فتح الرحمن يوسف
كشف نصر الحريري رئيس هيئة التفاوض السورية المعارضة، عن مساع تجري حاليا لتشكيل اللجنة الدستورية قبل انعقاد اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 سبتمبر (أيلول) الجاري، وإحياء مفاوضات جنيف، منوها أن جولة المبعوث الدولي لدى سوريا في كل من طهران وأنقرة، تأتي في إطار وضع اللمسات الأخيرة لإيجاد حل ينهي نقاط الخلاف حولها.
وقال الحريري لـ«الشرق الأوسط» إن «النقاش حاليا يدور حول معالجة الخلاف حول موضوع الأسماء الـ6 وموضوع القواعد الإجرائية، حيث تم إنجاز أكثر من 95 في المائة من التوافق على تشكيل اللجنة الدستورية، غير أن ذلك، لا يعني أن الأمر انتهى هنا، لأن المشكلة الأكبر في مناقشة المضامين الدستورية».
وأضاف الحريري: «هناك اعتراض على بعض الأسماء من قبل المعارضة وكذلك الأمم المتحدة، والفترة الماضية جرت محاولات لتجاوز هذه المعضلة، وأمس المبعوث الدولي موجود في إيران وبعدها سيزور أنقرة، وسيكون له لقاءات مع هيئة المفاوضات والنظام من أجل حل هذه المشكلة، والاتفاق على موضوع الأسماء».
وتابع: «معاييرنا في الأسماء الـ6 واضحة، وهي نفسها معايير الأمم المتحدة، وذلك بأن تكون حيادية، ومتوازنة وشاملة لأننا نتحدث عن 6 أسماء من الثلث الثالث، وهي ثلث المجتمع المدني، حيث لا يجوز أن تكون هذه الأسماء محسوبة على النظام، ولا حتى محسوبة على المعارضة، وإنما تكون من مكونات الشعب السوري».
وأوضح الحريري، أن النظام السوري، وضع حزمة من التحفظات على القواعد الإجرائية، والتي أساسها أن النظام لا يريد مناقشة إلا التعديلات على الدستور الحالي وهو أمر مرفوض من قبل المعارضة، على حدّ تعبيره، مشيرا إلى أن القرار الأممي 2254 يتحدث بدوره عن وضع مسودة دستور جديد للبلاد.
وقال الحريري إن أغلب النقاط في اللجنة الدستورية تم الاتفاق عليها وبقي القليل منها، منوها أن هناك مساعي حثيثة حاليا، للانتهاء من اللجنة الدستورية خلال وقت قريب جدا على أمل أن تتشكل قبل انعقاد الاجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 سبتمبر الجاري.
وتابع: «إذا تشكلت اللجنة الدستورية بهذه المعايير، فتعتبر تقدما ملموسا في العملية السياسية، وحتى تنجح هذه العملية لا بد من توافر إرادة سياسية لدى الطرفين للوصول للحل، غير أنه غير متوفر لدى النظام السوري، خلال 9 سنوات من الحرب، ونحن نعمل مع كل هذه الأطراف من أجل ضمان تحقيق المعايير المنطقية، التي تتوافق مع قرارات مجلس الأمن الدولي، فيما يتعلق باللجنة الدستورية،».
وقال إن كل الأطراف «عدّ النظام، تطالب أن تتشكل اللجنة الدستورية، بأسرع وقت ممكن، وإنما المجتمع الدولي عموما من الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي وتركيا إلى البلاد العربية تسعى جميعا اليوم من أجل الانتهاء من هذه الخطوة، وما يليها من خطوات وبالتالي تسريع العملية السياسية».
ووفق الحريري، فإن النظام يختلق نقاط الرفض تارة بالقواعد الإجرائية، وأحيانا بموضوع الأسماء وتارة أخرى بموضوع الرعاية، ويتزرع النظام السوري كل مرة بأسباب يتصورها لمنع الانطلاق في هذا المسار، وإبطاء أي تقدم في مسار العملية السياسية، منوها أن النظام يسعى لتشويه هذا العمل السياسي من خلال إطلاق تعديلات دستورية على الدستور الحالي، وهو أمر مخالف لقرارات مجلس الأمن الدولي.
ونوه الحريري، أن النظام يحاول مناقشة هذه المسودة في البرلمان في دمشق ومحاولة مخالفة قرار مجلس الأمن، خاصة أن هذا البرلمان لا يمثل الشعب السوري لأنه لم ينتخبه الشعب السوري، وبالتالي لا يصح اعتماد تعديلاته أو نقاشاته.
