أحمد مظهر سعدو
يدرك الشعب السوري المُعتدى عليه، من قبل نظام سوري فاجر ومجرم، بالتحالف مع الإدارة الروسية البوتينية، ودولة الملالي الإيرانية المحتلة لغير مكان من أرض العرب، ومن معها من ميليشيات طائفية مستجلبة من كل بقاع الدنيا، أن التخلي العالمي الدولي بات ظاهرة تفقأ العين، وأضحت مسألة التغني بحقوق الانسان في المحافل الدولية، والأوربية منها على وجه الخصوص، من جملة أشكال وديكورات الزينة ليس إلا، في وقت ترى فيه هذه المحافل الدولية والحقوقية حجم وفجاجة الإجرام الأسدي على إدلب وريف حماة وريف حلب الغربي، ثم لا يرف لها جفن، ولا يتحرك لها أي ضمير، لكنها في الوقت نفسه تنتصر لحقوق الكلاب في بلدانها، وتعقد المؤتمرات، وتقيم ورشات العمل، والمعارض والمسابقات من أجل الحفاظ على الحيوانات وحيواتها وحقوقها.
العدوان على ادلب اليوم، وهذا الاجرام المتواصل بحق المدنيين قاطبة، بات كاشفًا بحق، لكل مدعي حقوق الانسان، أو المتحلقين حول ما يسمى بالقانون الدولي الإنساني، وهذا يَجُبُّ كل العالم (المتحضر) وغير المتحضر، بمسلميه ومسيحييه، بوذييه وهندوسه، كرده وعربه وأمازيغه، شركسه وشيشانه. لكن ما يدعونا للوقوف والانبهار هو حجم التخلي العربي نظمًا وشعوبًا، حيث لم يعد اليوم أي نظام أو مؤسسة أو حزب أو حتى شعب من شعوب أهل وأحزاب الكنبة، بقادر على أن يقول لا أعلم ماذا يجري، أو أن الخبر والأخبار لم تصلني، مع وجود كل أدوات التواصل الاجتماعي وغير الاجتماعي، فما بال أنظمة العرب المنفلتة من عقالها، في قضايا أصغر من ذلك، وأقل تأثيرًا، وقد غاب أو غمَّ عليها الأمر، ثم نامت نومة أهل الكهف، أو تلك المدعوة مؤسسة جامعة الدول العربية، التي (أطنبتنا) سابقًا في بياناتها البائسة، صمتت صمت القبور، ونامت نومة أهل الكهف. أليس الشعب السوري من حيثيات أهل الجامعة العربية، حتى لو تم طرد النظام السوري منها، غير مأسوف عليه، ثم ما بال شعوب الأمة فاغرة فاها، غير مكترثة في رمضاناتها، إلا بما يملأ الكروش، وما يساوق صلاة التراويح، ويواكب العبادات الشكلانية، وهل نصرة الشعب السوري العربي المسلم، ليست من العبادات؟ وهل يغيب عن هؤلاء قول الرسول محمد (ص) ” ما آمن بي من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم”.؟ وهل من بات مقتولًا بالبراميل والصواريخ على أبواب ساعات إفطار رمضان غير متضمنٍ بالحديث الشريف؟
كيف يعقل اليوم أن تقف شعوب العرب والمسلمين لتتفرج على هذه المقتلة التي تجري بحق السوريين ال 4 ملايين في إدلب وما حولها، دون أن يتحرك أي بعد تضامني فاعل، أو يعاد تكوين الواقع على أسس جديدة، يبدو أنها ستكون حسب معايير أخرى.
التخلي والخذلان عن الشعب السوري ضمن هذه الظروف المأساوية، التي تفقأ العيون، وترك الشعب السوري في ادلب لمصيره، وقبل ذلك في كل الجغرافيا السورية، وإفساح المجال لسفاح العصر الحديث بشار الكيماوي، كي يُنهي مجازره، دون أي حراك شعبي عربي، وكذلك رسمي نظمي، يحيل المسألة برمتها، لدى الشعب السوري، إلى مآلات شعورية وجدانية لا يحمد عقباها، وقد تكون بداية لخروج كبير، ومتغيرات أكبر، لا يدري أحد إلى أين يمكن أن تودي، ولا إلى أين هي ثاوية في مخيال الشعب السوري وضميره الجمعي، وعقله كلك.
يتعين الآن وقبل فوات الأوان التحرك عربيًا شعبيًا وكذلك رسميًا، لإنقاذ الشعب السوري المنتمي لأمته والمدافع عن كل مصائرها، والمواكب لكل مطباتها، وأحزانها، وهذا حق مشروع لشعب سورية، على كل شعوب الأمة، بل هو دق لناقوس الخطر من عدو إيراني أضحى على الأبواب، بل يقرع بخطره كل بيت، وهذا الخطر يشمل كل ألوان الطيف السياسي والأثني في كل بقاع العالم العربي والإسلامي.
فهل ستكون صرخة في واد؟ أم ستؤتي أكلها قبل أن يكون الندم واللطم هو المآل والملاذ، ألا يزال في الأمة بعض من رشد؟ وهل يفيق من كان به الأمل؟؟
المصدر: صحيفة إشراق