أحمد مظهر سعدو
أكدت منظمة الأمم المتحدة للرعاية والطفولة (يونيسيف) ” أن الأطفال في سورية يقتلون كل يوم دون وجود من يوقف هذا القتل للطفولة”. ويقول المدير الإقليمي للمنظمة (خيرت كابالاري) أنهم ” تحققوا من مقتل 140 طفلًا في سورية منذ بداية العام”، معبرًا عن الصدمة من الأخبار التي تتحدث عن مقتل الأطفال في إدلب. ثم قال: ” لقد دفع هؤلاء الأطفال الثمن الأعلى والأكبر”، منبهًا إلى أنه قد تم قتل المزيد من الأطفال من جراء ما يجري في محافظة إدلب. وحذر المسؤول الأممي من أن الأرقام تتصاعد بسرعة كبيرة. وهو من أشار إلى ” أن ربع المدارس في سورية لا يمكن استخدامها بسبب الحرب”، لافتًا إلى أن “عام 2018 شهد وقوع أكبر عدد من الهجمات على المرافق التعليمية وعلى الطواقم التعليمية للأطفال منذ عام 2011.”
وهذا ما يدعونا لسؤال المختصين والمعنيين بالطفولة من منظمات وهيئات، وفق هذه المعطيات وهذا العجز الأممي الواضح المُعَبَّر عنه في مثل هذه التصريحات، كيف يمكن إيقاف قتل الأطفال السوريين، وما المهمة التي تقع على عاتق المنظمات الإنسانية المعنية بالطفولة أمميًا ووطنيًا؟ وهل من إمكانية لوقف هذه المقتلة/ الفضيحة بحق أطفال سورية؟
علاء ظاظا المختص، ورئيس مجلس إدارة منظمة (حراس الطفولة) قال لجيرون ” دور منظمات المجتمع الأساسي هو صناعة الرأي وايصال صوت المجموعات المتأثرة، ويجب أن تستمر الجهود لإيصال صوتهم والدفع باتجاه وقف استهداف المدنيين والمساءلة على جرائم الحرب التي ارتكبت، وما زالت ترتكب بشكل ممنهج، هادف إلى تهجير المدنيين الآمنين لتمرير الأهداف السياسية والعسكرية.” وأضاف ” يجب أن تكون المدارس كما باقي الأماكن المدنية ملاذًا آمنًا للمدنيين، وخاصة الأطفال، ولكن ما يحدث هو العكس تمامًا. قمنا بتوثيق 61 حالة قتل للأطفال تسبب بها القصف، ومنها 11 طفلًا قتلوا في المدرسة، 25 في بيوتهم، 10 في السوق، إثنان في مخيم نزوح مؤقت، وطفل في مشفى، وآخر نتيجة انفجار قذيفة من مخلفات القصف الجوي، وغيرهم في أماكن متفرقة محمية بموجب القوانين الدولية، وهذا يعطي تصورًا واضحًا أنه لا يوجد مكان آمن للأطفال في شمال سورية اليوم على الاطلاق.” لكنه أكد أيضًا أنه ” لا مجال لليأس في عملنا، ومهما كان أثر ما نقوم به فيجب أن يستمر، وتتضاعف الجهود لتشكيل ضغط على حلفاء النظام، وتجريمهم، ورفع التكلفة على تكرار الهجمات، خاصة الاستهداف الممنهج للمدارس. والتنسيق مع باقي القطاعات خاصة الصحة وغيرها سيضاعف من أثر جهود المناصرة بالتزامن مع الجهود الميدانية الرامية لزيادة معايير الأمان ووسائل الاستجابة الطارئة للتعامل مع الأحداث اليومية، والأخذ بأسباب الأمن والسلامة.” وأردف ظاظا قائلًا ” من جهة أخرى، من الملفت اهتمام المجتمع السوري بالتعليم والدور الكبير الذي يلعبه في زيادة مرونة الأطفال، وقدرتهم على التكيف، وإعطائهم معنىً ومسارًا للمستقبل. يجب أن تستمر الجهود لتوفير استجابة تتضمن حماية الطفل والتعليم في حالة الطوارئ للأطفال واعتبار التعليم استجابة أساسية للتصعيد الذي يحدث. قد يدفعنا التركيز على النتائج كوقف استهداف المدارس إلى الإحباط من عجز المنظومة الدولية على إلزام النظام وحلفاءه بالقوانين والمواثيق الدولية، لكن استمرار الضغط له أثر تراكمي، ويضمن حدوث المساءلة ولو بعد سنوات، بما يضمن حقوق المظلومين. كما أن الاستمرار بعملنا اليومي في خدمة المواطنين هو الخيار الأفضل بل ببساطة هو الخيار الأخلاقي الوحيد.”
