أحمد مظهر سعدو
يجري بعض التداول المعلوماتي والإعلامي من أن هناك وإلى الشرق من سورية، وتحديدًا في دير الزور ومحيطها، الكثير من التباين الإيراني الروسي الذي بدأ يأخذ شكلًا جديدًا مختلفًا عن الصورة النمطية لتقاطع المصالح بين الطرفين الذين توليا مهمة الدفاع عن بقاء بشار الأسد.
كما يتحدث مصدر أمني عراقي رفيع عن ارتفاع منسوب التوتر بين قوات البلدين في منطقة شرقي سورية إلى حد الاستنفار العسكري، وهو ما كاد يتدحرج إلى اشتباك بينهما. التوتر مردّه بحسب المصدر العراقي إلى قيام القوات الروسية بمنع فصائل حليفة لإيران بالتمركز في عدد من المناطق بما في ذلك نقطة حدودية مع العراق.
لكن السؤال: ما الذي يباعد إيران وروسيا عن بعضهما البعض في سورية، لا سيما وأن مستشار الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف كان قد دافع بقوة عن طهران في قمة القدس الأمنية مؤكدًا أن روسيا ترفض شيطنة إيران، ورافضًا الهجمات الإسرائيلية على سورية بالقول إنها “غير مرحب بها”.؟ فهل بات الصدام الإيراني الروسي في سورية جديًا؟ وإلى أين يمكن أن يؤدي وفق ذلك؟
عن كل ذلك تحدث جمال قارصلي المعارض السوري والباحث وعضو البرلمان السابق في ألمانيا بقوله ” العلاقة الروسية الإيرانية في سورية تشبه علاقة (زواج متعة ثلاثي) تستفيد منه كل الأطراف المشاركة بشكل آني، وهي تعلم بأن نتيجة هذا (الزواج) ستكون الانفصال الأكيد، لأن هناك مصالح إستراتيجية مشتركة، ولكن بالمقابل يوجد تنافس كبير بين روسيا وإيران على الأرض السورية، حيث كل طرف يحاول أن يعزز موقفه ومكانه في سورية بطريقته الخاصة، حيث إيران تعمل على التغيير الديموغرافي والديني في سورية وهي تقوم بعملية التشييع بين أهل السنة وبناء الحسينيات والجامعات والمدارس الإيرانية وبأعداد كبيرة، لأن هدفها هو إعادة الإمبراطورية الفارسية، وتعتبر سورية بالنسبة لها مهمة جدًا، وخسارتها لسورية ستكون موجعة أكثر من لو أنها خسرت الأحواز. أما بالنسبة لروسيا فوجدت في سورية بوابة كبيرة للرجوع على الساحة الدولية بعد عزلة طويلة، وما يهمها هو مصالحها المتمثلة بالوجود العسكري على الساحل السوري، وأن يتم مكافأتها بقطعة من (كعكة) إعادة إعمار سورية التي تريد من خلالها الحصول على براءة ذمة دولية على ما قامت به في سورية، من قتل وتدمير وجرائم إنسانية.”. وأضاف قارصلي ” روسيا تظهر في بعض الأحيان كمدافعة عن إيران في المحافل الدولية، ولكن موقفها واضح بالنسبة للضربات الإسرائيلية المتكررة على الميليشيات الإيرانية ومعداتها العسكرية في سورية، وهي تعلم بأن الدور الإيراني سينحسر بشكل عام، وخاصة بعد زيادة العقوبات الاقتصادية الأميركية على إيران. النظام السوري يحاول أن ينسق بين الطرفين الذين دعاهما للدخول إلى سورية، لكنه لا يريدهما متفقين كليًا في الشأن السوري، ويتمنى ويعمل على التناقضات فيما بينهما، لأنه يأمل في نهاية المطاف أن يتخلص من الطرفين بأقل الخسائر، فقد أصبح واضحًا له بأنه أضاع كل شيء في سورية، وأصبح عديم الإرادة ومسلوبًا من سيادة القرار. الإيرانيون متمسكون ببقاء بشار الأسد وهو بالنسبة لهم خطًا أحمرًا أما ما يهم الروس فهو بقاء النظام الحالي والذي يسيطر عليه العسكر، ولا مانع لديهم في نهاية المطاف من رحيل بشار.” ثم قال ” التصادم الروسي الإيراني يدور في الكثير من الأراضي السورية وخاصة الآن في محافظة دير الزور، لكن هذا التصادم يتم بشكل غير مباشر والذي يشكل حطب ناره السوريون. التصادم الإيراني الروسي الذي يتم الآن تحت مسميات مختلفة، سينفجر ويظهر للعلن في القريب العاجل والخاسر ستكون إيران، لأن السوريين يعلمون بأن المشروع الإيراني في سورية هو مشروع إمبراطوري فارسي هدفه تشييع كل المسلمين هناك وحتى العلويون منهم”.
