تنعقد في العاصمة التركية أنقرة، الإثنين، قمة رئاسية للدول الضامنة لمسار أستانة، فيما يُشبه قمة “المأزومين”، نظراً للأزمات التي تمر بها كل من روسيا وإيران وتركيا على المستويين الداخلي والخارجي.
وتأتي القمة الثلاثية، التي ستبحث الملف السوري؛ إدلب واللجنة الدستورية، بعد أيام من لقاء جمع مندوبي “المجموعة المصغرة” بحضور رئيس هيئة التفاوض نصر الحريري، الذي انتقد صمت المجموعة أمام الانتهاكات التي يرتكبها النظام والروس في إدلب. وقالت مصادر خاصة، لـ”المدن”، إن المندوب الفرنسي طرح خلال لقاء المجموعة فكرة تجاوز اللجنة الدستورية التي طال انتظارها، والذهاب إلى انتخابات مباشرة. إلا أن المصادر أشارت إلى إن ذلك الطرح كان ارتجالياً، ورفضه الجانب الأميركي وممثلو بقية الدول، وكذلك هيئة التفاوض السورية.
وقال الناطق الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية يحيى العريضي، لـ”المدن”، إن قمة أنقرة، هي “قمة مأزومين”؛ فروسيا بعد اهتزاز اتفاق سوتشي وخرقها له تخشى خسارة “حليف الاضطرار” تركيا التي يلومها البعض بخسارة بعض الجغرافيا في منطقة خفض التصعيد الرابعة. وإيران المحاصرة أميركياً، والمهتزة والمخنوقة اقتصادياً، تتنفس عبر الابتزاز والعبث في محيطها، وهي تستشعر اهتزاز العلاقة بينها وبين روسيا في سوريا.
وعدّ العريضي أن الدول الثلاث “عملياً” تبحث عن “منجز سياسي من نوع ما، وعلى الساحة السورية حصراً”، ورج أن تكون الفرصة “مهيأة أمام هذه الدول”، إذ سيكون من نتائج هذه القمة “توافق نهائي على اللجنة الدستورية، يستبق إعلان المبعوث الدولي غير بيدرسن.”
وأشار العريضي إلى أن الدول الثلاثة “لديها مشاكل مع أميركا، ولديها مشاكلها الداخلية والإقليمية، وليس أمامها إلا أن تخرج بنتائج إيجابية. وإلى أي مدى سيكون لهذه الإيجابية انعكاس على سوريا، فهذا أمر غير واضح”، وأوضح: “إذا بقوا في عالم التكتيك، فسيحافظون على الدوار في الفراغ، إذ لن يجلب لهم ذلك إلا المزيد من الأزمات.”
وكان وفد روسي برئاسة المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرينتييف، قد التقى الأحد، بشار الأسد، لإطلاعه على “جدول أعمال اجتماع رؤساء الدول الضامنة” في أنقرة. وذكر النظام في بيان أن الوفد الروسي أكد خلال لقائه الأسد أنه “انطلاقا من الشراكة الاستراتيجية التي تربط البلدين فإن موسكو عازمة على الاستمرار بالعمل مع دمشق للتخفيف من الآثار الناجمة عن الحرب الإرهابية المستمرة على الشعب السوري، بالتزامن مع العمل على مكافحة الإرهاب وتطهير الأراضي السورية كافة.”
مصادر “المدن”، قالت إن الزيارة الروسية إلى دمشق قبل انعقاد القمة بيوم واحد، تأتي في إطار التباحث حول قرار النظام النهائي بخصوص تشكيل اللجنة الدستورية. فالنظام لم يعلن قبوله رسمياً حتى اللحظة عن قبوله باللجنة، وبيدرسن ينتظر موافقة النظام عليها حتى يزور دمشق.
وأشارت مصادر “المدن” إلى أن الروس يريدون جواباً نهائياً يتضمن قبول النظام بتشكيل اللجنة، لتسجيل إنجاز في البيان الختامي لقمة أنقرة، ما يكسر حالة الجمود في الجهود الروسية التركية الإيرانية من جهة، ويُعطي لمسار أستانة دفعة جديدة من الأهمية.
وعَلمت “المدن” أن ما طرحه المندوب الفرنسي في اجتماع “المجموعة المصغرة”، الخميس الماضي في جنيف، بخصوص تجاوز اللجنة الدستورية والذهاب نحو الانتخابات، كان لخلق نوع جديد من الضغط على النظام والروس للتحرك. كما وعد أعضاء المجموعة المصغرة بتكثيف الضغط على النظام والروس لدفع عملية التسوية السياسية في سوريا نحو الأمام.
في السياق، قالت هيئة التفاوض السورية في بيان لها، الأحد، إنها “أكدت على ضرورة تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته في شمال غرب سوريا، وتقديم المساعدات والضغط على روسيا لوقف العدوان ضد المدنيين في المنطقة.”
وذكر البيان أن رئيس هيئة التفاوض قال إن “الحرب على إدلب التي يشنها النظام والروس ليست حرباً ضد الإرهاب، وإنما ضد المدنيين الآمنين”، موضحاً أن “الجميع يعلم عدم قدرة النظام على شنّ أي عمل عسكري لولا تدخل المليشيات، والدعم الجوي الروسي.”
وأكد الحريري أن “هيئة التفاوض تتعاون بكل إيجابية مع المبعوث بيدرسن، في ما يخص اللجنة الدستورية”، لكنه عقّب أن “النظام ما يزال يضع العراقيل أمام تشكيلها”، وتابع: “سنستمر بمنهجيتنا، لأننا نعتبر أن اللجنة ستكون مفتاحاً للحل السياسي وفقاً للقرارات الدولية ذات الشأن، وعلى رأسها القرار 2254”
المصدر: المدن