافات والتوزيع المشكلة بموجبه ويفسح المجال أمام أصحاب الحقوق ليقدموا اعتراضاتهم أمام القضاء العادي بعد انتهاء أعمال اللجان القضائية في حال عدم تمكنهم من تقديمها أمام لجنة الخلافات”.
تمديد المهلة إلى سنة، لن يُعيدَ بالتأكيد اللاجئين والنازحين، ولن يكف البحث الأمني عن المطلوبين للنظام، لكنه يأتي تماشياً مع الضغط الدولي على روسيا لتقديم ضمانات تُسهّلُ عودة اللاجئين من أوروبا ودول الجوار، لا أن تُعقد ذلك. مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية يان ايغلاند، كان قد قال قبل أسابيع، إن النظام تراجع عن “القانون 10” والذي يعرّض ممتلكات معارضي النظام للمصادرة. وكان ديبلوماسي روسي قد أبلغ الأمم المتحدة أن دمشق تراجعت عن القانون الرقم 10 الذي “يجيز مصادرة أملاك وعقارات من اللاجئين”، بحسب وصف ايغلاند له. وتابع الديبلوماسي الروسي بأن أية إشارة للقانون 10 هي “إشارة خاطئة”.
وعلى عكس أقوال الديبلوماسي الروسي، فالإشارة إلى القانون 10 ما زالت قائمة، وإن أطيلت فترة المهلة. ويُعتقدُ على نطاق واسع، أن هذه الحزمة من القوانين والقرارات والمراسيم، مخصصة لإعادة تنظيم المناطق المدمرة في سوريا، وجزء منها من العشوائيات، بما يناسب مصالح رجال أعمال النظام، والمتطلبات الأمنية، وأصحاب الملكيات المتبقين في البلد من غير المطلوبين أمنياً. أي أن العملية هي مزيج من تطهير المنطقة من معارضي النظام، وغنيمة لرجال أعمال وزبانية النظام.
المصدر: المدن