أما الأستاذ منصور الأتاسي الأمين العام لحزب اليسار السوري المعارض فقال: ” طفى على السطح الخلاف الروسي الإيراني في سورية وبات واضحًا اليوم أكثر منه في أي وقت مضى، وإذا كانت روسيا وإيران متفقتين على ضرب ثورة الشعب السوري الحر والإبقاء على نظام المجرم بشار ..فهم حكمًا مختلفتين على الأهداف بما يعكس الاختلاف في طبيعة النظامين أساسًا، وكان الاتفاق في بداية التدخل الروسي ناجم عن عدة أسباب : أولها: وضع النظام المنهار كان يتطلب تدخل سريع وبحاجة إلى التحالف بين الطرفين لتوزيع المهام فقط، حيث اختص الروس بالقصف الجوي، بينما نشر الإيرانيون وحلفاءهم وأتباعهم قواتهم على الأرض . ثانيها : كان الروس يتصورون أن قدراتهم العسكرية تستطيع أن تنهي الثورة السورية خلال ستة أشهر كما صرح بذلك بوتين أكثر من مرة، ثم يعملوا على تصفية الخلافات فيما بينهم إلا أن استمرار الثورة واستمرار المقاومة لسنوات طويلة بعد التدخل الروسي أجبر الروس على إعادة صياغة مواقفهم وتحالفاتهم، منها تطوير العلاقة مع الإسرائيليين ومحاولة الاتفاق مع الأميركان وكان لهذه الخطوة استحقاقاتها، منها طرد الإيرانيين من سورية مقابل تطوير التعاون الإسرائيلي الأميركي وهذا ما ظهر جليًا منذ فترة وتأكد في اجتماع القدس، ولما كان الإيرانيون غير قابلين للانسحاب اتفقت روسيا مع إسرائيل على قصف مواقع حزب الله في عدة مناطق حول دمشق وحمص ومناطق أخرى، ولما كانت إمكانية وصول سلاح الجو الإسرائيلي إلى دير الزور إمكانية خطرة لعدة منها طول المسافة، حيث لا يسمح للطيران الاسرائيلي بالقصف من لبنان أو السواحل، مما يضطره للدخول في الأجواء السورية مما قد يعرضه للقصف ،أو لإحراج الروس أصدقاء إسرائيل، وكان الروس قد عملوا على تأزيم الوضع مع الإيرانيين في محاولة لإبعادهم من هذه المناطق. ثالثها: إن استمرار وجود توجيهين وقيادتين للنظام أربك عمل الإثنين لذلك نلاحظ أن الروس يعملوا على الحسم من أجل تحقيق الهيمنة الكاملة على النظام السوري، وهذا ما نلاحظه أخيرًا ببعض التغيرات في قادة التشكيلات العسكرية لجيش النظام، وأيضًا في التشكيلات الجديدة للأجهزة الأمنية، وإبعاد بعض القيادات غير الخاضعة للنشاط الروسي، ومن هذه القيادة قادة المخابرات الجوية والعسكرية وأمن الدولة”.
