عبد الحفيظ الحافظ
الثعالب الشاحبة رواية: يانيك هاينيل – عدد الصفحات 186 ترجمة: د. ماري الياس. د. معن السهوي دار: ممدوح عدوان للنشر والتوزيع سورية – دمشق الطبعة الأولى2016 ” لقد استحوذ عدم الاكتراث على هذه المدينة ” باريس ” بحيث أن كل فرد فيها انكفأ على تسوياته الذاتية، مدعياً رغبات لم تكن في الحقيقة سوى ردود أفعال لمستهلكين بائسين. إلا أن الثورة كانت على وشك أن تندلع من جديد…بأن زمن الثورات سيعود، اللحظات التاريخية التي بقيت معلقة، تنتظر دورها، عاودت الظهور مجدداً مثل الأشخاص العائدين من الموت، وهذه العودة ستتيح فرصة انبثاق فجر جديد.” صـ 23 ” تقول الجملة التي مازلت أذكرها: السياسة تنهش أجساد الضعفاء الذين يؤمنون بها ” صـ 42 ” من دون شك، تبدو كومونة باريس 1871، التي يتكلم عنها ماركس في كتابه، أكثر المراحل تجاهلاً في تاريخ فرنسا. الجميع مُصرّ عل الانتقاص من قيمتها، كما لو أنها كانت مجرد فورة فوضوية، أعطت مغالاة الفوضى فيها شرعية للقسوة المفرطة التي استخدمتها السلطة في فمعها …” صـ 99…هذه الثورة كما تعلمون قُمعت في مهدها صـ 100 ” لا بد من اندلاع الثورة بمثل هذه السرعة قد فاجأكم، ولكن من المنطقي أن يلعب العالم بالنار سيحرق نفسه بها أولاً وأن الفوضى ستهدد دوماً من يعتقد أنه يحكم البلد …ألم تتركوا بلدكم يغرق في الظلم؟ ألم تجعلوا كل واحد من ساكنيه شريكاً في انحلالكم؟ لا بد من تأتي لحظة لا يعود الواحد منا قادراً على تحمل العيش في مجتمع ينتقص من قيمته. والثورة التي تندلع من جراء ذلك لا تكون بدافع الغضب أو المطالبة بالحقوق ، بل حركة رفض لشيء لا يدركه المرء لأنها قائمة على عدم الاعتراف بوجوده .”صـ 123 ” نعامل كعبيد ، نطارد ونقصى ، لكن مهما حاولتم إجبارنا على ترك الساحة لكم ، أو طردنا خارج حدودكم ، سنعود لنطاردكم كما تطاردكم المجازر التي ارتكبتموها في مستعمراتكم القديمة … شبح جرائمكم في أفريقيا سيبقى يطاردكم في فرنسا شئتم أم أبيتم ، في حال حاولتم فقدان الذاكرة ، أو الاكتفاء بالتكفير عن ذنوبكم ، سنكون دوماً حاضرين لتذكيركم بحجم الفظائع التي ارتكبتموها ، وشناعة تفاصيلها …”صـ 125 ” هؤلاء الذين أمضينا وقتنا نهرب منهم ” الدرك ” كانوا الآن هنا مقابلنا ، مصطفين أمام عرباتهم . كنا نحدق فيهم، وربما كانوا هم أيضاً ينظرون إلينا أخيراً بشكل حقيقي. ربما يكتشفون للمرة الأولى أن لنا وجوداً ، وأن هذا الوجود عصي عليهم ” صـ 173 ” عندما لا يحدث شيء في السياسة ، قد يحدث شيء خارج السياسة ، وهذا الشيء يصبح سياسة هو الآخر …العتمة التي نحن فيها ، وضعنا القدر في مواجهة بعضنا البعض … ولهذا بالتحديد لا تتذرعوا بالأزمة …إن عالمكم هو بحد ذاته أزمة ، وقد ابتلعه خرابه ” صـ 176 ” حتى لو أن أعمال الشغب تحدث مؤخراً في بلدان أخرى عديدة ، حتى لو أنها تحدث ، في كل بلدان العالم ، فهي بذلك تنفي فكرة البلد لتفتح على فكرة عالم يعيش نهايته ، ولأن هذه الأعمال كان لا بد لها من تحدث ، ولأنه بمعنى ما صار الشغب في القرن الواحد والعشرين هو قدر العالم …إن ثورات سرية تتسرب في ذهنية العصر ولا يشعر بها إلا شخص مثلي ، لكنها تسبق الثورات … لكن سيكون من الصعب أيضاً عليكم أن تضعوا حداً لمثل هذا الحدث … ما يحدث في ساحة ” الكونكورد ” مركز ورمز باريس تصل إلى العالم برمته. هل ستقومون بخنق جماعة صامتة بالغاز؟ هل ستسحلون أقنعة؟ ” .