افتتحت وزارة الأوقاف، الإثنين، بحضور بشار الأسد، وعدد من العلماء وأئمة المساجد في البلاد، “مركز الشام الإسلامي الدولي لمواجهة الإرهاب والتطرف” في دمشق.
مصادر إعلامية موالية قالت إن المركز سيضمّ فروعاً في المحافظات، ويتألف من أقسام أبرزها؛ المعهد الوطني لتأهيل الأئمة والخطباء، والمعهد الدولي للعلوم الشرعية والعربية للراغبين في الحصول على العلوم الشرعية من علماء بلاد الشام الوسطية، وقسم مختص لرصد الأفكار المتطرفة والفتاوى التكفيرية عبر شبكة الانترنت وتحليلها ومعالجتها، إضافة الى قسم معني بمكافحة الفكر المتطرف.
وألقى بشار الأسد، خطاباً بالعلماء والأئمة، دام قرابة الساعة، وحفل بالتناقضات والعجائب، وساق الأغاليط تلو الأغاليط في سرد حرّ خارج أي منطق.
وقال بشار: “أين نقف في سوريا اليوم بالنسبة لموضوع التطرف وبالنسبة لموضوع الإرهاب.. وهو المشتق طبعاً من التطرف.. السبب أن المركز هو محطة في سياق مكافحة الإرهاب.. هو ليس بداية كما قلت وعندما نقف في محطة ونحن نتحرك باتجاه المستقبل فعلينا أن نفكر أين نقف… ما هو مكاننا… ما هو موقعنا… لأننا عندما نخطط باتجاه المستقبل لا بد أن ننطلق من الحاضر”.
وتابع: “لا نستطيع أن ننطلق من الأفكار النظرية.. لا بد أن ننطلق من الواقع الذي نعيشه اليوم.. ولو سألنا هذا السؤال لأي مواطن سوري أين نقف اليوم… أين تقف سوريا بعد تسع سنوات من الحرب في إطار الإرهاب وفي إطار التطرف… فسوف يكون الجواب ربما من معظم السوريين بأن هذا التطرف أدى إلى حالة.. مؤشر التطرف بالنسبة للمجتمع هي الحالة الطائفية بالدرجة الأولى هذا التطرف أدى إلى تزايد الحالة الطائفية في سوريا إلى درجة غير مسبوقة.. البعض سيكون متشائماً جداً وسيقول إن هذه الحالة الطائفية وصلت إلى نقطة اللاعودة.. والبعض ربما ..الأقل تشاؤما.. سيقول إننا وصلنا إلى مرحلة سيكون علاج هذه الحالة معها صعبا جدا”.
بشار الأسد، في كلمته الطويلة والمملة والمتناقضة، اعترف صراحة، على طريقته، باستخدام الطائفية سلاحاً ضد المعارضة، فقال: “أقول إن هذا هو رد فعل طبيعي.. عندما يكون هناك طرح طائفي استخدم كأداة في بداية الحرب فمن الطبيعي جداً أن يكون رد الفعل هو أيضاً رد فعل طائفي.. ولكن هناك فرقاً كبيراً بين الفعل الحقيقي وبين ردود الأفعال”.
وقال بمنتهى الوضوح: “الوضع اليوم بالنسبة للمجتمع السوري ليس فقط أفضل من بداية الحرب وإنما هو اليوم أفضل من قبل الحرب”.
وتابع: “من هو الشارع الآخر… شارع ملحد… لا أبداً.. معظم الشعب السوري متدين ولكن التدين درجات.. الإلحاد هو حالات أنا أعتقد أنها ليست جزراً كما هو حال التطرف.. أنا أعتقد بأنها حالات إفرادية حسب ما أرى.. إفرادية جداً وليس لها أي وزن على الساحة السورية ..لا الاجتماعية ولا الدينية ولا غيرها.. لذلك لا أقول الشارع الديني لأن الشارع المقابل هو شارع ملحد وهذا خطأ كبير.. ولكن لنقل الأقل تدينا.. الذين ينظرون بتوجس للعاملين في الحقل الديني وللمتدينين لم يكونوا قادرين على التمييز بين التدين والتطرف.. كان بالنسبة لهم كل متدين إما متطرف أو يحمل بداخله بذور تطرف.. وكان بالنسبة للكثير من هؤلاء كل من يلبس عمامة هو إما إخونجي أو لديه ميول إخونجية.. طبعاً هذا من تداعيات ومن نتائج مرحلة إخوان الشياطين في نهاية السبعينيات وفي بداية الثمانينات.. الأزمة هي التي جعلت الكثير من هؤلاء يميز بين المواطن المتدين والمواطن المتعصب.. بين العالم المتدين والعالم المتطرف.. بين العالم الحقيقي الذي يحمل العلم في عقله وتحت هذه العمامة وبين عالم انتهازي جاهل يسوق نفسه كعالم فقط لأنه يلبس هذه العمامة.. هذه من النتائج الإيجابية”.