الكاتب والباحث السوري ماجد علوش أكد لجيرون أن ” الروس في سورية في وضع لا يحسدون عليه فَوَهْم ابتلاع سورية أو استخدامها للانتقام من الخداع الأوربي الأميركي دفعهم للاستعانة بلاعبين اقليميين، فاستعانوا بالإيرانيين كقوات برية مستعدة لتنفيذ المهمات القذرة، وبالأتراك كوسيلة لضبط العديد من الفصائل السورية المسلحة، لكن حسابات الحقل لم تتطابق مع البيدر. الآن يواجه الروس معضلتين على الأقل وهو اضطرارهم إلى ضمان تأييد الأميركيين والاسرائيليين كشرط للدفع بالمسار السياسي، والثانية مواجهة النفوذ الايراني ذو الأهداف والمصلحة المختلفة ليس استجابة للمطالب الأميركية فقط، بل أيضًا بسبب إصرار الايرانيين على إعادة الأوضاع في سورية إلى ما كانت عليه قبل الثورة 2011 أي إعادة سورية مزرعة لآل أسد، لأن هذا هو الضمانة الوحيدة التي تسمح لهم بالسيطرة تدريجيًا، ومع الوقت على كامل سورية وتحويلها إلى محافظة ايرانية “. ثم تحدث بقوله ” الروس يتحركون استجابة للضغط الأميركي بقطع الطريق البري (طهران بيروت) عند دير الزور واستجابة لخططهم بإحداث الانتقال السياسي في سورية، الذي يحظى بالموافقة الأميركية والحد الأدنى من رضى الشعب السوري، وهو ما يعني إجراء تبديلات حقيقية في بنية نظام أسد، الأمر الذي يهدد الوجود الايراني. لذلك فالتوتر الروسي الايراني سيستمر ويتصاعد وليس مستحيلاً أن يتحول إلى مواجهة، خاصة إذا اندفع الأميركيون أكثر في الضغط الاقتصادي على إيران بحيث تفقد موقعها كمصدر اقتصادي روسي مهم “.
الأكاديمي السوري الدكتور أحمد الحمادي قال ” لا شك أن ما يحكم علاقات الأطراف الفاعلة على الساحة السورية خصوصًا روسيا وإيران هو (المصالح) أولًا وأخيرًا، ولقد تقاطعت مصالحهما في سعي كل منهما للحفاظ على النظام القاتل ورأس سلطته ﻷسباب مصلحية مرتبطة بكليهما، لكن التنافس بينهما بدأ منذ التدخل العسكري الروسي المباشر واستحوذ الروس على قاعدة حميميم وعدة مواقع وامتيازات خاضعة لها بشكل مباشر، وفي ظل السيادة الروسية المطلقة ومحاولة إيران الحصول على منفذ بحري لها متمثل بقاعدة طرطوس، لكن الروس أعاقوا حصولهم عليها، وحاولوا ويحاولون تحجيم الحصة اﻹيرانية وتقزيمها إلى أدنى درجة ممكنة، لكن إمكانية التواجد العسكري اﻹيراني والميلشيات التابعة ﻹيران على اﻷرض وعدم الرغبة في زج قوى بشرية كبيرة من قبل روسيا حتم على كليهما استمرار توافقهما لتحقيق أهدافهما المشتركة”. وأضاف الحمادي ” من المؤكد أن مصالحهما في سورية لن تلتقي مطوﻻً في المستقبل، لأن كلاهما يسعى للسيطرة على أكبر مساحة من سورية، من هنا نرى سباق بسط النفوذ على شرق وجنوب سورية، وانقسام قوى الجيش والأمن بين رجالات روسيا ورجالات إيران، إلى أن وصلنا لإصدار قرارات عزل كبار الجنرالات الموالين لإيران وتعيين آخرين موالين لروسيا، كما حدث مع رؤساء إدارات المخابرات وكما حدث من خلال إزالة صور بشار وماهر من على معبر نصيب الحدودي من قبل الروس، و من خلال تحجيم و ملاحقة رجاﻻت النظام المرتبطين بإيران، كما حدث