ملف المعتقلين
وعلى صعيد ملف المعتقلين، قال الحريري: «حاولنا مع كل الأطراف الدولية، بذل مساع لدفع ملف المعتقلين من خلال إحراز خطوات ملموسة في الإفراج خاصة بالنسبة للأطفال والنساء وكبار السن والمرضى والجرحى كخطوة أولية على الأقل».
وفسر تعنت النظام أنه يعود لاستغلاله صمت المجتمع الدولي وعدم وجود إجراءات أو خطوات حقيقية للمجتمع الدولي تلزم النظام على القبول بفتح ملف إجراءات بناء الثقة وأهمها ملف المعتقلين، منوها أن هذا الملف ملف إنساني بالمقام الأول، لا علاقة له بالعملية التفاوضية، وهو جزء من قرارات مجلس الأمن بأنه لا يجب استغلاله في التفاوض والضغط من أجل تحقيق مكاسب سياسية.
الاتفاق الأميركي – التركي
وعلى صعيد المستجدات المتعلقة بالمنطقة الآمنة والاتفاق التركي – الأميركي، أوضح الحريري، أن الاتفاق ما زال في بدايته، وهناك نظرة إيجابية لهذا الاتفاق من مختلف الأطراف، تتفاوت درجة الإيجابية من طرف إلى آخر، منوها أنه جرت خلال الأيام الماضية خطوات تمهيدية، مثل إنشاء مركز العمليات المشتركة، من أجل إنشاء وإدارة هذه المنطقة الآمنة. ووفق الحريري، جرت بعض الخطوات الأخرى، مثل الدوريات العسكرية المشتركة الجوية، منوها أنه خرجت الدورية الثانية وربما تكون هناك دوريات عسكرية أميركية تركية مشتركة لاحقة على الأرض، بالإضافة إلى ضرورة سحب السلاح الثقيل وخروج قوات حزب العمال الكردستاني من هذه المنطقة، والسماح لمكونات هذه المناطق من نازحين ومهجرين بالعودة إلى مناطقهم، بجانب المشاركة في الإدارة المحلية، وفي حفظ الأمن في هذه المناطق من أجل منع أي ثغرة لعودة «داعش» للمنطقة.
وعلى صعيد ذي صلة، أكد الحريري، أن هناك مساعي يقودها المبعوث الدولي للأمم المتحدة، من أجل تجسير الفجوة ما بين المجموعة المصغرة وما بين مجموعة «آستانة» من أجل اجتماع الجميع لدعم تصور واحد من أجل تطبيق القرار 2254، غير أنها لا تزال هناك عقبات متعلقة بإيران تعطل مسارها، مؤكدا أن طهران تعد المعضلة الرئيسية التي تعترض تجسير هذه الفجوة، التي يفكر بها المبعوث الدولي لتجسير الفجوة بين هاتين المجموعتين.
وشرح أن إيران، تلعب دورا سلبيا في المنطقة في كل من العراق وسوريا واليمن، فضلا عن ممارسة التدخل السياسي الناعم غير المباشرة، بجانب دعمها لمجموعات إرهابية مثل «حزب الله»، والميليشيات في العراق والحوثيين في اليمن وتعطيل الحل السياسي في سوريا، ناهيك عن تعزيز وجود ميليشياتها في سوريا لقتل الشعب.
وتابع: «جنيف متوقفة منذ عامين، وما يجري حاليا هو محاولة إحياء العملية السياسية في جنيف بقناعة أن الحل السياسي في جنيف برعاية الأمم المتحدة من أجل تطبيق بيان 1 وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، على رأسها القرار 2254، والقرار 2118» مؤكدا أنه إذا تشكلت اللجنة الدستورية فستكون دفعة كبيرة للعملية السياسية في جنيف وتتلوها خطوات أخرى لتطبيق كامل للقرارات الدولية.
ورحب بكل ما من شأنه، أن يساهم في دعم العملية السياسية في جنيف أي خطوة في هذا الإطار، ولكن المرفوض حتما أي مسار ينافس جنيف أو يسعى إلى إبدال جنيف، معتقدا أن جميع الأطراف التي سعت لهذه الخطوة من معسكر النظام، تعي جيدا لا يمكن أن يوافق المجتمع الدولي ولا حتى مشاركة من المعارضة إلا في المسار الذي تراه الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
المصدر: الشرق الاوسط