وأضاف: “رأينا نتائج سوء الفهم هذا باعتبار أن الدولة هي دولة إما ملحدة.. أو على الأقل هي ضد الدين على الأقل بقناعاتها وتستغل الفرصة لتعرقل أي شيء له علاقة بالدين.. هكذا كان المفهوم.. رأينا النتائج في البداية وتذكرون أنه كلما كانت هناك قذيفة أو رصاصة تصيب مسجداً كانوا يقولون إن الدولة تتقصد فعل هذا الشيء لأنها تريد أن تضرب الإسلام ورموز الإسلام.. تذكرون قصة أن هناك أشخاصاً وضعوا صورة الرئيس في الشارع وكانوا يركعون ويصلون للرئيس وتم تسويقها بسهولة لأنه كانت هناك قناعة بأن الدولة هي دولة علمانية ملحدة ضد الدين وضد كل ما يتعلق بالدين وضد كل من هو متدين سواء أكان عالماً أو كان عاملاً في الحقل الديني أو مواطناً”.
“تذكرون بأن كل الموبقات كان من السهل تسويقها ضد الدولة في ذلك الوقت لأنها دولة ضد الدين وبالتالي هي ضد الأخلاق…. ودائماً العاملون في الدولة أو الجيش أو وزارة الأوقاف مسؤولون عن هذه الموبقات.. فإذاً أتت هذه الحرب لكي نميز بين التنظيم وبين العمل ضد الدين.. قبل الحرب لم نكن نميز بين العلمانية الملحدة والعلمانية المؤمنة”.
وأضاف: “لاحظوا أنا لم أضع العلمانية في مقابل التدين كما يفعل البعض.. وضعت الإيمان مقابل الإلحاد هذا هو التناقض الطبيعي لسبب بسيط لأنه لا توجد علاقة بين العلمانية والتدين ولا توجد علاقة بين العلمانية والإلحاد.. الإنسان هو يكون مؤمناً أو ملحداً لأن الإيمان والإلحاد مرتبطان بالعقيدة.. أن أؤمن بهذه العقيدة أو لا أؤمن بهذه العقيدة أو بتلك العقيدة.. أما العلمانية فهي ممارسة لا توجد عقيدة علمانية.. لا توجد علاقة بين العلمانية وبين التدين لا سلباً ولا إيجاباً.. وهذه العلاقة التي يضعها البعض سواء من المتدينين أو من غير المتدينين هي حوار خاطئ.. أن يقال هذا ملحد وهذا علماني.. هذا متدين وهذا علماني.. هذا خطأ.. كأن أقول ان الموجودين معنا الآن بهذه القاعة نصفهم يمتلك بيتا أو نصفهم في الإيجار.. والنصف الآخر يحمل شهادة في الشريعة.. ما العلاقة بين الأولى والثانية… ستقولون ما هذا الكلام غير المنطقي… الشيء نفسه.. لا توجد علاقة.. العلمانية هي ممارسة.. نحن في الدولة عندما يأتينا شخص.. أي شخص من بينكم.. يأتي للقيام بإجراء معاملة بيع.. شراء.. تسجيل.. لا نسأله ما هو دينه ولا طائفته ولا علاقة لنا في هذا الموضوع.. وهذا طبيعي بالنسبة لنا ولكم.. أنتم عندما ترون إنساناً محتاجاً في الطريق تقومون بمساعدته.. تساعدونه لأنه مسلم فقط… إذا كان غير مسلم تقولون له اذهب إلى الجحيم… هذا مناقض للإسلام.. هذه هي العلمانية.. هذا ما نريده.. هي الممارسة”.
“المكان الوحيد في الدولة الذي يستند إلى الدين بشكل مباشر كقانون.. هو قانون الأحوال الشخصية.. الزواج والطلاق والتوريث وغيرها من الأمور وحتى في هذا القانون هناك حرية للطوائف لكي تقرر ما الذي يناسبها في هذه القضايا.. هذا القانون المستند إلى الأديان هو علماني لأنه يترك الحرية.. فإذا لا علاقة بين العلمانية والدين.. الإلحاد إلحاد والإيمان إيمان.. هذه هي المقارنة”.
“لذلك عندما اندلعت الحرب.. الكثير من الناس غرر بهم لأنهم لم يكونوا يمتلكون رؤية وهم يقولون هذا الشيء.. غرر بنا.. ماذا يعني غرر… يعني لم نكن نمتلك الرؤية بالعقل.. هذا هو الفرق بين العمى والعمه.. يجب أن نعترف بالحقيقة قبل أن ننطلق إلى المستقبل.. وفرصة لنا الآن مع إطلاق هذا المركز أن نتحدث بصراحة وبوضوح وشفافية”.