مع زهير شاليش ( ذو الهمة ) المسؤول عن الحراسة الشخصية لبشار، وأحد مقربيه، وكذلك العديد من رجاﻻت الحرس الجمهوري والنظام المقربين من إيران و أيضًا إبعاد إيران وميلشياتها المجرمة في بداية الهجوم الوحشي واتباع سياسة اﻷرض المحروقة في ريف حماة و إدلب واللاذقية مؤشر له دﻻﻻته الكبيرة على بداية تنافر وتمايز فرز المصالح بينهما. والمهم أن تنافر المصالح الروسية الإيرانية على الأراضي السورية بدأ مبكرًا منذ عام 2016، ولهذا نرى روسيا راضية عن القصف الإسرائيلي للمواقع الإيرانية، حتى لو أظهرت غير هذا في وسائل الإعلام، والحقيقة هناك تنسيق عال جدًا بين روسيا وإسرائيل ومحوره إيران والتواجد اﻹيراني في سورية، وهذا التنسيق حدث ويحدث من مستوى القمة إلى مستوى مسؤولي اﻷمن القومي ومستويات عديدة أخرى، وكان آخرها اللقاء في الجوﻻن الذي جمع ممثلي روسيا وإسرائيل والنظام. ولقد صرحت روسيا مرارًا أن على كل القوى الأجنبية مغادرة سورية وهي إشارة لإيران أولاً وأخيرًا، فهي صاحبة الوجود الأكبر.” ثم قال ” باعتقادي إن مصالح هذين البلدين في سورية لن تلتقي مطوﻻً بل ستصل نقطة النهاية بعد نقطة التقاطع والالتقاء لأن لروسيا مشروعها الربحي الاقتصادي بالدرجة الأولى، وتحاول الاستحواذ على جميع المقدرات والمشاريع والثروات السورية واستغلالها ونهبها، في حين تركز إيران على مشروعها العقائدي وطرحها لما يسمى تصدير (الثورة اﻹسلامية) وإقامة دولة الفقيه وتمددها لتشمل كافة المنطقة المستهدفة من خلال إيجاد اﻷتباع واستغلال النعرات الطائفية وتجييشها والسعي لنشر التشييع في المدن والبلدات وإحداث تغيير ديمغرافي يرتبط ارتباطًا مباشرًا بنشر المذهب الشيعي و تشييع من تستطيع تشييعه بمختلف الوسائل، وهذا كما نلاحظ ليس مقتصرًا على سورية بل ممتدًا في كل المنطقة من العراق وسورية واليمن والبحرين وصوﻻً إلى الجزائر وتونس وأفريقيا، وهذا ما نلاحظه اليوم في سورية ونشاطاتها المحمومة من إقامة الجامعات والجمعيات والحسينيات، والحوزات وإغراء الشبان بالسير خلفهم عبر الترغيب الترهيب. لذا أرى بأن الأيام القادمة مقبلة على صراع حقيقي بين قوى الاستعمارين الروسي الإيراني، وليس مستبعدًا أن يتطور إلى صدام عسكري دموي خصوصًا. وإن تم بالفعل العمل على طرد إيران من سورية، فهي لن تخرج بسهولة وستعمل على تخريب وتدمير ما تعتبره انجازات بدءً من المحافظة على كرسي بشار الأسد وانتهاء بالسيطرة على الأرض. إيران تشعر يومًا بعد يوم بأن كل القوى تجمع على ضرورة رحيلها وأول هذه القوى روسيا، فهي المستفيد الأول من هذا الرحيل، ولذلك تسابق الزمن لبسط نفوذها على الأرض سواء في الجنوب أو شرق سورية، وهي المناطق التي عادت حديثًا لسيطرة الأسد، لكن مشاريعها لن تنجح لأكثر من سبب أولها الإرادة السورية على اعتبار هذه القوى قوة احتلال عدوة هدرت الدم السوري وقتلت وميليشياتها مئات ألوف السوريين وشردت الملايين، وثانيًا إنهاك النظام الإيراني اقتصاديًا بعد العقوبات الأميركية الأوروبية التي ستودي به إلى الهاوية”.