أما هيثم عثمان المختص في مجال حماية الطفل، ومؤسس شريك في منظمة أطفال عالم واحد فقد أشار لجيرون إلى أنه ” من المنطقي أن أولئك الذين يتناوبون على قتل الشعب السوري على مدى أكثر من ثماني سنوات هم بالمقام الأول المسؤولون والمطالبون بإيقاف الجرائم، التي ترتكب يوميًا على مرأى ومسمع الجميع بحق المدنيين والمستضعفين من النساء والأطفال. ولكن عندما يبلغ الإجرام مبلغه بالتعمد في استهداف الأطفال في المدارس والمشافي والمناطق السكنية، فكان لزامًا أن تكون هناك آليات توثيق ومحاسبة وتدخل فاعل لإنقاذ المستضعفين والأبرياء وأولهم الأطفال. ولكن للأسف لم تستطع الأمم بمجلسها ولا منظماتها ولجانها أن تمنع هذا النهج الوحشي في انتهاك معاهدات حقوق الطفل، ومعاهدات وقوانين حقوق الإنسان الدولية. لذلك نعتقد بأنه قد حان الوقت لعمل مراجعة حقيقية لطبيعة هذه الأجسام المعنية بضمان حق الإنسان بحياة حرة وكريمة. وأنه أصبح من المهم مساءلة هذه المنظومات الأممية والدولية عن كفاءة وفاعلية هياكلها وأنظمتها ومناهج عملها.” وأضاف عثمان بقوله ” يمكننا أن نميز هنا بين المنظمات واللجان الأممية والدولية بحسب طبيعة عملها والتي قد نرى بعضها مختص بشكل أساسي في تقديم المساعدة والاستجابة الطارئة، وأخرى معنية بتوثيق الانتهاك ومناصرة حقوق الطفل/الإنسان.
أما عن المنظمات الإنسانية المعنية بالطفل والطفولة وأهمها (على سبيل المثال وليس الحصر): اليونيسف Unicefكمنظمة أممية، أنقذوا الأطفال Save the children كمنظمة دولية ، فهي ما زالت من اللحظات الأولى تقدم الاستجابة الإنسانية الطارئة (للأطفال بشكل خاص)، ولكننا لم نستطيع أن نلتمس لها دورًا حقيقيًا وبارزًا في مناهضة ما يقع على الأطفال من انتهاكات سوى مجموعة من الرسائل التي تتسم بغالبها بالدبلوماسية، وتتحاشى أن يكون لها أي موقف عملي قوي ومؤثر، بدعوى ما يحكمها من المبادئ الإنسانية كالحيادية، عدم الانحياز، والاستقلالية”.
ثم قال ” على المقلب الآخر فهناك منظمات حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن بشكل مباشر أو التابعة لمجلس حقوق الإنسان، ومنها نذكر آلية المراقبة والتقرير MRMالخاصة بالانتهاكات الجسيمة الستة تجاه الأطفال، Commission of Inquiry لجنة التحقيق، لجنة حقوق الطفل CRC والتي أصدرت مؤخرًا قائمة المسائل ذات الصلة بحقوق الطفل في فبراير 2019 وقامت بعمل الاستجابة الدورية لممثلي النظام السوري في مجلس حقوق الإنسان في آذار/مارس 2019، والمراجعة الدورية الشاملة UPR، وتقرير المستشار الخاص بالأمين العام للأمم المتحدة حول الأطفال في فترات النزاع المسلح (وصدر عنه تقرير حول الأطفال والنزاع المسلح في سورية في 30 تشرين أول / أكتوبر 2018). ولكن تبقى جميع هذه الآليات واللجان والمنظومات قاصرة وعديمة الفائدة أمام فيتو واحد في مجلس الأمن يفسح المجال لمزيد من الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية وضد الأطفال في سورية، وتبقى هذه الملفات حبيسة الأدراج على أمل أن تكون مستندًا قانونيًا لمحاسبة الفاعلين وجبر الضرر يومًا ما!! إذن نحن أمام شكل آخر من أشكال الشلل والقصور، وأمام نفس المطلب الملح بإعادة التقييم والمساءلة والتطوير لهذه المنظومات ومنهجها”.
الإعلامية السورية فرح عمورة وهي إحدى العاملات في منظمة سورية إنسانية معنية بالأطفال قالت لجيرون ” عادة ما تعبر الأمم المتحدة عن قلقها إزاء أعمال العنف في سورية، وينتهي دورها عند رفع هذه التقارير الإحصائية لمجلس الأمن، لكن ما يقع على عاتق المنظمات الإنسانية المعنية بحماية الطفل، والتي صرحت بالتزامها في أعلى مستويات الحماية للأطفال، الذين يتم التعامل معهم ، لكن تقصيرها الكبير ، يحيلنا إلى ضرورة مطالبتها الدائمة ورفع الصوت، لإنقاذ الأطفال في سورية، والتوضيح للعالم أجمع لينتفضوا ضد جرائم الانسانية اللا مسؤولة ضد أطفال سورية الذين باتو يحتاجون الأمان قبل الطعام”.
أعلى النموذج
أسفل النموذج
حسناء الحاج الناشطة السورية والعاملة في إحدى الهيئات المعنية بالمرأة والطفولة قالت ” يتم إيقاف قتل الأطفال عند محاسبة القاتل، سيستمر القاتل في قتله ويتمادى حين يأمن المحاسبة والعقاب، وقد كشف دور المنظمات الإنسانية الحقائق، وكشف الجرائم، وفضح أفعالهم أمام جمعيات حقوق الإنسان الدولية، مع حملات إنسانية. والتعاون مع المنظمات الإنسانية داخل كل بلد وحقوق الطفل داخل كل بلد يؤثر في السياسة الدولية، وإطلاع الشعب هناك على ما يجري للضغط على حكومة بلده”
المصدر: جيرون