“هذه الرؤية وهذا التناغم الذي حصل مبني على رؤية صحيحة.. هو الذي ساعدكم وساعدنا على أن نقوم بكثير من الإجراءات التي كان من غير الممكن القيام بها.. قانون الأحوال الشخصية والذي كان لكم كمؤسسة دينية الفضل الأساسي في إنجازه بعد جمود لعقود من الزمن.. منذ الخمسينيات أعتقد.. لو طرحناه قبل الحرب كان سيقال إن هدف الدولة هو الالتفاف على الدين.. تمكنا من خلال هذه الرؤية الواضحة أن نقوم به.. قانون وزارة الأوقاف بما فيه من إجراءات وضوابط كان من الممكن أن تفهم بشكل سلبي قبل الحرب.. وغيرها من الإجراءات الكثيرة والتفاصيل التي أعرفها وتعرفونها بتفاصيلها”.
“ما عانينا منه في هذه الحرب مرتبط بالتطرف الديني.. طبعاً هذا التطرف استحوذ على الاهتمام العالمي واكتسح الساحة بعد أحداث الـ11 من أيلول في نيويورك كما تعلمون.. وساهمت الوهابية.. العقيدة الوهابية والماكينة الوهابية في تكريس وتثبيت هذه الصورة وأصبحت كحقيقة.. وهي حقيقة بشكل أو بآخر.. حتى الإرهاب الموجود في سورية منشؤه ليس التقاليد والعادات السورية بل هو وافد ولكنه أصبح حقيقة في سوريا.. فإذاً هو منتج اجتماعي ولا يمكن أن تنجحوا في هذا العمل سواء في هذا المركز.. أو على شبكات الانترنت.. أو في مساجدكم.. أو في محاضراتكم إن لم تكن هناك معالجة موازية للثغرات التي أصبحت موجودة في هذا المجتمع والتي تنتج تطرفاً ليأتي الفكر الديني لكي يركب على هذا التطرف”.
“نحن نتحدث ونعتبرها من البديهيات بأن مكافحة الإرهاب أو مكافحة التطرف أين تبدأ… تبدأ في الدين الصحيح.. ومتفقون على هذه الكلمة.. لكن أين نرى الدين الصحيح… لا يمكن أن نرى الدين الصحيح إلا في المجتمع السليم.. يجب أن نعرف هذه الحقيقة وننطلق منها”.
وتابع “الدين هو بذرة صالحة تزرع في التربة.. تعطينا شجرة.. تتمدد الأغصان.. تثمر الأوراق وتغطي المجتمع بظلالها المباركة وتحميه وتصلحه.. ولكن ماذا لو كانت هذه التربة فاسدة… ستكون هذه الشجرة مشوهة ولن تكون مفيدة.. بالعكس ربما تتحول إلى شجرة ضارة.. ما هو النموذج الواقعي… أنا لا أحب التنظير.. النموذج الواقعي هو الوهابية.. الدين نفسه الذي أنزل علينا في بلاد الشام أنزل على الوهابية.. طبعاً لا أقصد التنزيل بالمعنى الحرفي.. وهم يمارسون الشعائر نفسها تقريباً والصلاة نفسها والقرآن نفسه والحديث نفسه.. ولكن هم حولوا هذا الدين بجهلهم وجهل بيئتهم في ذلك الوقت إلى دين نموذج للتخلف والجهل.. كانت هناك حالة شاذة أنزل عليها الدين فحولوا الدين إلى حالة شاذة من المفاهيم.. الممارسة شاذة.. عندما نرى ممارسة شاذة في العمل الديني.. فعلينا أن نبحث عن الشذوذ في ذلك المجتمع”.
“احتكار الحقيقة ورفض الآخر وكل أنواع التطرف التي نراها كانت جزءا من ذلك المجتمع وانعكست على الممارسة الدينية.. بالمقابل مجتمع بلاد الشام.. هو مجتمع معتدل.. أنزلت عليه العقيدة نفسها.. ماذا أنتج خلال أربعة عشر قرنا… إسلاماً صحيحاً.. إسلاماً نحن نعتبره أنموذجاً للإسلام بالرغم من الثغرات الموجودة.. ولكن يمكن إصلاح هذه الثغرات.. ولم يكن عبثاً أن الرسول الكريم تحدث عن بلاد الشام في عدد من الأحاديث.. لم يتحدث عن منطقة في العالم العربي والإسلامي كما تحدث عن بلاد الشام.. لماذا… لأنها كانت الانموذج الاجتماعي الذي يصلح ليكون الحاضنة الحقيقية للدين الصحيح.. بكل بساطة وليس مصادفة وليس لأنه كان لديه أصدقاء أو صحابة من الشام.. السبب هو المجتمع.. هذا هو الربط بين الموضوعين”.
المصدر: المدن