علي بردى
رفضت الولايات المتحدة وروسيا الاستجابة لمطالب عدد من بقية الدول في مجلس الأمن، بالتنديد بالحملة التي تنفذها تركيا ضد الجماعات الكردية المسلحة في شمال شرقي سوريا. غير أن الأعضاء الـ 15 توافقوا على التعبير عن «القلق» من العمليات العسكرية، مع التشديد على «احترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها».
وبطلب من كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وبولونيا وبلجيكا عقد مجلس الأمن جلسة مغلقة الخميس تحت بند «ما يستجد من أعمال» لمناقشة الوضع في شمال شرقي سوريا. وأفاد دبلوماسيون أن «التباينات واضحة في المواقف» حيال ما يمكن القيام به في أرفع المحافل الدولية لصنع القرار. وأوضح دبلوماسي لـ«الشرق الأوسط» أنه «نزولاً عند رغبة الدول الأوروبية والكويت (العضو العربي الوحيد في المجلس)، أعدت الولايات المتحدة نقاطاً غير رسمية يمكن أن تعد موقفاً موحداً في مجلس الأمن من التطورات العسكرية في سوريا»، ملاحظاً أن «كلاً من الولايات المتحدة وروسيا، ولأسباب مختلفة، تتجنب اتخاذ أي موقف يمكن أن يثير غضب تركيا، وهذا يشمل التنديد». وأضاف أن «هناك حسابات مختلفة لكل من هذه الدول في شأن كيفية التعامل مع التطورات بعد الفراغ الناجم عن انسحاب القوات الأميركية». وشدد على أن «الجميع داخل المجلس يؤيدون احترام سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها».
وعلى المنوال ذاته، تجنب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش استخدام عبارة «التنديد» في شأن العمليات العسكرية التركية على الأراضي السورية. وقال الناطق باسم المنظمة الدولية فرحان حق إن الأمين العام يعبر مجدداً عن «القلق» من التطورات الأخيرة، مشدداً على أن «أي عملية عسكرية ينبغي أن تحترم بالكامل ميثاق الأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي»، بالإضافة إلى أنه «ينبغي حماية المدنيين والمناطق السكنية بما يتوافق مع القانون الدولي». وشدد غوتيريش على أن «الحلول العسكرية للنزاع في سوريا لن تؤدي إلى أي نتائج»، بل إن الحل «يكون عبر عملية سياسية شاملة وموثوقة استناداً إلى القرار 2254. وما دون ذلك فلن يؤدي إلى حل طويل الأمد».
وقال حق إنه فيما يتعلق بالوضع الإنساني فإن «طواقم الأمم المتحدة أثبتت قدرتها على التعامل مع الأزمات في أوقات متعددة كما كان الوضع في حلب وجنوب سوريا وإدلب. ويمكن للطواقم أن تكون على أهبة الاستعداد لأي طارئ على الحدود الشمالية إذا توفرت الممرات الإنسانية المطلوبة للاستجابة للتطورات». وأوضح أن «الوقت حان للحكومات والقوى في المنطقة كي تصغي إلى الحل المنطقي الوحيد ألا وهو الحل الدبلوماسي الذي تسعى من خلاله الأمم المتحدة إلى إنهاء الأزمة في سوريا»، مشيراً إلى الجهود التي يبذلها المبعوث الخاص غير بيدرسون. وأضاف أن «كل العمليات العسكرية خلال السنوات الثماني الماضية أثبتت فشلها ولم تحل المشكلة، ولن تحلها. ولذا، على الأطراف أن تجلس سوية وتحل القضية بطرق دبلوماسية وسنواصل الحث على ذلك». وعشية انعقاد هذه الجلسة، وجه المندوب التركي الدائم لدى الأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو رسالة إلى مجلس الأمن، ضمنها «توضيحات» في شأن العملية العسكرية التركية في سوريا. وقال إنها جاءت «وفقاً لحق تركيا في الدفاع عن النفس»، فضلاً عن «التصدي للخطر الإرهابي الدائم وضمان أمن حدود تركيا ومن أجل تحييد الإرهابيين الذين ينشطون انطلاقاً من المناطق المتاخمة للحدود التركية». وأعلن أن الهدف هو «تحرير سوريا من الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني وتنظيم داعش». وعبر عن «أسف» بلاده لعدم التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة حول إقامة «مناطق آمنة» على الحدود السورية – التركية. واعتبر أن العميات العسكرية تستند إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، فضلاً عن اتفاقية أضنة الموقعة مع سوريا عام 1998، مؤكداً أن تركيا تقوم بهذه العملية «ضمن رفضها لأي محاولات انفصال تهدف إلى النيل من وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها». ولفت إلى أن تركيا «ترغب في ضمان العودة الطوعية والآمنة للاجئين السوريين إلى أراضيهم أو أي مكان يختارونه داخل سوريا».
في غضون ذلك، حذرت مجموعة من 14 وكالة إغاثة دولية من الأزمة الإنسانية المتصاعدة في شمال شرقي سوريا. وأفادت في بيان وزع في نيويورك أن «المدنيين في خطر مع تصاعد العنف وتعليق العمل الإنساني» في المنطقة. وأضافت أن ما يقدر بنحو 450 ألف شخص يعيشون على مسافة خمسة كيلومترات من الحدود السورية – التركية «وهم معرضون للخطر إذا لم تقم كل الأطراف ممارسة أقصى درجات ضبط النفس». وأضافت أن هناك بالفعل أكثر من 90 ألف نازح داخلي في المنطقة وعشرات الآلاف من المقاتلين الذين لديهم أسر محتجزة في المخيمات ومراكز الاحتجاز. ومن المنظمات التي وقعت على البيان «أطباء بلا حدود» و«أوكسفام» والمجلس النرويجي للاجئين.
المصدر: الشرق الاوسط