أحمد مظهر سعدو
تتوسع المساحة التي تسيطر عليها قوات الاتحاد الروسي في سورية، وتتمدد شمالًا وجنوبًا، شرقًا وغربًا، حتى بات الوطن السوري مستباحًا بكليته، تارة من الروس، وأخرى من الإيرانيين، وثالثة من الأميركان، بينما يستمر النظام السوري/ العصابة، في سياق حديثه عن السيادة الوطنية، ممعنًا في بيعه للوطن قطعة إثر قطعة للغادي والصادي، دون وازع من وطنية سورية، أو قيم أخلاقية، وهو من تخلى عنها منذ اعتلى دفة الحكم وخطف سورية الوطن والجغرافيا، من أهلها.
حيث تشهد سورية اليوم مزيدًا من بيع الوطن، في محاولة من هذا النظام، لاستجلاب كل شذاذ الآفاق، لحمايته من سقوط كاد أن يكون مدويًا، لولا نجدة الروس، وقبلهم الإيرانيين وميليشياتهم الطائفية. في شرق الفرات، وليس بعيدًا عن احتلالات الأميركان لمناطق النفط السوري، يُسلم الأسد مطار القامشلي وما حوله للروس، ضمن معلومات باتت شبه معلنة لعقد اتفاقات جديدة مع الدولة الروسية لمدة 49 عامًا لتسليمهم المطار، استخدامًا منهم له كقاعدة عسكرية كبيرة، بعد أن كان الروس سماسرة متمكنين لإعادة الود بين قسد والأسد، إذ لا فرق بينهما لدى الشعب السوري الذي عانى منهما بنفس الطريقة والنهج الإرهابيين.
فقد أفادت معلومات أن موسكو ” تجري حوارًا مع دمشق لتوقيع اتفاق يضمن وجودًا دائمًا في مطار القامشلي، على غرار الاتفاقيتين اللتين تنظمان الوجود الروسي في قاعدة «حميميم» ومركز طرطوس البحري، الذي تقوم موسكو حاليًا بتطويره وتوسيعه ليتحول إلى قاعدة بحرية مجهزة لاستقبال السفن الضخمة. ويقول الروس إن التطور في القامشلي «يلبي حاجات لوجستية موضوعية»، نظرًا إلى أن نقل المروحيات التي تشارك في الدوريات من حميميم إلى المنطقة سيكون مكلفًا ومحاطًا بصعوبات، ما يعني حاجة موسكو إلى مركز انطلاق جوي لتأمين مروحياتها وتقليص التكلفة والجهد”. وقد بادرت صحيفة اشراق وطرحت السؤال على بعض السياسيين والكتاب كيف ينظرون إلى هذا التطور في الوجود العسكري الروسي؟ وهل بات شرق الفرات تحت الهيمنة الروسية، بالتوافق مع الأميركان، أم في مواجهته؟
الكاتب السوري والإعلامي علاء الدين حسو مدير راديو فجر قال: ” القضية ليست قضية شرق الفرات ولا توزيع أدوار، وإنما توافق تركي أميركي روسي على منع إيران من أن تكون في شرق الفرات، لأن النظام لا يملك أي شيء لإدارة وحماية تلك المنطقة، إلا من خلال مرتزقة إيران التي تدفع لهم المال. لذلك هي عملية إدارة عامة ومنح روسيا دعمًا لتكون الوصية على سورية التي هي بيد النظام.”. وتابع حسو يقول: ” وأقصد بذلك الأراضي السورية التي هي تحت يد النظام. لأن أميركا حسمت الأمر حين وضعت يدها على منابع النفط، وتركت حراسة الحدود ومشاكلها وعبئ ذلك على تركيا وروسيا، شرط أن لا يكون لإيران دورًا فيه، والدليل هو انزياح محور اهتمامها نحو حدود سورية مع العراق في شمال شرق الفرات”.