أما الكاتب والمعارض السوري عزت الشيخ سعيد فأكد لجيرون أن ” العد التنازلي لتحجيم إيران قد بدأ بعد اجتماع تل أبيب وبعد أن أدت دورها الوظيفي سواء بالاتفاق والتوافق مع الدول الكبرى والمعنية بالملف العربي (وتحديدا وراهنا الملف العراقي والسوري واليمني والفلسطيني واللبناني ) وبغض النظر عن دخولها وتدخلها بهذه الملفات والتي كانت في المحصلة والمآل خادمة للدول المعنية بهذه المنطقة، وتفجير الصراع الطائفي والاثني والذي كانت محصلته انفراط عقد هذه الدول وحالة الدمار والصراع البيني ووصولها لحالة (شبه دولة أو لا دولة) مع غياب أي مشاريع وطنية تفضي لعقد اجتماعي، تتأسس عليه وبه دولة وطنية حقيقية، فإن الدمار والصراع الطائفي المدمر والذي ترغب به إسرائيل، قامت به إيران دون أن تخسر إسرائيل شيئًا يذكر عبر جند إيران ومرتزقتها بدور أعفى روسيا من ارسال جنودها للموت في سورية، حماية لمصالحها وبقاء ثكناتها الوحيدة في مياه التوسط الدافئة على الشواطئ السورية البعبع الذي بسببه (حصلت وسوف تحصّل) أميركا الأموال النفطية المتراكمة والتي تعد بمئات مليارات الدولارات وقد تم.” وأضاف الشيخ سعيد ” جميعهم ليسوا أعداءً لإيران لأنهم استفادوا وسيستفيدون من دورها الوظيفي، هم مع دورها الإقليمي الذي يتقاطع مع مصالحهم (كدول عظمى روسيا وأميركا ومعهم ومن خلفهم إسرائيل) سوف يتم تحجيم إيران ضمن هذا الدور الذي رسمته لها هذه الدول ولكن لن يتم أبدًا التخلي عنها وعن دورها، فمازالت هناك الكثير من المهمات، والتي تحتاج للتنفيذ، ومن غير إيران قادر على تحقيقها دون أن يلحق بتلك الدول أذىً مباشرًا أو عارًا تاريخيًا. وبغياب المشاريع الوطنية والمشروع القومي، ستبقى المنطقة برمتها تراوح بين الاستسلام والموت إلى أن يحضر العقل والفكر والوعي ويباشر دوره، والله غالب على أمره، والأمل سيبقى رايتنا إلى غيابنا عن وجه الأرض”.
الكاتب السوري أسامة المسالمة أشار إلى أن ” المتابع للملف السوري منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011وما تلازم مع ذلك من التدخلات الإقليمية والدولية ومحاولة توجيه الأحداث واستثمارها يدرك أن المأساة السورية لم تكن مفصولة عن عبث المخابرات والمصالح الدولية بشكل يومي ودقيق. إن التدخل الإيراني المباشر والسافر لم يكن يحدث لولا الضوء الأخضر من الدول العظمى وكذلك (إسرائيل) وذلك لإنهاء البنى التحتية ومقومات الدولة السورية واقتصادها، بل وتعداها لتدمير الحجر والبشر وخوفًا من قيام دولة وطنية ديمقراطية على حدود الكيان الصهيوني مما يشكل خطرًا عليه، ويعيد تأسيس منظومة بناء الدولة الوطنية، مما يساهم بنقل الثورة لدول الخليج ويهدد المصالح الغربية. لقد تم استغلال (الغباء الإيراني والتعطش للوصول للبحر المتوسط) وحلم نشر الفكر الشاذ للخمينية المتفلت عن منطق العقل وحركة التاريخ. قادا إيران للقبول بهذا الدور وتدمير مقومات نهوض المنطقة العربية، بالإضافة إلى هدر مقومات الدولة الإيرانية وكذلك زرع نذر تفتيت المنطقة على قواعد المذهبية والبنى ما قبل المدنية وكذلك استنزاف موارد دول الخليج في هذا الصراع” ثم أضاف ” الآن وبعد انتهاء المهمة الإيرانية عادت الدول الكبرى والكيان الصهيوني لإعادة ترتيب المنطقة وولائها لصالح المشاريع الكبرى وتخلي روسيا على مراحل عن إيران ودورها وبيعها في المنطقة يخضع لمقدار ما تحققه روسيا من مكاسب في ملفات تختلف مصالحها مع المصالح الأميركية والأوروبية في خريطة تقاسم المصالح بين الضباع، وكان اجتماع القدس الأخير بين أميركا وروسيا وإسرائيل لوضع النقاط على الحروف. وما نشاهده الآن من تلك الاحتكاكات إلا مقدمات تنضج وتتضح بشكل جلي عند الانتهاء من ترتيب المصالح العالمية بين الدول الكبرى وليس ذلك مستغربًا.”
المصدر: جيرون