أما السيد منصور الأتاسي رئيس حزب اليسار الديمقراطي السوري فقال لإشراق ” هدف الروس في كل ممارساتهم السياسية والعسكرية في سورية هو توسيع سيطرتهم على المناطق الرئيسية والمهمة بالمعنى العسكري والسياسي، وكل ما توسعت سيطرتهم على مناطق جديدة في سورية كلما ازداد دورهم وخصوصًا في الصراع الخفي بين روسيا وإيران، فكما نلاحظ أن النفوذ الإيراني في سورية بدأ يتراجع وهناك عدة ملاحظات واضحة عن تراجع النفوذ الإيراني في سورية منها على سبيل المثال وليس الحصر لقاء القمة التركي الروسي والذي تجاهل حليفهم الثالث في أستانة وهم الإيرانيين. وأيضا فهناك وضوح في الوصول لتفاهم روسي أميركي حول سيطرة الروس على مناطق هامة ينسحب منها الأميركان، وكل ما فعله الروس حتى الآن هو الحلول مكان الأميركان في عدد من القواعد العسكرية التي انسحب منها الأميركان” ثم أضاف ” أعتقد أن التفاهم الحاصل بين البلدين مرتبط بالموقف من داعش ومن تهريب أسلحة إيرانية من العراق إلى سورية ولبنان. وهذا التفاهم بين الأميركان والروس موجود في سورية منذ الدخول العسكري الروسي إلى سورية عام ٢٠١٥ ولولا هذا التفاهم لما استطاع الروس الدخول إلى سورية، ويرتبط أيضًا بالاعتراف الأميركي بالدور الروسي في سورية، وتكليفها بتنفيذ قرارات الأمم المتحدة حسب ما يناسب وجودها ومصلحتها. وأعتقد أن الروس سيكونون احتياطًا للأميركان في الدفاع عن قوات قسد في حال الانسحاب الأميركي الكامل من سورية”.
المعارض السوري السيد نعمان حلاوة يرى أن ” المشهد السياسي السوري من أكثر المشاهد المعقدة والشائكة والعصية على الفهم أحيانًا، يدلل على ذلك تعدد الجهات الأجنبية المتواجدة على بقعة صغيرة نسبيًا كروسيا وإيران والولايات المتحدة الأميركية وجهات أخرى تسعى لأن يكون لها موطئ قدم في سورية والتي جميعها قد تتعارض مصالحًا أحيانًا وتتفق أحيانًا وتتبادل الأدوار والمواقع حسب ما يقرره هؤلاء اللاعبون بالورقة السورية.” ثم قال ” المنطقة الآمنة التي أقامها الأتراك في الشمال السوري على حساب ” قسد ” أدت الى إلى تغيير في مواقع القوى على الأرض والتواجد الروسي في القامشلي يأتي بالضرورة وكحاجة لوجستية، وباعتبار أن روسيا طرف من أطراف الاتفاق على المنطقة الآمنة. وكذلك انسحاب القوات الأميركية من بعض المناطق والتخلي عن دعم الأكراد فيها، هو في سياق الاتفاق نفسه وبالتزامن معه وتمهيدًا له وهذا يفسر التنسيق عالي المستوى بين روسيا وأميركا في منطقة شرق الفرات. روسيا تسعى إلى تثبيت الوجود طويل الأمد في سورية ولكن دون أن تضع نفسها في مواجهة مع الادارة الأميركية التي ما زالت مترددة في شكل وطريقة تواجدها في سورية”.
الأكاديمي السوري الدكتور محمد نور حمدان رأى أن ” هذه الاتفاقيات هي بيع المطارات لروسيا بشكل قانوني وهو شرعنة للاحتلال الروسي لسورية كاملة تحت ذريعة قانونية ومشروعة، ما تريده روسيا من بشار الأسد ينفذه بالحرف، فهو يوقع تحت مسمى رئيس سورية، وعندما يبيع كافة المطارات، عندها ستتخلص منه.” ثم قال ” بشار يدفع فواتير البقاء في سلطته لروسيا من أملاك الشعب وأموالهم، وهو لا يمانع أن يبيع سورية كاملة، مقابل بقائه في قصر المهاجرين بدمشق. يتوجب على القانونيين رفع دعوى أمام الأمم المتحدة للطعن في هذه الاتفاقيات، وبعد الاتفاقيات الجديدة والتطورات العسكرية، واضح أنه يوجد اتفاق روسي أميركي على اقتسام المناطق، وما تريده أميركا أخذته، وهو حقول النفط، ولا مانع عندها من إعطاء باقي المناطق لروسيا”.
المصدر: اشراق